العدسة _ باسم الشجاعي

في السياسة مبدأ يقول: “إذا أردت أن تعرف الفاعل فتش عن المستفيد”!.. هذا هو ملخص ما حدث اليوم، مع رئيس الحكومة الفلسطينية، “رامي الحمدالله”، الذي تم استهداف موكبه بمنطقة بيت حانون عقب دخوله قطاع غزة.

وكانت شهدت مدينة غزة انفجارًا وقع أثناء مرور الموكب الذي يقلّ رئيس الوزراء الفلسطيني والوفد المرافق له، عقب وصولهم للقطاع، في منطقة بيت حانون “شمالاً”، صباح اليوم “الثلاثاء”، دون أن يسفر عن وقوع إصابات.

وذكرت وزارة الداخلية الفلسطينية (تديرها حركة حماس) بقطاع غزة،–في بيان لها– أن “الموكب استمر في طريقه لاستكمال افتتاح محطة تحلية المياه شمالي القطاع، وأنها فتحت تحقيقًا لمعرفة ملابسات الحادث”.

“حماس” في مرمى الاتهام

ولكن الاتهامات الجاهزة لحركة المقاومة الإسلامية “حماس” في قطاع غزة بالوقوف وراء الحادث، أكثر سرعة من مجريات التحقيق التي باشرتها الأجهزة الأمنية، بالرغم من استنكار كافة الفصائل الفلسطينية، وعلى رأسها “حماس”، لمحاولة تفجير موكب “الحمد الله”، وتأكيدها أن الاحتلال الإسرائيلي هو المستفيد الوحيد من محاولة التفجير.

وكان أول من اتهم “حماس”، “حسين الشيخ“، عضو اللجنة المركزية لحركة “فتح”، قائلا: “حركة فتح تحمّل حماس المسؤولية الكاملة عن تفجير موكب رئيس الوزراء ورئيس المخابرات”، وذلك بعد خمس دقائق فقط من الهجوم.

الأمر لم يقف عند هذا الحد وحسب، بل تواصلت الاتهامات ضد “حماس”؛ حيث قال “أسامة القواسمي“، الناطق باسم حركة “فتح”، في تصريح مقتضب: ” نحمل حركة حماس المسؤولية الكاملة في الاعتداء على موكب رئيس الوزراء”.

كما، قال “عدنان الضميري“، الناطق باسم أجهزة أمن السلطة بالضفة المحتلة: “حماس جهة مشتبه بها في هذا الاعتداء”.

“حماس” تردّ

“حماس”، لم تقف مكتوفة الأيدي حيال اتهامات “فتح”؛ حيث أدانت الحركة استهداف موكب رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله في قطاع غزة، واستنكرت في الوقت نفسه “الاتهامات الجاهزة” من الرئاسة الفلسطينية للحركة.

وقال الناطق باسم الحركة “فوزي برهوم”، في تصريح صحفي، إن هذه “الجريمة جزء لا يتجزأ من محاولات العبث بأمن قطاع غزة، وضرب أي جهود لتحقيق الوحدة والمصالحة”.

“برهوم” أكد أن مَن استهدف موكب “الحمد الله”، هي الأيدي ذاتها التي اغتالت الشهيد “مازن فقها” وحاولت اغتيال اللواء “توفيق أبو نعيم”.

مشهد متكرر

محاولة تفجير موكب “الحمد الله”، اليوم، يعيد للأذهان مشهد محاولة اغتيال اللواء “توفيق أبو نعيم” مسؤول قوى الأمن في قطاع غزة، قبل نحو خمسة أشهر.

فثمة عامل مشترك ومستفيد أوحد بين ما حدث في الماضي وما حدث اليوم، فمحاولة اغتيال “أبو نعيم” جاءت بعد أسابيع قليلة من اتفاق المصالحة الفلسطينية بين حركتي “فتح وحماس”.

كما أن حادث “الحمد الله”، يأتي بعد تمكن الوفد الأمني المصري خلال زيارته الأخيرة، والمتواجد هناك حاليا في قطاع غزة، مِن إحداث انفراجة في ملف المصالحة، وجلبه مقترحات جديدة بخصوص الجباية والأمن والموظفين.

 

واللافت في الأمر أن هناك عاملا مشتركا بين الوقعتين والأكثر “غرابة”؛ وهو مسارعة إعلام السلطة في الضفة الغربية وحركة “فتح” بتحميل حركة حماس مسؤولية الحادث وتدبيره، وتوجيه أصابع الاتهام للحركة، وذلك للضغط عليها في بعض الملفات العالقة، وعلى رأسها “سلاح المقاومة”.

أصابع إسرائيل تعبث

ولكن من المؤكد أن الحادثين يراد بهما ضرب الأمن في قطاع غزة بالتزامن مع أجواء المصالحة في الشارع الفلسطيني، ليضرب بذلك عصفورين بحجر واحد، وهذا ما أكده مراقبون ومحللون سياسيون فلسطينيون.

هذا ما أكده الكاتب والمحلل السياسي، “تيسير محيسن”، قائلًا إن “من يقف وراء الانفجار هو جهة لا تريد للمصالحة الفلسطينية أن تستمر، وتريد خلق عوائق أمام إتمامها، كما تريد هذا الجهة أن تُوجد حالة من الصراع بين طرفي الانقسام، والتي بدأت بالفعل من خلال تبادل الاتهامات، والاتهامات المضادة، وتحميل “حماس” المسؤولية عن التفجير، ورد الأخيرة على ذلك”.

وعن جهة المستفيدة من الحادث، قال الكاتب السياسي، “أكرم عطا الله”: إن “إسرائيل هي المستفيد الأول من هذا التفجير، وأول أصابع الاتهام تتجه إليها، فضلا عن العديد من الجهات الأخرى، مثل مجموعات متطرفة، أو أطراف داخل الفصائل الفلسطينية ذاتها، ترى أن المصالحة ليست في صالح أهدافها وسياساتها”.

المصالحة الهدف الرئيسي

واستبعد “عطاالله و محيسن”، أن يكون رئيس الوزراء هو المستهدف بشكل مباشر، ولكنهما أشارا إلى أن المصالحة الفلسطينية هي المستهدفة، وذلك قد تحقق بالفعل، بمغادرة الوفد سريعا إلى الضفة الغربية؛ حيث غادر “رامي الحمد الله” قطاع غزة، عبر معبر بيت حانون (إيريز)، بعد أقل من ساعتين على وصوله.

ومن المتوقع أن يحدّ التفجير من زيارة الوزراء الفلسطينيين إلى قطاع غزة، وأن الفترة المقبلة ستشهد حالة من الجمود في ملفات إنهاء الانقسام.

وخاصة أن مساعي تحقيق المصالحة تشهد جمودا بسبب عدد من الخلافات؛ حيث تقول الحكومة في “رام الله” إنها لم تتمكن من القيام بمهامها في القطاع، فيما تنفي “حماس” ذلك، وتتهم الحكومة بالتلكؤ في تنفيذ تفاهمات المصالحة.

غضب إلكتروني

رواد منصات التواصل الاجتماعي، سرعان ما تفاعلوا مع حادث تفجير موكب “الحمد الله”، إلاَّ أن أغلبهم وصف الحادث بـ “المسرحية”، وفق ما رصد موقع “العدسة”.

وعبّر آخرون عن استغرابهم من تحميل حركة “حماس” المسؤولية، بعد مرور 3 دقائق من الحادث، في حين مر أكثر من 15 عامًا على اغتيال الرئيس الراحل “ياسر عرفات”، وعجزت حركة “فتح” والسلطة في الضفة الغربية للوصول للقاتل.