العدسة – باسم الشجاعي
تدور أحاديث في الشارع السياسي العراقي والرسمي، عن أن وليّ العهد السعودي، الأمير الطامح لكرسي العرش “محمد بن سلمان”، سيزور بغداد- ودون تحديد موعد-، ويطلق خلال زيارته حزمة مشاريع ويلتقي بمسؤولين وسياسيين عراقيين.
ولكن على المستوى الشعبي كان الأمر مختلفا تماما؛ حيث أطلق عدد نشطاء منصات التواصل الاجتماعي، وسم “#لا_هلا_ولا_مرحبا”، والذي وصل لقائمة لأكثر تداولاً- الترند- في العراق، بعد ساعات من تدشينه.
ورفض المغردون، الزيارة المرتقبة لـ”ابن سلمان”، إلى العراق، واتهموه ونظامه بالتسبب في إسقاط آلاف القتلى من العراقيين المدنيين، خلال السنوات الماضية وتحديدا مارس 2015، والتي تدور بين القوات الموالية للحكومة الشرعية، مدعومة بتحالف عربي تقوده الرياض، من جهة، ومسلحي جماعة “أنصار الله” (الحوثيين).
وأدَّت الحرب إلى نتائج كارثية في القطاع الصحي؛ إذ يفتقد 16 مليون شخص (من أصل أكثر من 27 مليون نسمة) للرعاية الصحية، كما يعاني 1.5 مليون طفل من سوء التغذية، فيما يعاني 17 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي، وبات 50% من المرافق الصحية مغلقة جزئيًا أو كليًا.
العراق تلفظه
وعبر وسم “#لا_هلا_ولا_مرحبا“ والذي كان أغلبه حسابات ذات مرجعية شيعية، غرد “علي الساعدي” على موقع “تويتر”، قائلًا: “#لا_هلا_ولا_مرحبا.. الذي قتل أبناء بلدي.. نرفض رفضا قاطعا للدب الداشر لزيارة العراق ولا نرحب بأشباه الرجال”.
أما “حسين الشمري“، فغرد أيضا، وقال: “من قتل نفسا بغير ذنب كأنما قتل الناس جميعا”، وذيلها بصورة ولي العهد السعودي الأمير “محمد بن سلمان”.
فيما كتبت “شهد الحساني“: “لو أتيح للشهداء النهوض من مقبرة النجف لخرجوا مؤتزرين أكفانهم وأغلقوا الطريق لمنع “بن سلمان” من تدنيس أرض النجف الأشرف لأنهم أشد من ذاق مرارة إرهابه وداعشه وتفجيراته ومفخخاته”.
حساب آخر يدعى الشيخ “حسن التريكي“، عبر استيائه عن الزيارة، قائلًا: “لا أدري أي مخلوقات تلك التي تعض اليد التي ساعدتها، وتقبل اليد التي قتلتها”.
“بشار الشمري“، غرد أيضًا عبر الوسم الرافض لزيارة “ابن سلمان”، قائلًا: “لغاية الان لم يستطع إقناع شعبه فكيف به ان يقنع الشعب العراقي #لا_هلا_ولا_مرحبا”
بينما طالب الخبير والمحلل السياسي “نجاح محمد علي”، السلطات العراقية باعتقال ولي العهد السعودي “محمد بن سلمان” خلال زيارته المتوقعة لبغداد بتهمة ارتكاب جرائم حرب.
وقال “علي” في تدوينة له عبر حسابه بـ”تويتر”:” تلهث #السعودية خلف #العراق لتحسين العلاقة معه وهي التي أرسلت 6000 انتحاري ارهابي فجروا أنفسهم في العراق، ولديها 400 سجين مدانين بالارهاب. محمد بن سلمان يعتزم زيارة بغداد والنجف وهي فرصة لاعتقاله بتهمة ارتكاب جرائم حرب في #العراق و #إليمن و #سوريا و #البحرين و #لبنان و #ليبيا”.
ليست المرة الأولى
الرفض الشعبي لزيارة ولي العهد السعودي، ليس الأول من نوعه؛ حيث سبق وأن قاد عدد من منظمات المجتمع المدني في لندن حملة شعبية لرفض زيارته إلى بريطانيا، والتي تسببت في تأجليها مرتين.
وهذا ما دفع السعودية بحسب ما كشف موقع “العدسة“، في وقت سابق، لحجز 3 فنادق لمدة 3 أيام، لعدد من المأجورين للخروج في تظاهرات للترحيب بولي العهد الأمير “محمد بن سلمان”، أثناء زيارته لندن.
وذلك بعد أن أنفقت السعودية فيها ملايين الدولارات لتلميع صورتها، والتغطية على سجلها الإجرامي ضد حقوق الإنسان، وتعزيز مصالحها في بريطانيا، والتي جاءت بنتيجة عكسية.
ومقابل استقبال “ابن سلمان” في لندن وغض الطرف عن الاحتجاجات الشعبية، وقع ولي العهد السعودي اتفاقيات بقيمة 65 مليار جنيه إسترليني (90.29 مليار دولار)، لتعزيز روابط التجارة والاستثمار في الأعوام القادمة.
ما الذي يريده “ابن سلمان”؟
زيارة ولي العهد السعودي للعراق، ليست انفتاحًا سياسيًا أو اقتصاديًا، كما يروج لها في البيانات شبه الرسمية، بل أوامر أمريكية تنفذها الرياض، كون واشنطن أوعزت لـ”ابن سلمان” بتغيير سياستها تجاه بغداد, هذا ما أكدته النائب عن التحالف الوطني في العراق “عواطف نعمة“.
وتكثّف السعودية، منذ فترة ليست بقصيرة، مساعيها في النفاذ إلى العراق عمومًا، والمحافظات الجنوبية منه خصوصًا، عبر سلسلة خطوات ومشاريع تُشتمّ منها رائحة “الحرب الناعمة”، من الدعم المالي إلى المشاريع الاستثمارية والتجارية إلى الرياضة والإعلام وحتى الشعر، تحاول المملكة التغلغل داخل النسيج العراقي، بعدما آلت خططها السابقة لمواجهة “النفوذ الإيراني” في هذا البلد إلى الفشل.
كما أن المستهدف بتلك المساعي من قبل ولي العهد السعوي تجاه التقرب من العراق، البصرة، ثالثة أكبر مدينة في البلاد، والعاصمة الاقتصادية للعراق التي يقع فيها بعض أهم حقول النفط، والتي تجمعها حدود مع السعودية من جهتها الجنوبية.
لنا شروطنا
ومع انتشار الأخبار حول زيارة ولي العهد السعودي الأمير “محمد بن سلمان”، إلى العراق، بداية الشهر المقبل “أبريل”، بدأ الجميع في بغداد للحديث عن شروطه للقبول بالزيارة.
البداية مع الأمين العام لحركة “عصائب أهل الحق”, “قيس الخزعلي“، الذي قال “اذا أرادت السعودية فتح صفحة جديدة مع العراق، فعليها أن تدفع ثمن وتعويض كل ما تسبب به من أذى للشعب العراقي” (دون أن يوضح).
أما حزب الدعوة الإسلامية، الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء العراقي “حيدر العبادي”، فوضع عدّة شروط للترحيب بالزيارة المرتقبة.
وقال رئيس كتلة الحزب في مجلس النواب “خلف عبدالصمد”: “إذا كان الهدف من الزيارة تسليم العراق لولي العهد السعودي، الأدلة، وعدد السيارات السعودية الملغومة التي كانت لدى تنظيم الدولة الإسلامية، وأعداد الإرهابيين السعوديين الذين فجروا أنفسهم على العراقيين، وأن تدين السعودية هذه العمليات وتعوّض الضحايا، فإن الزيارة مرحب بها”.
وتابع: “أما إذا كان الهدف من الزيارة هو التغطية على كل الجرائم السابقة، فلا أهلا ولا سهلا بولي العهد السعودي في العراق”.
موقف حزب الدعوة من الزيارة، جاء مطابقاً لموقف كتلة “بدر” بزعامة النائب “هادي العامري”، التي وضعت شروطها الخاصة أيضًا؛ حيث قال النائب عن الكتلة “رزاق الحيدري”: “نحن نتطلع إلى علاقات جديدة وجيدة مع السعودية، لكن تلك العلاقة يجب أن تكون مشروطة ومبنية على حفظ مصلحة العراق وعدم التدخل في شؤونه الداخلية من قبل السعودية، فضلا عن تعهدها بقطع إمدادها المالي والفكري واللوجستي للإرهابيين”.
رعب سعودي
زيارة بلد مثل العراق من المؤكد أنها ستشكل تحديا وتخوفات كبيرة لدي وليّ العهد السعودي، وهذا ما تعكسه القوات العسكرية التي تؤمنه.
وبحسب تقرير لصيحفة “الجريدة” الكويتية، فإن “قوات النخبة من جهاز مكافحة الإرهاب، المعروف بخبرته الكبيرة وتدريبه الأمريكي، تنتشر في بغداد والنجف مع ضباط جهاز المخابرات العراقي، لتأمين المواقع التي يفترض أن يزورها “محمد بن سلمان” والوفد المرافق له، فضلا عن أن “مواعيد الزيارة تحاط بالسرية في العادة، نظراً للظروف الأمنية الاستثنائية”.
اضف تعليقا