العدسة – ربى الطاهر

فجر كتاب جديد يتناول الكثير من أسرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أزمة سياسية لم يستطع “ترامب” مواجهتها وكان الكتاب الذي طرح في الأسواق منذ عدة أيام يصور الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على أنه غير متطلع، وغير ملائم لتولي مهام منصبه..

وفي محاولة فاشلة اجتهد الرئيس الأمريكي لمنع نشر هذا الكتاب إلا أنه في خطوة أسبق تم بالفعل نشره وتداوله.. الأمر الذي كشف الكثير عن السنة الأولى التي قضاها “ترامب” في الرئاسة، موثقا بمقابلات مع شخصيات مقربة منه، ولعل أهمها كان مع  ستيف بانون، كبير مستشاري البيت الأبيض السابق، والذي كان بمثابة الذراع اليمني لترامب، واتهم بانون فيها إدارة “ترامب” بالخيانة وانعدام الوطنية.. في تغيير أذهل الجميع لينضم بذلك  إلى صفوف أعداء دونالد ترامب.

وقد حقق كتاب “نار وغضب داخل بيت ترامب الأبيض”، أرقاما قياسية في مبيعات اليوم الأول لطرحه للجمهور،  وتربع الكتاب على عرش مبيعات الكتب في موقع أمازون، ووصف “ترامب” الكاتب “بالفاشل”.

وبالرغم من تلك التهديدات التي أطلقها محامي “ترامب” باللجوء  إلى القضاء لمنع توزيع الكتاب والذي ادعى الرئيس الأمريكي أنه اعتمد على مصادر غير موجودة أصلا وأنه مليء بالأكاذيب.. فإن الناشر لم يعر ذلك اهتماما وبدأ في بيع الكتاب على نطاق واسع، حيث قام بالترويج له قبل عدة أيام من خلال نشره لبعض المقتطفات على الإنترنت.

تهديدات لمنع النشر

كتاب نار و غضب

كتاب نار و غضب

 

وكان بانون قد استقبل رسالة من تشارلز هاردر محامي “ترامب” يتهمه فيها بانتهاك اتفاق عدم الكشف عن معلومات، بعدما تحدث  إلى مؤلف كتاب “نار وغضب داخل بيت ترامب الأبيض”، وقال فيها: “انتهكتم الاتفاق باتصالكم بالمؤلف مايكل وولف، بشأن “ترامب” وأفراد أسرته وحملته الرئاسية”، واتهم بانون أيضا: “بالكشف عن معلومات سرية لمؤلف الكتاب والإدلاء بتصريحات تنطوي على ذم، وفي بعض الحالات تصريحات تشهيرية صريحة، من المؤلف بحق “ترامب” وأفراد أسرته” وأمره بالتوقف عن ذلك.

ونشرت صحف عالمية مقتطفات من الكتاب التي كشفت عن العديد من المفاجآت منذ اللحظة الأولى التي أعلن فيها عن فوز “ترامب” بالرئاسة وأشير كذلك  إلى الصراعات داخل البيت الأبيض، بالإضافة  إلى التحقيقات التي يجريها المستشار الخاص روبرت مولر المدير السابق لمكتب التحقيقات الفيديرالي (اف بي آي)، مع الفريق الرئاسى لترامب بشأن الاتهامات بالضلوع في التدخل الروسى بالانتخابات الرئاسية الأمريكية عام ٢٠١٦، والذى سيركز على غسيل الأموال، وتطرق الكتاب كذلك إلى معلومات تتعلق بعائلة الرئيس الأمريكي.

وكان ستيف بانون قد وصف لقاء تم بين دونالد جونيور (نجل ترامب)، وجاريدكوشنر (صهره ومستشاره) وبول مانافورت، مدير حملة “ترامب” الانتخابية، ومحامية روسية أثناء الحملة الانتخابية عام ٢٠١٦، بأنه “خيانة” وفعل “غير وطني”، ولم يتأن “ترامب” في الرد الذي جاء مندفعا وشن عليه هجوما لاذعا ووصفه بالمجنون، وقال في بيان خطي: “ستيف بانون لا علاقة له بي أو برئاستي. عندما أُقيل، لم يفقد وظيفته فحسب، إنما أيضا عقله”.

وأضاف أنه “قام بذلك فقط من أجل مصلحته”، على الرغم من الدور الذي قام به بانون من خلق جهاز إعلامي مؤيد لترامب، كما انه مهندس علاقة قطب العقارات في نيويورك باليمين القومي المتطرف.

وأورد الكتاب معلومات عن سعي إيفانكا “ترامب”، ابنة الرئيس الأمريكي، لأن تكون أول رئيسة للولايات المتحدة، وتعمل على ذلك معاونة من زوجها جاريد كوشنر مستشار الرئيس.

ويقول مؤلف الكتاب إنه لم يكن أحد من حملة “ترامب” يتوقع أنه سيفوز :”بعد الثامنة مساء بقليل ليلة الانتخابات عندما بدا أن المنحى الذي لم يكن متوقعا ويشير  إلى أن “ترامب” قد يفوز، أصبح مؤكدا، قال دون جونيور لأحد الأصدقاء أن والده، أو كما يناديه اختصارا “دي.جي.تي”، بدا كأنه شاهد شبحا، وكانت ميلانيا تذرف الدموع، وليس دموع الفرح”.

ورجح المؤلف أن الترشح كان يهدف إلى تعزيز مكانته العامة، وأضاف أن زوجته ميلانيا “ترامب” كانت أكثر من كانوا يخشون هذا الفوز.

وفي مؤتمر صحافي ردت سارة ساندرز، المتحدثة باسم البيت الأبيض: إن “الكتاب مليء بالمعلومات الكاذبة والمضللة من أشخاص ليس لديهم صلات بالبيت الأبيض أو تأثير لديه”.

كما نفت المتحدثة باسم السيدة الأولى ميلانيا ترامب، ستيفاني غريشام، أن ميلانيا ذرفت الدموع حزنا بعد الفوز في الانتخابات، وقالت في بيان: “الكتاب حتما سيباع في قسم كتب الخيال بأسعار خاصة، السيدة “ترامب” دعمت قرار زوجها الترشح للرئاسة، وشجعته على ذلك، في الحقيقة كانت واثقة من فوزه، وبغاية السعادة عندما فاز”.

اختيار المستشارين حسب الأهواء

كما يكشف الكتاب عن المعايير التي يستند إليها “ترامب” في اختيار فريقه ومستشاريه، والتي لا تخضع لأي شيء سوى أهوائه ومشاعره الشخصية، ويضيف ولعل تعيين جون بولتون مستشارا للأمن القومي أحد الأمثلة على ذلك، حيث إنه كان الشخصية المفضلة لدى روجر إيلز المدير السابق لقناة “فوكس نيوز” وأحد المقربين من “ترامب”.

وكان “إيلز” الذي رشحه  إلى بانون، باعتبار أن أحدا مثل المندوب الأميركي السابق في الأمم المتحدة جيد لإسرائيل بقدره.. ولكن بانون قال إن شارب بولتون سيمثل مشكلة حيث إن “ترامب” لا يحب الشوارب، لكنه عدل عن رأيه حين أخبر عن تلك المشكلة التي تسبب فيها بولتون بأحد الفنادق، بعد مطاردته إحدى النساء، وقال بانون: “إذا أخبرت “ترامب” بذلك قد يحصل على الوظيفة”.

ويكشف الكاتب وجهة نظر أصدقاء “ترامب” التي تصفه بأنه كان في الأسابيع الأولى من رئاسته لا يتصرّف كرئيس، ولا يعير منصبه الجديد اهتماما حتى يضبط سلوكه من تلك التغريدات الصباحية أو رفضه متابعة الملاحظات النصية أو حتى اتصالات الاستعطاف التي يجريها مع أصدقائه، وهي أشياء تناولتها الصحافة من قبل.

وأظهر الكتاب أن حياة الرئيس الأميركي لم تتغير كثيرا عما سبق، حيث كان يعيش في برج “ترامب” بشكل ربما يكون أكثر رفاهية من حياته في البيت الأبيض، فلم ينتبه إلى أنه أصبح رئيساً، ولم يكن ذلك بالأهمية الواضحة بالنسبة إليه.

وأفرد الكاتب فصلا من فصول الكتاب – خصصه لروسيا- لطرح الأسئلة حول ما إذا كان سيتم محاسبة الرئيس وعزله بعدما حكى مايكل فلين مستشار الأمن القومي السابق عن التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية، وانطلاق الأصوات بوجوب طرده، بسبب كذبه على نائب الرئيس بخصوص علاقاته مع الروس، والتي رضخ لها “ترامب” في النهاية..إلا أنه لم يفقد الثقة بفلين الذي ظل رجله، وأن اضطر  إلى إقالته.

الكتاب يحقق مبيعات قياسية

 

والمذهل أن جميع نسخ الكتاب الذي طرح للبيع في منتصف الليل قد نفذت في الساعات الأولى لطرحها، حتى إنه في العاشرة من صباح اليوم الثاني لطرحة لم تعد توجد أيّة نسخ بالكثير من المكتبات، وانتظر الكثير من الزبائن في عدد من المكتبات بالعاصمة واشنطن أدوارهم للحصول على الكتاب.

وصرح أحد الباعة بأن 30 نسخة من الكتاب بيعت بسرعة بالغة، ولم يعد في مقدوره الإجابة على طلبات شراء الكتاب عبر الهاتف، بينما ذكر أحد القراء أنه أرجأ جميع خططه لليلة الجمعة للتفرغ لقراءة الكتاب.

وعلى الرغم من محاولات منع نشر الكتاب الذي يصور “ترامب” على أنه “جبان وغير مستقر وعديم الخبرة” في تدبير شؤون الولايات المتحدة، صدر الكتاب “نار وغضب داخل بيت ترامب الأبيض”، الذي تناول الرئيس الأمريكي بانتقادات لاذعة، فيما وصف “ترامب” صاحب الكتاب بالمجنون.

ولكن أنصار بانون الرئيسيين كانوا د بدأوا بالنأي بأنفسهم عنه منذ نشر المقتطفات  حسبما ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز”.

وأوردت وكالة رويترز أن الكتاب قد حاز بالفعل على المرتبة الأولى في الكتب الأكثر مبيعا بموقع أمازون، عقب طرحه في الأسواق.