العدسة – باسم الشجاعي
تحركات الأمير الطامح للسلطة “محمد بن سلمان” الأخيرة التي بدأت بمصر وستنتهي بالولايات المتحدة الأمريكية الشهر الجاري، تؤكّد أنَّ ولي العهد السعودي يسعى لتمرير مشروع التسوية الأمريكية الإسرائيلية للقضية الفلسطينية، والمعروف إعلاميًا بـ”صفقة القرن”، والتي بات يلعب فيها الأمير السعودي دور رأس الحرب.
ولِمَ لا؟ فأوراق البيت “السعودي الجديدة” ترتّب برؤية أمريكية وتنسيق كامل من أجل صناعة أوراق القوة التي تمهّد لهذا الدور المستقبلي للرياض، ليكون ولي العهد الوكيل الأمريكي في المنطقة على الصعيد السياسي والعسكري، وذلك قبل أن تتم مبايعته ملكًا قريبًا للسعودية.
فقبل أن يتجه ولي العهد السعودي للولايات المتحدة الأمريكية، سبقه إلي البيت الأبيض رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتانياهو”، للقاء الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب”، والتي تعتبر المرة الخامسة خلال عام.
وامتدّ لقاء “نتنياهو” و”ترامب” في البيت الأبيض، مساء أمس “الثلاثاء” 6 مارس، أكثر مما هو مقرر؛ حيث استمرَّ أكثر من ساعتين.
وعكس ذلك طبيعة النقاشات التي جرت بين “نتنياهو” و”ترامب”، فقد قال رئيس الوزراء الإسرائيلي: “كرسنا قرابة نصف الوقت، بل أكثر من ذلك بقليل، للموضوع الإيراني، والنصف الآخر للقضايا الأخرى، ولم نتحدث أكثر من 15 دقيقة عن الفلسطينيين”.
ومن الطبيعي أنَّ لا يستغرق الحديث عن القضية الفلسطينية أكثر من ذلك، فقد بحث رئيس الحكومة الإسرائيلية، “بنيامين نتنياهو”، “صفقة القرن”، خلال لاجتماع الذي جمعه بصهر الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” وكبير مستشاريه “جاريد كوشنير”، والمبعوث الأمريكي لعملية التسوية في الشرق الأوسط “جيسون غرينبلات”.
ويقود “كوشنير” و”غرينبلات” إضافة إلى السفير الأمريكي لدى تل أبيب، “ديفيد فريدمان”، عملية إعداد “صفقة القرن” والتي تهدف لتصفية القضية الفلسطينية نهائيًا بمساعدة ولي العهد السعودي الأمير”محمد بن سلمان”، وذلك بالإضافة لقائد الانقلاب في مصر “عبد الفتاح السيسي”.
من الواضح أنَّ “صفقة القرن” باتت على سكة التنفيذ، فالسعودية، تمارس ضغوطًا كبيرة على رئيس السلطة الفلسطينية “محمود عباس”، للقبول بالتصور المطروح من جانب الولايات المتحدة و”إسرائيل”، ولعلَّ ذلك هو أحد الأسباب الرئيسية لزيارة ولي العهد السعودي لـواشنطن الأيام المقبلة، والتي سبقها بزيارة إلى مصر، وسبق زيارة ولي العهد وفد حركة “حماس” لبحث ملف الأزمة الفلسطينية والتي من المؤكد أنه تم طرح مشروع التسوية الأمريكية عليها، إلا أن الحركة سبق وأن أعلنت أنها ضد هذا المشروع.
الإعلان من القاهرة
وفقًا لما كشفت صحيفة الشرق الأوسط اللبنانية، فإنَّ واشنطن تنوي عرض خطتها “صفقة القرن”، في إطار مؤتمر دولي يعقد في إحدى الدول العربية ورجحت أن تكون مصر أو الأردن، ولن تكون السعودية بطبيعة الحال لأنَّ “إسرائيل” سوف تدعي إلى المؤتمر باعتبارها طرف الرئيسي، ولا يوجد بين الرياض وتل أبيب أي معاهدات سلام.
وتأكيدًا لما نشرته الصحيفة، قال مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق “عبد الله الأشعل”: إن “لديه معلومات دبلوماسية تؤكّد إعلان تفاصيل ما تسمى بخطة بـ”صفقة القرن” في شهر أبريل المقبل بالقاهرة”.
“الأشعل”، أشار أنَّ ذلك سيتزامن مع زيارة الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” للمنطقة في شهر أبريل المقبل، بسبب مشاركته في الأعياد الإسرائيلية، وفق ما أورد موقع “العرب بوست“.
ولعلَّ كان ذلك أحد أسباب زيارة ولي العهد السعودي الأمير “محمد بن سلمان” (غير المبررة) للقاهر للقاء “عبد الفتاح السيسي”.
ما هي صفقة القرن وما تداعياتها؟
“صفقة القرن” هو الاسم الذي أطلقه ترامب على ذلك الاتفاق بين الفلسطينيين والإسرائيليين لإحلال السلام بين الطرفين، وتتبناها الولايات المتحدة، وفي أكتوبر الماضي، كشفت صحيفة “معاريف” الإسرائيلية، جانبًا من الخطة، وقالت إنَّ هناك خطة لفصل وعزل الفلسطينيين عن القدس المحتلة، وذلك لضمان أغلبية يهودية في المدينة، عبر بناء جدار فاصل يعزل التجمعات والأحياء السكنية الفلسطينية.
وتتضمن “الصفقة” تسليم الحكومة الإسرائيلية للسلطة الفلسطينية- ضمن تسوية أو صفقة مستقبلية-جميع الأحياء السكنية الفلسطينية في القدس الشرقية، على أن تخضع هذه المناطق في المرحلة الأولى إلى تصنيف مناطق “ب” الذي تتولى فيه السلطة الفلسطينية المسؤولية المدنية وتتولى إسرائيل المسؤولية الأمنية.
وفي المرحلة النهائية يتم تحويل هذه المناطق إلى تصنيف “أ” لتصبح خاضعة للسيطرة الكاملة للسلطة الفلسطينية، ومن ثم تعمل السلطة على ربط هذه المناطق بمدن بيت لحم ورام الله.
وفيما يخصّ القدس القديمة والأماكن الدينية، تقترح الخطة إعداد بنية تحتية تضمن عدم احتكاك اليهود بالفلسطينيين، وذلك عبر حفر شبكة أنفاق وشوارع مغطاة وطرقات التفافية حول البلدة القديمة، وتحصل السلطة الفلسطينية على مساعدات مالية سخية من الإدارة الأمريكية.
من أبرز تداعيات هذه الصفقة، أنَّ وضع القدس وقضية عودة اللاجئين سيؤجلان لمفاوضات لاحقة، ما يعني مماطلة إسرائيلية أمريكية ستؤدّي في نهاية المطاف إلى إبعاد القدس تمامًا عن أي مفاوضات لتكون إسرائيلية بالأمر الواقع.
وتشمل مفاوضات حول محادثات سلام إقليمية بين إسرائيل والدول العربية، بقيادة المملكة العربية السعودية، والهدف من تلك المفاوضات سيكون التطبيع مع دولة الاحتلال ما يخدم الأخيرة وذلك بحجة أنها ساعدت الفلسطينيين على إقامة دولتهم ومنحهم حقوق، في حين أنها ستكون دولة فلسطينية منزوعة كل المزايا والحقوق.
“عباس” موافق بشرط
ومع الأنباء المتواترة عن قرب الإعلان عن صفقة القرن، قال صحيفة “الحياة” اللندنية: إنَّ دولًا أوروبية لبَتّ مطلبًا فلسطينيًا من الرئيس “محمود عباس”، بالتدخل لدى الإدارة الأمريكية، لإقناعها بإجراء تعديلات على خطتها للسلام، وأن اتصالات أجريت خلال الأيام الأخيرة ولا تزال.
الصحيفة اللندنية، أشارت إلى أنَّ السلطة الفلسطينية طالبتها التدخل لدى واشنطن لتعديل خطتها للسلام، وتضمينها بنودًا تنص على حل الدولتين على حدود الرابع من (يونيو) عام 1967، بما في ذلك القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية.
لكن تجاوب الإدارة الأمريكية مع كامل المطالب الأوروبية ضعيف؛ حيث ينحاز الفريق السياسي للرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” لمصلحة “إسرائيل”، وفق ما أشارت الصحيفة.
اضف تعليقا