العدسة – جلال إدريس
قبل ثلاثة أعوام من الآن، كان “يائير نتنياهو – 26 عاما” نجل رئيس الوزراء الإسرائيلي بينامين نتنياهو، يجلس في ملهى ليلي وهو غارق في سكره، وحوله مجموعة من أصدقائه، وفجأة طلب “يائير” من أحد أصدقائه وهو “أوري” بن قطب الغاز الإسرائيلي “كوبي ميمون” أن يقرضه أموالا ليدفعها لفتاة عاهرة في الملهى.
رفض صديق “يائير” إقراضه الأموال التي طلبها، فما كان منه إلا أن غضب ورد عليه قائلا: ” يا صديقي، لقد رتب والدي لكم صفقة بقيمة 20 مليار دولار، وأنت ترفض أن تقرضني 400 شيكل؟”.
هذا باختصار ما كشفت عنه التسريبات الصوتية التي بثتها وسائل إعلام إسرائيلية وعالمية، لنجل رئيس وزراء إسرائيل، وسببت غضبا عارما في دولة الاحتلال، وفي أوساط السياسين واعتبرتها صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية بمثابة فضيحة كبرى قد تقضي على مستقبل نتنياهو السياسي.
اللافت في النظر، أن تسريبات نجل نتنياهو، ليست الواقعة الأولى التي كشفت فساد أسرة نتنياهو، لكنها جزء بسيط من العديد من قضايا الفساد التي تلاحق نتنياهو وأفراد أسرته، وعشرات المسؤولين الإسرائيليين.
“العدسة”، ومن خلال التقرير التالي، يحاول تسليط الضوء على فساد المسؤولين الإسرائيليين بدءا من فضيحة التسجيلات، وصولا لعشرات القضايا الأخرى.
فضيحة نجل نتنياهو والتسريبات
فضيحة تسجيلات “نجل نتنياهو” وضعت “نتنياهو” في موقف غاية في الحرج، اضطر معه للخروج من حالة الحرج التي وضعه فيها نجله يائير، قائلا: “تصريحات ابني لا تمثلني طبعاً، وما قاله لصديقه كان من قبيل المزاح غير الموفق، وأنه لم يكن يكترث لخطة الغاز، وليس على علم بتفاصيلها”.
وكانت القناة الإسرائيلية الثانية قد بثت تسريبا صوتيا يظهر صوت يائير، الذي يبلغ من العمر 26 عاماً، وهو يطلب من أحد صديقيه، أوري ميمون، نجل الملياردير المعروف بقطاع الطاقة، كوبي ميمون، أن يقرضه مالاً بحجة أن والد يائير، رئيس الوزراء الإسرائيلي “أسداه خدمة جيدة وعليه بالمقابل أن يردها”، قبل أن ينخرطا في الضحك.
وأثارت التسجيلات المذكورة أمس، ردود فعل حادة في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) وخارجه، وتم الربط بينها وبين قضايا الفساد التي يجري التحقيق فيها، والتي يُشتبه بتورط نتنياهو في عدد منها.
وقالت رئيسة حزب «ميرتس» عضوة الكنيست السابقة زهافا غلؤون، إن التسجيلات تثير شبهات بأن القرارات التي اتخذها رئيس الحكومة، بشأن خطة الغاز الحكومية، خصوصاً ما يتصل بمصالح كوبي ميمون، موبوءة بالفساد العميق، حيث منحت “ميمون” مليارات الشيكلات على حساب الخزينة العامة، وعلى حساب المواطنين.
وأضافت أنه إذا صحت هذه التسجيلات، فإن ذلك يعتبر «خيانة لثقة الجمهور لم يسبق لها مثيل»، ودعت الشرطة إلى العمل من دون تأخير، واستجواب يائير نتنياهو وأوري ميمون، ابن كوبي ميمون، في إطار التحقيق في القضية.
7 فضائح لنتنياهو
نتنياهو متهم أيضا بتلقي رِشا وهدايا من رجال أعمال آخرين، مقابل تسهيل بعض الإجراءات الحكومية التي تخدم مصالحهم التجارية، وقد تؤدي هذه الاتهامات في حال ثبوتها عليه إلى إسقاط حكومته وإلقائه خلف القضبان.
تاريخ نتنياهو الأسود مع الفساد، بدأ عام 1997، حيث كان نتنياهو موضع تحقيقات جنائية أثناء ولايته الأولى رئيساً للوزراء، وحققت السلطات معه بشأن اتهامات محتملة بالاحتيال وخيانة الثقة.
واتهم نتنياهو آنذاك بتعيين مدعٍ عام، من شأنه أن يوفر معاملة تفضيلية لحليف سياسي، وأوصت الشرطة باتهام نتنياهو، ولكن النيابة العامة رفضت توجيه اتهامات له.
بعد ذلك بعامين، كان نتنياهو قيد التحقيق مرة أخرى بتهمة الاحتيال، وهذه المرة لاتهامات حول متعاقد مع الحكومة، ومرة أخرى لم توجه إليه تهم، ونفى نتنياهو ارتكاب أي مخالفات حينها.
وفي أغسطس 2017، كشفت صحيفة “ذا تايم أوف إسرائيل”، عن فضيحة فساد كبرى تطارد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وأسرته على خلفية التحقيق معه في قضايا كسب غير مشروع.
كما تجري الشرطة تحقيقاً مع نتنياهو في القضية 3000، والتي تتعلق بشراء غواصات وسفن حربية للجيش الإسرائيلي من شركة مسجلة في ألمانيا، تبين لاحقاً حصول مقربين من رئيس الحكومة على مبالغ هائلة منها كعمولات، وتحوم الشبهات حول شراء هذه المعدات البحرية بضغط من نتنياهو، بخلاف ما أوصت به المؤسسة الأمنية، ورغم عدم حاجة الجيش لها.
وإلى جانب ذلك، فإن تحقيقات أخرى تجرى حاليا مع نتنياهو في القضيتين “1000” و”القضية 2000″، والتي يجري في إطارها التحقيق في اتصالات لتنفيذ صفقة رشوة مع ناشر صحيفة “يديعوت أحرونوت” أرنون موزيس.
وبحسب الشرطة الإسرائيلية فإنّ “القضية 1000″ و”القضية 2000” تتضمنان مخالفات الرشوة والخداع وخيانة الأمانة. وبحسب الملف الأول فإن نتنياهو هو المشتبه به الوحيد بسبب تلقيه الهدايا، أما في الثاني فهو أحد اثنين مشتبه بهما.
وتحت عنوان “فضائح الفساد تزعج نتنياهو وأسرته” قال الكاتب “بن سيلز” في مقال له بصحيفة “ذا تايم أوف إسرائيل” في أغسطس الماضي، إن نتنياهو “له قبضة قوية على الحكومة، ولكن الفضيحة السياسية المتصاعدة قد تطرحه أرضاً.. كما أن نجله أيضاً يعاني من المشكلات”، مشيراً إلى أن مسؤولين في حزبه بدؤوا في النأي بأنفسهم عنه، إلا أنه لا يزال متحدياً للظروف.
سارة نتنياهو فاسدة
فضائح سارة نتنياهو، زوجة نتنياهو، لا تنتهي أيضا، آخرها ما كشفت عنه وسائل إعلام عبرية مؤخرا، حيث أكدت أن الشرطة تحقق في شبهات طلب زوجة رئيس الحكومة الإسرائيلية سارة نتنياهو، من رجل الأعمال أرنون ميلتشين، تمويل عمليات ترميم وإصلاح منزل العائلة في قيسارية.
وبحسب القناة العاشرة الإسرائيلية، فإن الشرطة تشتبه بطلب زوجة نتنياهو من ميلتشين دفع عشرات الآلاف شيكل لإجراء هذه الترميمات والإصلاحات، وأنه تم إرسال الطلب إلى المساعدة الشخصية لميلتشين، هداس كلاين، إلا أنه قوبل بالرفض.
واعتبرت النيابة العامة والشرطة هذه المعلومات مهمة وكذلك شهادة كلاين، لكونها تصف منهجية وكيفية عمل نتنياهو وزوجته في هذا الملف، الذي يطلق عليه “القضية 1000”.
كذلك كشف المدير السابق لمقر رئيس حكومة الاحتلال الاسرائيلية بنيامين نتنياهو، أن ما أنفقه الأخير وزوجته سارة على الكحول، وصل خلال السنتين الأخيرتين إلى حوالي 100 ألف شيكل.
ونقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت”، في عددها الصادر الأحد 1 فبراير، عن ماني نفتالي أنه كان يشتري بنفسه النبيذ للمقر، إلا أن النبيذ الأحمر الفاخر كان يخصص لسارة نتنياهو، في حين كان يتم تقديم النبيذ الأبيض العادي للضيوف.
وتعليقا على هذه التقارير، قالت وزيرة العدل الإسرائيلية تسيبي ليفني: إن “نتنياهو يصرف على الكحوليات 100 ألف شيكل من المال العام، علما أن مليون عامل في اسرائيل يتقاضون 2400 شيكل شهريا”.
إيهود أولمرت
حالة نتنياهو لم تكن استثناءً في الساحة السياسية الإسرائيلية؛ إذ كان كل رئيس وزراء خلال السنوات الماضية في دائرة التحقيق والاتهام، بما في ذلك إيهود أولمرت، وأرييل شارون.
الأمر لم يقتصر على رؤساء الوزراء وحسب؛ إذ طال التحقيق في قضايا الفساد رؤساء الدولة، وعشرات الوزراء، وأعضاء الكنيست، ورؤساء البلديات أيضاً.
وتأتي هذه التحقيقات مع المسؤولين رفيعي المستوى ضمن سلطة “لاهاف 433″، وهي وحدة مكافحة الفساد في الشرطة الإسرائيلية، والتي تحقق مع المسؤولين الحكوميين والمواطنين العاديين، كما تحارب الإجرام المنظم.
فعلى سبيل المثال فإن “إيهود أولمرت” رئيس وزراء إسرائيل السابق، خضع بين عامي 2006 و2008 للسجن 19 شهراً، بتهمة الاحتيال وخيانة الأمانة، في فضيحة معروفة باسم “قضية هولي لاند”.
أيضا أُدين أولمرت في عام 2012 بأخذ الرِشا المتعلقة بمشروع الإسكان في القدس المحتلة، حيث شغل حينئذ منصب رئيس بلدية، قبل أن يصبح رئيس وزراء إسرائيل.
ثم أدين في عام 2015 بتلقي رِشا فيما يسمى “قضية تالانسكي”؛ إذ شهد رجل الأعمال الأمريكي، موريس تالانسكي، بأنه أعطى أولمرت أموالاً.
وأولمرت كان أول رئيس حكومة في إسرائيل، يمثُل أمام القضاء في قضايا فساد.
أرييه درعي
كذلك فإن “أرييه درعي” وزير الداخلية الإسرائيلي في تسعينات القرن الماضي، أدين بتلقي رِشا والاحتيال، وخيانة الثقة العامة في عام 1999.
واستمرت القضية خلال جزء كبير من التسعينات، وفي النهاية، برأت المحكمة درعي من تهمة رشوة ثانية، وتهمة أنه زوّر وثائق في أثناء عمله بوزارة الداخلية.
وقضى درعي حكماً بالسجن لمدة عامين، وبعد إطلاق سراحه بفترة عاد للسياسة، ويخدم الآن وزيراً للداخلية من جديد.
أفيغدور ليبرمان
أما “ليبرمان” الذي يشغل الآن منصب وزير الجيش الإسرائيلي، فتعرض للاستجواب المتكرر حول معاملاته التجارية.
إذ استُجوب للاشتباه في ضلوعه في غسل الأموال والاحتيال، و”خيانة الأمانة”، في قضية فساد منذ فترة طويلة لا تزال تظهر في الصحف الإسرائيلية.
وفي أواخر عام 2012، اتُهم ليبرمان بالاحتيال، لكنه لم يواجه اتهامات أكثر خطورة مثل غسل الأموالن والعبث بتصريحات الشهود، وتمت تبرئته لاحقاً من جميع التهم.
موشيه كتساف
وفي 2006، بدأت الشرطة الإسرائيلية التحقيق مع كتساف (الذي تسلّم رئاسة إسرائيل عام 2000)، بشأن اتهامات قدمتها ضده بعض النساء التي عملت في الديوان الرئاسي، وتحدثت عن اعتداءات جنسية.
انتهى تحقيق الشرطة بتقرير قاس ضد كاتساف، ما أدى إلى مطالبته بالاستقالة من قِبل رئيس النيابة العامة الإسرائيلية (المستشار القانوني الحكومي)، وحسب القانون الإسرائيلي، فإن محاكمة الرئيس مستحيلة طالما يتولى الرئاسة.
وبدأ كتساف تنفيذ الحكم عام 2011 بعد إدانته بتهمتي اغتصاب، وأطلق سراحه من السجن بعد قضائه خمس سنوات من مدة الحكم عليه، البالغة سبع سنوات.
اضف تعليقا