كتب- باسم الشجاعي
هرولة عربية غير مسبوقة نحو التطبيع مع دولة الاحتلال “إسرائيل”، يتسابق عليها الحكام العرب، وعلى رأسهم دولة الإمارات العربية المتحدة؛ حيث وصلت الصداقة والعلاقة حالة من الازدهار، حتى أصبحت أبوظبي واحدة من أهم مناطق العمليات الأمنية والاستخباراتية والتجارية للاحتلال في المنطقة العربية.
وفي هذا الإطار كشفت وكالة “أسو شيتد برس” مؤخرًا عن لقاء جمع رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” بسفير دولة الإمارات لدى الولايات المتحدة “يوسف العتيبة” خلال زيارته إلى واشنطن في مارس الماضي.
ويأتي الكشف عن اللقاء بين “نتنياهو” و”العتيبة”، بالتزامن مع الذكرى الـ70 لنكبة فلسطين، التي توافق 15 مايو الجاري، وبعد أيام أيضًا من إعلان الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” الانسحاب من اتفاق إيران النووي.
وهو القرار الذي لقي ترحيبًا من السعودية والإمارات باعتبار إيران مصدر تهديدٍ للسلام في المنطقة والعالم، حسب ما يراه البلدان.
وتحت عنوان “دبلوماسية العشاء: لقاء غير معتاد بين “نتنياهو” ومبعوث إماراتي”، روت “أسو شيتد برس” تفاصيل اللقاء.
وأشارت الوكالة الأمريكية إلى أن السفير الإماراتي كان يستضيف نظيره البحريني، على مائدة عشاء بمطعم “كافي ميلانو” الشهير في حي جورج تاون بالعاصمة واشنطن، وهو المطعم الذي يرتاده كبار السياسيين والقادة الأمريكيين وغير الأمريكيين.
وأضافت أن “العتيبة” كان يستضيف أيضًا على مائدته المستشار الأمريكي والمسؤول في وزارة الخارجية “براين هوك”، وعددًا من الصحفيين، عندما علم بوجود “نتنياهو” وزوجته “سارة” في نفس المطعم، بعد انتهائه من حضور مؤتمر سنوي حول سياسات (إسرائيل) في واشنطن، أوعز إلى مدير المطعم بأن يدعو “نتنياهو” وزوجته إلى مائدته، ولم يتردد الأخير في قبول الدعوة، لتجمع طاولة السفير الإماراتي رئيس الوزراء الإسرائيلي وزوجته، والسفير البحريني، ومسؤولين وصحفيين أمريكيين.
وأكدت “أسو شيتد برس” أن “نتنياهو” أجاب على بعض أسئلة الصحفيين من على مائدة السفير الإماراتي، واستفاض في شرح خطورة إيران على المنطقة.
ورفضت السفاراتان الإماراتية والإسرائيلية في الولايات المتحدة، التعليق على الأمر.

أكبر من سفير لدى واشنطن

ومنذ اندلاع الأزمة الخليجية الأخيرة، واسم سفير دولة الإمارات في الولايات المتحدة الأمريكية، “يوسف العتيبة”، يتردد عبر وسائل الإعلام كأحد اللاعبين الأساسيين لدى واشنطن.
ووفقًا لما نشر على موقع “ويكيليكس”، من وثيقة صادرة عن السفارة الأمريكية في الإمارات عام 2008 تناولت “يوسف العتيبة”، جاء فيها: “إن “العتيبة” البالغ من العمر 34 عامًا، حاد الذكاء، وهو اليد اليمنى لولي عهد الإمارات “محمد بن زايد”، وتعيينه في هذا المنصب يهدف إلى إبراز حضور الإمارات في الأروقة السياسية في واشنطن”.
وجاء في الوثيقة: “إن المسؤولين الإماراتيين يدركون أن “يوسف العتيبة” ينطق بلسان ولي العهد، لكن بحضوره نادرًا ما يتحدث، إلا بناء على طلب ولي العهد لتقديم مزيد من التفاصيل أو المساعدة في الترجمة إلى الإنجليزية، ونادرًا ما يتدخل في الحديث، إلا عندما لا يكون ولي العهد على دراية تامة بالموضوع قيد البحث.
كما أظهرت الوثائق الدور الكبير الذي يقوم به سفير الإمارات لدى الولايات المتحدة “يوسف العتيبة” في الدفع بالتطبيع بين بلاده وإسرائيل في اتجاه مراحل غير مسبوقة، مشيرة إلى أن أبوظبي لم تتحول إلى مرتع للمصالح الأمنية والاقتصادية الإسرائيلية فحسب، بل أصبحت قاطرة تحاول جذب العالم العربي إلى السير في ركاب المنظور الإسرائيلي للمنطقة وقضاياها، وفي صدارتها القضية الفلسطينية.
ويعزى نفوذ “العتيبة” القوي في واشنطن بشكل خاص إلى دفتر شيكاته؛ حيث اشتهر منذ وصوله لواشطن بتقديم مبالغ ضخمة للكثير من مراكز البحوث والمراكز السياسية، جميعها يديرها ويعمل بها سياسيون، منهم من شغلوا أو مُتوقَع أن يشغلوا مناصب سياسية رفيعة في الخارجية الأمريكية.
كما يشتهر بتنظيم حفلات العشاء الفاخرة، والسهرات الراقصة، التي تحتضن أبرز الوجوه السياسية، بالإضافة إلى تنظيمه العديد من الرحلات التي تتسم بالرفاهية والبذخ، وذلك بحسب ما تحدثت صحيفة “ذي إنترسبت” الأمريكية عن “يوسف العتيبة”.

من القنوات السرية للعلانية

وتشهد الفترة الحالية تقاربًا بين إسرائيل والدول الخليجية وتحديدًا الإمارات والسعودية، في ظل حالة العداء المشترك مع إيران، فبعد أن كان التطبيع يسير عبر قنوات “سرية”، أصبحت القنوات العلنية للتطبيع تتسارع في مجالات عديدة؛ استخباراتية واقتصادية وعسكرية ورياضية.
وبالتزامن مع الكشف عن لقاء سفير الإمارات برئيس وزراء دولة الاحتلال الإسرئيلي، تواصل أبوظبي مشاركتها في مباراة لكرة الشبكة النسائية، ضمن بطولة أوروبا المفتوحة، والتقى الفريق نظيره الإسرائيلي.
وجاءت المباراة التي أقيمت في جبل طارق، وانتهت بنتيجة (82-20) لصالح الإمارات، بعد أسبوع من مشاركة دراجين إماراتيين في منافسات “طواف إيطاليا للدراجات”، الذي أقيم في “إسرائيل”.
واحتفى مسؤول الدبلوماسية الرقمية بالعربية في وزارة الخارجية الإسرائيلية “يوناتا جونين”، في تغريدة له عبر “تويتر”، بالمباراة، قائلًا: “صورة اليوم.. الرياضة تنتصر، و”إسرائيل” والإمارات يد واحدة في بطولة كرة الشبكة”.
وللتطبيع الرياضي بين الإمارات و”إسرائيل” تسلسل زمني؛ حيث إن الأولى سمحت بمشاركة السائقين الإسرائيليين “داني برل” و”إيتي مولدبسكي” في سباق سيارات “أبو ظبي ديزيريه شالانج”، في مارس الماضي.
وأواخر أكتوبر 2017، احتضنت العاصمة الإماراتية بطولة “جراند سلام أبوظبي للجودو”، وشهدت مشاركة لاعبِين إسرائيليِّين، وتُوّج بعضهم بميداليات متنوعة.
كما شارك 20 رياضيًّا إسرائيليًّا في بطولة العالم للجوجيتسو لفنون القتال للشباب والناشئين بالإمارات، حصدوا خلالها 13 ميدالية متنوعة، منها اثنتان ذهبيتان، وفقًا لما ذكره حساب “إسرائيل تتكلم بالعربية”، التابع لوزارة الخارجية الإسرائيلية، على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، مطلع مارس الماضي.
بعد أن قطعت الإمارات أشواطًا طويلة في التطبيع السياسي والرياضي مع الكيان الصهيوني، ظهر التطبيع العسكري جليًّا في العديد من الخطوات العملية والجادة للتقارب بين الطرفين.
فقد أجرى الطرفان مناورتين عسكريتين مشتركتين بين سلاح الجو التابع للطرفين، كانت الأولى في أغسطس العام الماضي، وحملت عنوان ”RED FLAG“؛ حيث شاركت أبوظبي إلى جانب تل أبيب في تدريب جوي دولي في قاعدة “نيليس” الجوية في ولاية نيفاد بالولايات المتحدة الأمريكية إلى جانب سلاح الجو الباكستاني، وهو التدريب الذي اعتبره الاحتلال الصهيوني حينها “أكبر وأفضل محاكاة للحرب في العالم”.
وفي مارس الماضي، أعادت الإمارات تجربتها العسكرية مع “إسرائيل”؛ حيث أُقيمت المناورة التي حملت عنوان “إنيوخوس 2017″، واشترك فيها سلاح الجو الإماراتي إلى جانب نظيره الإسرائيلي والأمريكي والإيطالي في اليونان، وأعدها الاحتلال الصهيوني حينها “أمرًا استثنائيًّا على اعتبار أن أبوظبي لا تقيم علاقات دبلوماسية مع تل أبيب”.