قالت منظمة “أمريكيون من أجل الديموقراطية وحقوق الإنسان في البحرين” أن أوضاع حقوق الإنسان في مملكة البحرين في تردي مستمر ووصلت إلى مستوى من التوحش أعجز المسار الديموقراطي في المملكة، مؤكدة أن الولايات المتحدة الأمريكية مسؤولة وبصورة مباشرة على حدوث مثل تلك الانتهاكات بسبب التسهيلات والدعم اللذان تقدمهما للنظام البحريني.
يعاني الشرق الأوسط في الفترة الحالية من اضطرابات وأزمات تهدد استقراره، وفي الوقت ذاته لا يكاد يمر يوم دون الكشف عن وقوع انتهاكات جديدة لحقوق الإنسان في منطقة الخليج العربي، من ناحية هناك الحرب التي تقودها السعودية في اليمن، فضلاً عن الانتهاكات الداخلية التي يقوم بها النظام السعودي من اعتقالات وعمليات إعدام جماعي، وكذلك التوتر الذي حل على العائلة المالكة في الإمارات واحتجاز أفراد منها، جميعها انتهاكات تلفت نظر العالم وتجعله يولي لها اهتماماً خاصاً، ومع ذلك، فإنه يتم التغاضي في كثير من الأحيان عن الجزيرة الصغيرة القابعة في وسط الخليج العربي، مملكة البحرين، وعلى الرغم من ذلك، فإن الانتهاكات الحقوقية في المملكة لا تقل في الكم والكيف عن غيرها من دول الخليج العربي.
منظمة “أمريكيون من أجل الديموقراطية وحقوق الإنسان في البحرين” قامت بعقد مؤتمر صحفي في وقت سابق من الشهر الماضي استعرضت فيه الملف الحقوقي في البحرين، وقامت بتسليط الضوء على الفساد وانتهاكات حقوق الإنسان في البحرين، والمرتكبة من قبل وزارة الداخلية البحرينية بدعم من الولايات المتحدة.
أدار المؤتمر المشار إليه المدير التنفيذي لمنظمة “أمريكيون من أجل الديموقراطية وحقوق الإنسان في البحرين”- حسين عبد الله، بحضور عدد من الخبراء والنشطاء الحقوقيين، مثل سيثب يندر- من مشروع الديموقراطية في الشرق الأوسط، وجودي فيتوري- من مؤسسة كارينغي للسلام الدولي، ومونيكا زورو من المنظمة، كما حضر المؤتمر النائبيين في البرلمان الأمريكي جيم ماكغفرن، وإلهان عمر.
وفي الكلمة الافتتاحية للمؤتمر تم توجيه شكر خاص لمجلس أبو ظبي لحقوق الإنسان للدور الذي قدمه في دعم الملف الحقوقي البحريني، مع دعوة للكونغرس الأمريكي إلى إيلاء المزيد من الاهتمام لهذه القضية.
النائب جيم ماكغفرن أكد في كلمته أنه في أعقاب التدابير القمعية التي اتخذتها الحكومة البحرينية لقمع الانتفاضة الجماهيرية التي اندلعت عام 2011، حاول مجلسي الشيوخ والكونغرس الضغط على الحكومة في البحرين للالتزام بمعايير حقوق الإنسان في التعامل مع المعارضين، مؤكداً أن هذا الضغط تضاءل “للأسف” في ظل الإدارة الأمريكية الحالية.
كما دعا ماكغفرن النظام البحريني إلى وقف ممارساته العنصرية ضد الشيعة، ورفع الرقابة عن الصحافة لكي تصبح صحافة حرة دون قيود، بالإضافة إلى تجريد مسؤولي الأمن الوطن من سلطات الضبطية القضائية التي تخول لهم اعتقال المواطنين.
وعرج ماكغفرن في كملته إلى الحديث عن اعتقال الناشط الحقوقي البحريني نبيل رجب، والذي يقضي حالياً عقوبة بالسجن على خلفية بعض التغريدات التي قام بنشرها على حسابه الشخصي على موقع “تويتر”، كما اقترح ماكغفرن تفعيل مشروع “توم لانتون” في البحرين للدفاع عن الحريات ودعم سجناء الرأي.
وفي كلمتها، قامت عضوة الكونغرس إلهان عمر، بتسليط الضوء على الانتهاكات التي تتم بحق المعارضين والنشطاء في البحرين، من اعتقال أو تعذيب أو اغتصاب أو إعدام، مشيرة إلى أن البحرين لديها أعلى معدل للسجن الجماعي في الشرق الأوسط.
من جهة أخرى طالبت إلهان عمر الحكومة الأمريكية بوقف مبيعات الأسلحة الأمريكية إلى البحرين، وهو ما أيدها فيه حسين عبد الله، مشدداً أنه يتعين على الولايات المتحدة التركيز أكثر على ملف حقوق الإنسان في علاقتها مع البحرين.
العضو بمنظمة “أمريكيون من أجل الديموقراطية وحقوق الإنسان في البحرين”، مونيكا زورو، ناقشت في كلمتها التقرير الصادر عن المنظمة حول الملف الحقوقي في البحرين، والذي يحمل عنوان “التركيبة الداخلية للدولة البوليسية: وزارة الداخلية في البحرين، قمعٌ ممنهج، ووحشيّة”.
وقالت زورو أن التقرير يعتمد على توثيقات رئيسية قامت بها المنظمة على مدار السنوات الماضية، حللت فيها أكثر من 1000 حالة سوء معاملة منفصلة، وأكثر من 3000 انتهاك محدد للحقوق، يُنسب إلى أجهزة تابعة لوزارة الداخلية في الفترة منذ 2011 وحتى 2018، من الاحتجاز التعسفي والتعذيب إلى الاغتصاب والقتل خارج نطاق القضاء، وهي انتهاكات تبيّن وجود نمط من وحشية الشرطة وقمعها في كل مستوى من مستويات القيادة في وزارة الداخلية.
زورو اتهمت الحكومة البحرينية بأنها العامل الرئيسي لتفشي تلك الانتهاكات بسبب حالة الإفلات من العقاب التي توفرها للجناة، بل على العكس تقوم بمكافئتهم ومنحهم حوافز بعد ارتكابهم الجرائم.
وبحسب التقرير، فإن واحداً من كل 635 بحريني تم احتجازه تعسفياً أو اخفاؤه أو تعذيبه أو اغتصابه أو قتله أو إساءة معاملته.
وطالبت زورو الولايات المتحدة بمنع الجناة المتهمين بارتكاب انتهاكات ضد حقوق الإنسان في البحرين من الدخول إلى أراضيها، كون معظمهم ينتهك قانون محاسبة حقوق الإنسان في جلوبال ماجنيتسكي، وطالبت أيضاً إدارة الانتربول بإصدار شارات حمراء ضد المتهمين الذين حددتهم المنظمة، كما طالبت المجتمع الدولي بفرض عقوبات على الانتهاكات التي يرتكبها العاملين وزارة الداخلية البحرينية بما فيهم وزير الداخلية شخصياً الشيخ راشد بن عبد الله آل خليفة.
ورداً على سؤال من الجمهور حول بعض الإحصاءات التي قامت بها المنظمة فيما يتعلق بالانتهاكات الحقوقية، جاء رد زورو أن المنظمة سجلت وقوع 46 حالة سوء معاملة من قبل قيادة قوات الأمن الخاصة البحرينية، بينهم 25 عملية قتل خارج نطاق القضاء، كما تم تسجيل 77 حالة أخرى، منها 46 حالة قتل خارج نطاق القضاء، لم يتم فيها تحديد مرتكبي الجريمة بوضوح ولكن تطابقت الأساليب المستخدمة فيها مع أساليب القوات الخاصة البحرينية.
جودي فيتوري ركزت في كلمتها على دور وزارة الدفاع البحرينية في هذه الانتهاكات، وكذلك على الدور البارز الذي تلعبه الولايات المتحدة والقوى الغربية الأخرى في إمداد الأجهزة الأمنية البحرينية بما يحتاجونه من أدوات، تستخدمها تلك الأجهزة في قمع المواطنين.
وبحسب فيتوري فإن الولايات المتحدة الأمريكية توفر نحو 85٪ من المعدات العسكرية التي تحتاجها البحرين، بالإضافة إلى تقديم الدعم الكامل لها في كافة المجالات، كالأسلحة والتغذية والمراقبة والإسكان.
وسلطت فيتوري الضوء على حقيقة أخرى لوجه البحرين القمعي، حيث أفادت تقارير حقوقية حصول البحرين على أدنى تصنيف (F) من حيث مستوى الشفافية فيما يتعلق بميزانية الدولة، حيث لا توجد في البلاد عمليات تدقيق مستقلة كما لا توجد إجراءات برلمانية تشرف على مثل هذه الأمور – حتى الميزانية الدقيقة للأمن لا يتم الإعلان عنه، مما يجعل مستويات الفساد العالية محتملة للغاية.
كما ناقشت فيتوري الطائفية في البحرين، واتجاه النظام نحو شيطنة الشيعة، فغالباً ما يتم تقديم الشيعة باعتبارهم موالون لإيران، فضلاً عن بعض التمييزات الطائفية الأخرى، كفرض رقابة واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي.
واقترحت فيتوري على الولايات المتحدة أن تستخدم نفوذها بصفتها المزود الرئيسي للأسلحة في البحرين للإصرار على أن تنشر البحرين تقارير موازنة موثوقة.
وفي الكلمة الأخيرة في المؤتمر، تحدث سيث بيندر، عن العلاقة السياسية بين الولايات المتحدة والبحرين، مشيراً إلى التحالف الضمني الوثيق بين أمريكا والسعودية والإمارات.
وأعرب بيندر عن أسفه لانشغال إدارة ترامب بحربها مع إيران، والتي اعتبره السبب الرئيسي في تجاهل واشنطن لانتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة في دول الخليج العربي.
وكرر بيندر ذات المطالب والدعوات التي طالب بها المتحدثون الآخرون، داعياً الولايات المتحدة إلى استخدام نفوذها للمساعدة في تحسين حالة حقوق الإنسان في البحرين.
المشاركون في المؤتمر أكدوا أن البحرين ما هي إلا انعكاس مصغر للمملكة العربية السعودية، حيث تسيطر على البلاد طبقة ارستقراطية سنية قليلة العدد، كما تغمر البلاد تفاوتات اقتصادية شديدة بين الطبقات المختلفة، بالإضافة إلى انتهاكات حقوق الإنسان، وعليه طالبت منظمة “أمريكيون من أجل الديموقراطية وحقوق الإنسان في البحرين” على أهمية محاسبة جميع منتهكي حقوق الإنسان في المنطقة وعدم التغاضي عن دولة على حساب دولة أخرى.
للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا
اضف تعليقا