في ظل حكم محمد بن سلمان، تتزايد الانتقادات الدولية والمحلية لانتهاكات حقوق الإنسان في السعودية، حيث أصبحت الاعتقالات التعسفية والقمع أدوات أساسية لترسيخ الحكم الفردي والقضاء على الأصوات المعارضة.
فقد كشفت تقارير حقوقية عديدة، منها تقرير حديث لحساب “معتقلي الرأي”، عن الإفراج عن عدد من المعتقلين السياسيين، بعد سنوات من الاحتجاز غير العادل، في خطوة يراها البعض محاولة لتخفيف الضغط الدولي دون معالجة جوهر القمع المتفشي.
أعلن حساب “معتقلي الرأي” عن الإفراج عن الشيخ محمد عبد العزيز الخضيري والشيخ محمد الهبدان، اللذين قضيا سبع سنوات في السجون السعودية دون محاكمات عادلة.
يأتي ذلك في سياق حملة اعتقالات سبتمبر 2017، التي طالت العديد من رجال الدين والأكاديميين والنشطاء تحت ذرائع واهية مثل “إلقاء خطبة في دولة قطر”، في إشارة إلى استخدام القضاء كأداة سياسية ضد المعارضة.
رغم الإفراج عن هؤلاء المعتقلين، ما زالت السلطات السعودية تحتجز مئات آخرين، مثل الداعية سلمان العودة، الذي يواجه أحكامًا قاسية لمجرد تغريدة تدعو للمصالحة بين دول الخليج. هذا الإفراج الانتقائي، وفق حقوقيين، يعكس ازدواجية السلطة في التعامل مع حقوق الإنسان، حيث تفرج عن البعض تحت ضغط دولي بينما تستمر في ملاحقة آخرين.
حملة سبتمبر
كانت حملة سبتمبر 2017 واحدة من أبرز محطات القمع في عهد محمد بن سلمان. استهدفت الحملة رجال الدين والنشطاء والأكاديميين والإعلاميين، وأدت إلى اعتقالهم بتهم ملفقة مثل “تأليب المجتمع على الحُكّام” أو “إثارة الفتنة”.
وقد أظهرت التقارير الحقوقية، مثل تقرير منظمة القسط، أن المعتقلين تعرضوا لفترات احتجاز طويلة دون توجيه تهم رسمية، وأن المحاكمات شابها التأجيل المتكرر وعدم الشفافية.
كما تعرض سلمان العودة لانتهاكات خطيرة، حيث تدهورت حالته الصحية إلى حد فقدانه نصف بصره وسمعه، في ظل حرمانه من العلاج والرعاية الطبية المناسبة، إضافة إلى ذلك، طالت الحملة رموزًا من النخب السياسية ورجال الأعمال مثل الأمير متعب بن عبد الله والوليد بن طلال، في إطار تصفية واسعة استهدفت تعزيز سلطة ولي العهد على حساب المؤسسات والنخب التقليدية.
مراوغة النظام المستبد
في ظل التصاعد المستمر للضغوط الدولية، دعت منظمة العفو الدولية وعدد من المنظمات الحقوقية السلطات السعودية إلى الإفراج الفوري عن المعتقلين بسبب آرائهم.
ورغم تحقيق حملات حقوقية، مثل عريضة الإفراج عن المعتقلين، أكثر من 100 ألف توقيع وتسليمها للسفارات السعودية، إلا أن رد الرياض ما زال يتسم بالمراوغة.
تؤكد التقارير أن السعودية، التي تسعى لتحسين صورتها دوليًا عبر تنظيم فعاليات كبرى مثل منتدى حوكمة الإنترنت، تواجه اتهامات بالنفاق، حيث تمنع حرية التعبير في الداخل بينما تدعي دعمها علنًا. وقد أدى هذا القمع إلى تخوف واسع بين النشطاء ومنظمات المجتمع المدني من المشاركة في مثل هذه الفعاليات خوفًا من الانتقام.
الخلاصة أن نظام محمد بن سلمان يمثل نموذجًا صارخًا لقمع الحريات وتكميم الأفواه باسم الإصلاح. فبينما تسعى السلطات لإظهار نفسها كدولة حديثة عبر مشاريع مثل “رؤية 2030″، تستمر في انتهاكات حقوق الإنسان التي تتناقض مع القيم العالمية.
ويحاول الآن بالإفراج عن بعض المعتقلين أن يُخفي سجل القمع المستمر، وهو ما يتطلب من المجتمع الدولي اتخاذ خطوات جدية لمحاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات، ودعم النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان في السعودية.
اقرأ أيضًا : بعد مجازر صيدنايا البشعة.. مطالبات بالكشف عن أحوال المعتقلين في سجن الرزين الإماراتي
اضف تعليقا