تشهد أجهزة الأمن في دولة الاحتلال الإسرائيلي استنفارًا واسعًا وعلى مستوى عال، بعد تمكن 6 أسرى فلسطينيين من الهروب من سجن جلبوع شديد التحصين والحراسة، باستخدام نفق حفروه من داخل زنزانتهم إلى خارج أسوار السجن، في حدث جلب دهشة وإعجاب الكثيرين حول العالم.

وبدأت قوات الاحتلال الإسرائيلي في تتبع الأسرى منذ الساعة 03:30 من فجر يوم الإثنين، أي بعد حوالي ساعتين – وربما أكثر- من هرب الفلسطينيين الستة. حيث طلبت حينها سلطة السجون الإسرائيلية من الشرطة اقتفاء آثار 3 أسرى. وبعد نصف ساعة، اتضح أن الحديث يدور عن 6 أسرى هربوا من سجن “جلبوع”، من دون اكتشاف طريقة الهرب، وذلك عند الساعة الرابعة فجرًا.

وجاءت إجراءات الاحتلال تباعًا بعد ذلك، حيث شدت مصلحة السجون في دولة الاحتلال قوات خاصة من “وحدة متسادا”، ووحدات من الشرطة معًا مع حرس الحدود في الجيش الإسرائيلي، لتبدأ عمليات بحث بالتعاون مع جهاز الأمن العام “الشاباك”، في تمام الساعة الخامسة والنصف فجرًا.

ونصب الاحتلال حواجز في الشوارع، وأُعلن استنفار تام على حدود الضفة الغربية، وأعلنت الأجهزة الأمنية والجيش الإسرائيلي حالة الطوارئ والتأهب في الضفة الغربية وفي قطاع غزة وعند المعابر العسكرية بالمناطق الحدودية، عند الساعة 05:45 فجرًا.

 

أين ذهب الأسرى؟

وتركز حاليًا شرطة الاحتلال في بحثها على مدينة جنين، شمالي الضفة الغربية المحتلة، التي ينحدر منها الستة أسرى، حيث أطلق الاحتلال طائرات مسيرة في محيط المدينة.

وبالنسبة لمكان هروب الأسرى الذين انتزعوا حريتهم، فإن كل السيناريوهات مفتوحة لدى دولة الاحتلال كما يبدو، حيث بدءًا من مدينتهم الأم “جنين” أو ربما قطاع غزة، وثمة سيناريو ثالث محتمل، يتمثل في محاولتهم عبور الحدود إلى إحدى الدول المجاورة. ومع كل هذه الاحتمالات فلا تستبعد شرطة الاحتلال أن يكون الفلسطينيون الستة ما زالوا داخل الأراضي المحتلة حتى الآن.

وفي هذا السياق، صرح مصدر في الشرطة لصحيفة “هآرتس” العبرية بأنه من “الوارد جدًا” أن يكون الرجال عبروا إلى الأردن، حيث إن الحدود الأردنية لا تبعد عن السجن أكثر من 20 كيلومترًا.

 

اعتقالات في أقرباء الأسرى الفارين

ومع استمرار فشل أجهزة الأمن الصهيونية في توقيف الأسرى الذين انتزعوا حريتهم، اتجهت إلى اعتقال أقرباء وأصدقاء للأسرى الستة. حيث قالت الناطقة باسم نادي الأسير الفلسطيني، أماني سراحنة، لوكالة الأنباء الفرنسية إن الجيش الإسرائيلي استدعى أقارب للمعتقلين الفارين، موضحة أن بعضهم ما زالوا موقوفين بينما أطلق سراح آخرون بعد استجوابهم.

وأوضح نادي الأسير الفلسطيني في بيان أن الاعتقالات شملت يعقوب انفيعات، والد المعتقل الفار مناضل انفيعات، ورداد وشداد عارضه، شقيقي محمود عارضه، وباسم عارضه، شقيق محمد عارضه، والدكتور نضال عارضه أحد أقرباء عائلة عارضه الذي تمت “مصادرة كاميرات تسجيل من منزله” في بلدة عرابة في قضاء جنين.

كذلك داهمت قوات كبيرة من جيش الاحتلال الإسرائيلي بلدات “عرابة، ويعبد، وبئر الباشا، ودير أبو ضعيف”، بمحافظة جنين، وشرعت بعملية تفتيش منازل، ومخازن، ومحال تجارية، وصادرت تسجيلات كاميرات مراقبة في تلك البلدات.

كذلك، أقدمت قوات الاحتلال على اعتقال 3 شبان من قرية الناعورة القريبة من سجن جلبوع في غور بيسان، شرق مرج بن عامر، إذ تشتبه في وجود علاقة لهم بالأسرى الفلسطينيين الستة. ووفق شهود عيان، فقد اجتاحت قوات كبيرة من الشرطة ومخابرات الاحتلال الإسرائيلي هذه القرية العربية الواقعة داخل الخط الأخضر، وأجرت حملة تمشيط فيها.

حتى أن هذه الحملة الشعواء شملت المسجد الذي تشتبه في أن بعض الأسرى دخلوه وبدلوا فيه ملابسهم وتناولوا بعض الطعام قبل مغادرتهم القرية. هذا علاوة على، نشر سلطات الأمن الإسرائيلية وأجهزتها المختلفة عشرات الحواجز، وحشد عناصرها في حملة تمشيط متواصلة بحثًا عن الأسرى الفارين.

 

ما على الأسرى الفارين تجنبه

وفي هذا، تحدث خبراء أمنيون أن على الأسرى الفارين أن يتجنبوا الوجود في أوساطهم المجتمعية، ذلك لأنها بالتأكيد تحت المراقبة الحثيثة من قوات الأمن الصهيونية. هذا بالإضافة إلى عدم التعامل مع أدوات التكنولوجيا؛ لأن المحتل متفوق في هذه المسألة كثيرًا.

وبالطبع، فإن الاقتراب من مناطق مكشوفة وخطرة أمنيًا من المحظورات كذلك، إضافة إلى التواجد بشكل جماعي، حيث إن التحرك في جماعة يسهل على قوات الاحتلال رصدهم. كما أن التفرق -من ناحية أخرى- يشتت سلطات الاحتلال، ويصعب من مهمتها.

 

الابتعاد عن العواطف الضارة

علاوة على ذلك، فإن هناك بعض الأشياء التي يجب على الشعب الفلسطيني فعلها في هذه الأوقات، منها الابتعاد عن العواطف الضارة -رغم الفرح بالانتصار، والمباهاة- التي تفضي لعواقب وخيمة من قبيل روايات مثل “التقيت ورأيت وتحدثت ونقلت”. ذلك أن عملاء واستخبارات الاحتلال منتشرين بشكل واسع في الأراضي المحتلة والضفة الغربية، الأمر الذي يشكل وسطًا غير آمن. 

لذا، فإن كتمان أي شيء عن الأسرى -ولو كانت مجرد توقعات- هو أمر ضروري للحفاظ على أمنهم، في وقت تطاردهم فيه معروفة بوحشيتها. كما أن الابتعاد عن التطفل ونقل الإشاعات التي تبثها دولة الاحتلال وأجهزتها الاستخباراتية أمر مهم. فالكيان الصهيوني يخوض حاليًا حرب نفسية من أجل تجميع أي معلومات عن أماكن وجود الأسرى الستة.

وقد أكدت المقاومة الفلسطينية على ما سبق ذكره من تحذيرات، حيث نشر موقع “المجد الأمني” التابع لكتائب القسام (الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس) بيانًا صحفيًا طالب فيه المواطنين بتشجيع “أسرى نفق الحرية” والثناء عليهم، من دون تقديم أية معلومات أو تحليلات عنهم، داعيًا أصحاب المحلات التجارية في فلسطين إلى تغيير اتجاه كاميراتهم التي تكشف الطرق، وطالب الأهالي بالتضامن مع عائلات الأسرى ومواجهة الاحتلال إذا حاول اقتحام منازلهم.