العدسة – ياسين وجدي:

تدخل إماراتي يتصاعد في بلاد الرافدين لكسب النفوذ والسيطرة على الكنوز، تقوده شبكة ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد التي حرصت على تدمير كل أرض وطئت عليها وآخرها اليمن كشاهد عيان على ما جرى من كوراث وجرائم.

في العراق الأمر اتخذ وفق رصد “العدسة” مسارات اقتصادية وأمنية وسياسية لإحكام السيطرة على البلد العربي المستباح منذ الاحتلال الأمريكي في 2003 وصولا إلى كتائب داعش المدعومة في بعض مراحلها من الإمارات رأسا مرورا بدعم تفتيت البلاد والانفصال عنها.

نسلط مزيداً من الضوء على خارطة استباحة العراق تحت إشراف مافيا ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد.

مؤامرة متشابكة !

في أواخر العام 2017 ، برز اسم ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد مع اسم العراق ، بعد لقائه زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في الإمارات بعد وصول الأخير على طائرة خاصة ، وزعم ابن زايد استعداده لانفتاح الإمارات على العراق حكومة وشعبا، وأن المشاهد التي تكررت في الوطن العربي بكل ما تحمله من خسائر بشرية ومادية تعلمنا ضرورة العمل المشترك لحماية وصيانة المحيط العربي، وهنا كانت البداية للبحث عن النفوذ الجديد والسيطرة على الكنوز بشكل موزاي بحسب مراقبين.

 

وبحسب تقارير موثقة فإن خريطة الإمارات في العراق هدفت إلى تكريس نفوذ اقتصادي من الشمال وحتى الجنوب تحت لافتة التعاون والمصلحة المشتركين، لكن الحقيقة كانت تظهر في تهريب النفط وتهديد السيادة وعرقلة المشاريع المهمة لبلاد الرافدين ، فضلا عن أن جميع وعودها ذهبت هباءً ولم تر النور حتى هذه اللحظة ، وزاد الأمر صعوبة تحول دبي بحسب تقارير متواترة إلى مقر للسياسيين العراقيين ورجال الأعمال المتهمين بالفساد المالي، بجانب دعمها للإرهاب في العراق حرصا على استنزافه وفق ما يرى مراقبون.

في هذا الإطار تحدثت تقارير عربية أخرى عن دور إماراتي واضح في إفساد الشعب العراقي والسيطرة عليه ، من خلال محاولة أبو ظبي إغراق العراق بالمخدرات وفي هذا السياق تمكّنت السطات العراقية من ضبط أكبر عملية تهريب للمخدرات مؤخرا شهدها العراق في تاريخه، وصلت عن طريق موانئ دولة الإمارات، حيث أكد المعنيون حينها أن أبو ظبي هي من قام بتسهيل عبور هذه الكميّة الكبيرة من المواد المخدّرة، وذلك بهدف إغراق العراق بالمخدرات.

وفي سبيل ترسيخ أقدامها الأمنية ، دعمت أبو ظبي شركة “بلاك ووتر” المتهمة بعمليات قتل ممنهج في العراق، فبعد أن خرجت الشركة من العراق إثر قرارٍ برلماني، وملاحقتها وإغلاق مكاتبها في الولايات المتحدة الأمريكية، احتضنت أبو ظبي الشركة مع تغيير اسمها والاحتفاظ بكوادرها، لتبدأ الشركة عملها تحت اسم “أوليف” أو شركة “الزيتونة للخدمات الأمنية”، وتملكها بشكلٍ كامل حكومة أبو ظبي، ويديرها مؤسس “بلاك ووتر” الضابط السابق بالجيش الأميركي “إريك برنس” والملاحق قضائياً بتهم عدة، بينها جنائية وأخرى تهرب ضريبي.

كما دعمت أبو ظبي الإرهاب في العراق لاستنزاف البلاد ، وكشفت تقارير لـ”العدسة” عن أن الإمارات قدمت دعما لوجستيا كاملا لتنظيم داعش الإرهابي في الموصل وسوريا في الفترة من 2015 حتى 2017 ، حيث شمل الدعم إنزال أسلحة خفيفة ومتوسطة من صنع أمريكي وإنتاج جديد تضمن قذائف هاون وصواريخ متوسطة المدى وذخيرة حية شملت ملايين الرصاصات .

مطامع إماراتية !

وتشير المعطيات بحسب المراقبين إلى وجود أفق لتوسع إماراتي في العراق رغم عدد من العوائق الأساسية أمام العلاقات الإماراتية العراقية، حيث لم يتحقق سوى لقاء واحد بين ابن زايد وحيدر العبادي، خلال زيارة أجراها الأخير إلى الإمارات في ديسمبر 2014، فضلا عن دخول أبوظبي دائرة الاتهام الرسمي بدعم مشروع انفصال إقليم كردستان عن العراق، مع دخول بغداد على خط المشكلة الجديدة داخل الإقليم الكردي، خاصة أن “العبادي” هجم الإمارات مباشرة في مارس 2016.

 

وبحسب المحلل السياسي العراقي عدنان التكريتي فإن العراق يشهد انفتاحا إماراتيا شبيها بالسعودية يعبر عن مدى التفاهم حتى لو كان لأبوظبي أغراضها الخاصة، لكن الخبير العسكري والمتحدث السابق باسم وزارة الداخلية العراقية اللواء الركن عبد الكريم خلف قال :”إن الدور الإماراتي في العراق أشبه بعملية تخريب ممنهجة ومنظمة”.

ووفق اللواء الركن فإن عمليات واسعة لتبييض الأموال العراقية تدور رحاها في دبي ومدن إماراتية أخرى، عن طريق شراء عقارات باهظة الأثمان، خاصة في مشاريع عملاقة يحتفظ عراقيون متهمون بالفساد فيها بأسهم وحصص كبيرة، مثل مشروع النخلة وغيره.

سرقة الآثار وتهريبها جريمة إماراتية مستمرة في العراق كذلك لا سيما من الموصل، وأثارها ظهور قطع أثرية عراقية في متحف اللوفر بأبو ظبي، واتهام القضاء العراقي نحو تسعين وزيرا ونائبا ومسؤولا حكوميا عراقيا، يقيم بعضهم في الإمارات، بالتورط في قضايا فساد، من بينها سرقات آثار وصل بعضها إلى الولايات المتحدة، لكن القضاء أغلق ملفاتها بسبب ضغوط سياسية، وفقا لتقارير متواترة.

تجزئة بلاد الرافدين!

التقارير كذلك تشير للتدخل الإماراتي المشبوه ، لتشجيع إقليم كردستان على الانفصال، وكانت المفارقة أن الإمارات و”إسرائيل” هما الدولتان الوحيدتان اللذان وافقا على الانفصال.

 

ووفقا للمراقبين فإن الإمارات وجدت في إقليم كردستان أرضا خصبة للاستثمارات، ومدخلا لنفوذ سياسي في المستقبل ووسيلة لمناكفة الأتراك ، لذا سعت إلى توطيد استثماراتها النفطية والغازية في الأماكن الآمنة البعيدة عن المناطق المتنازع عليها، وفي مقدمة الشركات التي ولجت إلى استثمارات النفط والغاز هناك مجموعة “بيرل بتروليوم”، التي تمتلك عدة شركات إماراتية حصصا كبيرة فيها، مثل شركة دانة غاز التي تمتلك 35% من أسهمها، وشركة طاقة التي تستحوذ على 20% من أسهم شركة ويسترن زاكروس الكندية، وغيرها.

وبالتزامن مع ذلك جعلت الإمارات الإقليم” شوكة عالقة ” في فم أنقرة من أجل استمرار المواجهة مع تركيا عبر العراق ، ولذلك سعت بحسب مراقبين للسيطرة على الحدود العراقية مع تركيا، ودعم إقليم كردستان ومقاتلي حزب العمال الكردستاني، المصنف تركيًّا منظمة إرهابية، وتبنى مشروع انفصال الإقليم عن العراق.

الذهب الأسود

النفط العراقي أحد أبرز المطامع التي يسيل لها لعاب مافيا “بن زايد” ، وبرزت إلى الواجهة مؤخرا بحسب تقارير شركة “الهلال” الإماراتية التي يرأسها العراقي حميد جعفر، وتعمل في قطاع استكشاف وإنتاج النفط والغاز بمنطقة الشرق الأوسط، والتي تمكنت في فترة قصيرة من الاستحواز على عقودة جديدة لتطوير حقول عراقية .

 

 

وكشفت تحقيقات للحكومة العراقية عن تورط جهات إماراتية مقربة من السلطات بالتعامل مع شبكات ومافيات تهريب النفط العراقي عبر مياه الخليج العربي، حيث تستخدم الأموال الناتجة عن عمليات التهريب في تمويل ميليشيات عراقية  مما دفع السلطات في بغداد لمفاتحة السلطات الإماراتية في الأمر.

و بحسب مراقبين ومسؤولين محليين في البصرة وبغداد، فإنّ أكثر من 40 فصيلاً مسلحاً ونحو 10 أحزاب سياسية في العراق تتغذّى مادياً على النفط المهرّب من جنوب العراق، بالإضافة إلى 6 جهات كردية تموّل نفسها أيضاً من النفط العراقي المنهوب في الشمال، وهو الملف الذي تعاظم أخيراً وبات تحدياً أمام الحكومة بسبب ما يتكبّده العراق يومياً من خسائر جراء تهريب النفط الخام أو مشتقاته منذ الاحتلال الأميركي للبلاد ولغاية الآن.

الموانيء ورقة مهمة كذلك في ملف المافيا الإماراتية ، ويبرز في هذا الاتجاه ميناء الفاو الكبير، وهو المشروع الذي كان من الممكن أن يهدد ميناء جبل علي في دبي، حيث يطل ميناء الفاو الكبير على الخليج العربي، ويمكنه استيعاب نحو 99 مليون طن سنوياً؛ ليكون واحداً من أكبر الموانئ في المنطقة، ووضع حجر الأساس لهذا المشروع في أبريل 2010، إلا أن العمل توقف فيه لأسباب ما زالت غامضة فسرت أنها بضغوط إماراتية كي تبقى دبي المحطة الأكبر والأهم لمرور البضائع في المنطقة، كما يبرز في قائمة الموانيء محاولة الإمارات في السيطرة  على جزيرة سقطرى اليمنية، في محاولة للسيطرة على الموانئ والمطارات هنالك، ليحكم النفوذ والسيطرة على الكنوز حتى إشعار آخر.