نيوم بن سلمان
تواجه حكومة المملكة العربية السعودية الآن أزمة من نوع جديد بعد ظهور مقاومة “نادرة” لأحد مشاريع ولي العهد محمد بن سلمان ضمن رؤية 2030 الخاصة به، حيث صرحت إحدى القبائل في شمال غرب المملكة أنهم لن يغادروا منازلهم لإفساح المجال أمام المدينة الضخمة التي ينوي ابن سلمان تشييدها على أراضيهم.
وكان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان قد أعلن في 2017 عن نيته لبناء مدينة “نيوم” ضمن خطط التنمية المستقبلية كجزء من “جهوده” لإعادة تشكيل الاقتصاد السعودي المعتمد على النفط، ومن المتوقع أن تشغل تلك المدينة مساحة تقارب مساحة بلجيكا على طول ساحل البحر الأحمر.
الموقع المخصص لبناء مدينة “نيوم” يقطن به حالياً حوالي 20000 شخص، معظمهم من قبيلة الحويطات، والتي حاولت السلطات الأسبوع الماضي إجلاءهم بالقوة وإجبارهم على مغادرة منازلهم، حيث استخدمت القوات الأمنية العنف في عملية الإخلاء، وقامت باعتقال السكان المحليين الذين لم يوقعوا على وثائق إعادة التوطين واحتجزوا آخرين للاحتجاج على فقدان ما يعتبرونه أراضي الأجداد.
الأمور ازدادت تعقيداً في المملكة بعد مقتل المواطن عبد الرحيم الحويطي، وهو أفراد قبيلة الحويطات وهو يرفض تنفيذ قرارات الإخلاء، حيث قامت قوات الأمن بإطلاق النار عليه، وكان قد أطلق حملات على الانترنت يطالب فيها الناس بالاحتجاج على قرارات التهجير، كما نشر مقطع فيديو وهو يقوم بمقاومة قرارات الإخلاء من منزله في بلدة الخريبة، حيث قال في الفيديو “أنا عبد الرحيم أحمد محمود الحويطي.. هذا بيتي وسأحميه،،، لن أتفاجأ إذا جاءوا وقتلوني الآن.”
من جهتها أنكرت السلطات السعودية الاتهامات التي وجهت لها باستخدام العنف أثناء تنفيذ عملية الإخلاء، وأصدرت بياناً على لسان وكالة أمن الدولة إن السيد الحويطي قُتل في تبادل لإطلاق النار مع السلطات، مضيفة أنه تم العثور على مخزون كبير من الأسلحة والذخيرة في منزله.
وقد قال بعض السكان إن رفضهم للترحيل يزداد مع الوقت، حتى لو لم يعارض الناس التطور من حيث المبدأ، وأضاف أحد أفراد القبيلة “الحقيقة هي ما يلي: صحيح أننا لا نعترض على “نيوم” كفكرة، بل على العكس، لقد تم تجاهل هذه المنطقة بأكملها لفترة طويلة ونحن بحاجة إلى خدمات، ونريد أن يهتم بنا المسؤولون، ولكن من ناحية أخرى نحن لا نريد أن نغادر منازلنا”.
من ناحية أخرى وعد المسؤولون بتقديم تعويضات وإعادة توطين للسكان النازحين الذين يعمل الكثير منهم في وظائف حكومية أو في متاجر صغيرة وفنادق، إلا أن السكان المحليين أكدوا أنهم لم يحصلوا على تعويضات حتى الآن.
يُذكر أن المسؤولون في السفارة السعودية في واشنطن ومشروع نيوم رفضوا الرد على الاستفسارات المتعلقة بالكيفية التي سيتم فيها تعويض الناس.
على صعيد آخر، ظهرت بعض الأصوات المؤيدة للدولة، حيث نُشر بيان منسوب للزعيم القبلي الشيخ عليان عايد الزمري في صحيفة سعودية يقول ان القبيلة موالية لبيت آل سعود وتدعم مشروع نيوم، موضحاً في البيان ان السيد الحويطي تصرف بمفرده ولا يمثل القبيلة.
يُعد مشروع “نيوم” أولوية عالية كجزء من برنامج الأمير محمد للتنمية الاقتصادية، على الرغم من الضغوط التي تعاني منها الميزانية الحكومية الآن بعد أسعار النفط المنخفضة.
كجزء من جهد أوسع من ولي العهد لتحديث المملكة العربية السعودية وجعل المملكة أكثر انفتاحًا، تهدف مدينة “نيوم” إلى جذب سكان ومستثمرين دوليين، وهي واحدة من ثلاثة “مشاريع تنموية متطورة” على طول ساحل البحر الأحمر، والتي ستحل محل المجتمعات المحلية المحافظة.
تشمل خطط نيوم نظامًا قانونيًا مختلفاً عن بقية الأنظمة في المملكة العربية السعودية، ومن المتوقع أن يكون نسخة أخرى من
مدينة دبي في الإمارات، حيث يُسمح هناك بممارسة بعض التقاليد والأفعال التي يحرمها الإسلام، كشرب الخمور.
في سياق متصل، قال المكتب الإعلامي لشركة نيوم أن المشروع لا يزال قائماً، وسيتم افتتاحه في الموعد المحدد له وفي عام 2023، وأضاف “هذا العام يدور حول بناء الزخم مع انتقال نيوم من التخطيط الاستراتيجي إلى التطوير والبناء الفعليين”.
وعلى الرغم من تصريحات المسؤولين، إلا أن الوضع تأزم بعد مقتل الحويطي، ليثير بمقتله خلافاً قد يؤدي إلى تصادم بين الحكومة وأعضاء قبيلة كبيرة – وهو أمر قد يعقد الجهود لجذب الاستثمار الدولي في المشروع.
اتخذ ولي العهد موقفا متشددا من المعارضة في الماضي، حيث أشرف على اعتقال النشطاء السياسيين المعارضين والأمراء غير الموالين له، كما قُتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية المملكة في اسطنبول عام 2018 بعد تكليف رجال يعملون لصالح ولي العهد باغتياله، على الرغم من نفي الأمير تورطه في القتل، ما يعني ان ابن سلمان يرتكب أي شيء حتى لو كان مخالفاً للقانون وحقوق الإنسان في سبيل تحقيق ما يريد.
للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا
اقرأ أيضاً: بلومبرغ.. تحذر بن سلمان من استمراره في الانفاق على المشروعات الفاشلة
اضف تعليقا