نشرت صحيفة وول ستريت جورنال -الأربعاء- تقريرًا صادمًا حول ممارسات مشينة يرتكبها كبار المسؤولين التنفيذيين في مشروع مدينة نيوم التي يشرف عليها ولي العهد محمد بن سلمان بنفسه، وحسب مصادر موثوقة وشهادة الشهود، اتهم هؤلاء المديرين بالعنصرية على أساس اللون والعرق والجنس، وكذلك بالتحرش وبالفساد المالي والأخلاقي.

وكشف التقرير أن واين بورج، المدير الإداري الأسترالي لنيوم المسؤول عن وسائل الإعلام، أدلى بعدة تعليقات تمييزية وعنصرية ضد العمال، ففي إحدى المرات، وبعد انتشار أخبار وفاة ثلاثة عمال أثناء عملهم في المشروع، قال بورج: “يموت عدد كبير من الناس، لذا يتعين علينا عقد اجتماع ليلة الأحد”، حيث كان مستاءً من أن العاملين في المشروع اتصلوا به في يوم عطلته وطلبوا اجتماعًا لإخباره بالخبر الذي رآه غير مهم بالمرة.

ثم واصل وصف العمال المهاجرين من جنوب آسيا في نيوم بـ “الحمقى”، مضيفًا “لهذا السبب يحتل البيض قمة التسلسل الهرمي”، وقد أدلى بالتعليقات في مكالمة هاتفية، حصلت صحيفة وول ستريت جورنال على تسجيل صوتي لها.

وفي محادثة أخرى بشأن وفاة العمال، قال بورج: “لا يمكن إصلاح الغباء”، في إشارة إلى أنه يعتقد أن عدم كفاءة العمال أمر فطري ولا يمكن تحسينه بالتدريب، ثم تابع “الرجال البيض هم في قمة الهرم”، أي الرجال البيض هم أصحاب السلطة والمهارات.

وورد أن أحد العمال توفي بسبب سقوط أنبوب، بينما انهار جدار على آخر، وتوفي العامل الثالث بسبب سوء التعامل مع المتفجرات، وفقًا للموظفين الحاليين والسابقين المذكورين في التقرير.

وفي حادثة منفصلة، ​​تم استدعاء بورج من قبل الموارد البشرية بعد أن وصف موظفة بتعليقات مهينة بأنها “سوداء قميئة”، وفقًا لعمال سابقين في نيوم.

وفي رسالة إلى الموظفة المعنية، ورد أن بورج قال “أفتقدك” و”مؤخرتك أفضل من مؤخرة بيونسيه”، مع رموز تعبيرية للقبلات، وفقًا لملخص شكاوى الموظفين.

في اجتماع حول الرسالة، قال بورج “لن أنتهي من القصة التي مررت بها مع تلك العاهرة السوداء” – وهو تعليق سُمع في تسجيل صوتي ونشرته صحيفة وول ستريت جورنال.

وفقًا لمقاطع صوتية أخرى، أشار بورج إلى النساء من الخليج باعتبارهن “متحولات جنسياً” وأطلق نكات بذيئة حول الإسلام والمواقف الجنسية.

“أقود الجميع مثل العبيد”

في بيان لصحيفة وول ستريت جورنال، قالت إدارة نيوم إنها تتبنى نهج عدم التسامح مطلقًا مع السلوك غير اللائق في مكان العمل، وستحقق بدقة في مزاعم ارتكاب مخالفات.

وذكر التقرير أن مسؤولين تنفيذيين كبارًا آخرين في نيوم اتُهموا أو خضعوا للتحقيق بشأن عدد من القضايا، بما في ذلك الفساد والاختلاس.

في عام 2021، أدين أحد هؤلاء المسؤولين التنفيذيين في نيوم، أنطوني فيفيس، من قبل محكمة إسبانية بالفساد أثناء عمله السابق في قاعة مدينة برشلونة. وقد اعترف بالفعل بأنه أعطى صديق “وظيفة وهمية” بقيمة حوالي 165 ألف دولار على مدى أربع سنوات، وحُكم عليه بالسجن لمدة عامين مع وقف التنفيذ.

استقال فيفيس من نيوم لكنه أُقنع بالعودة، وفقًا لموظفين سابقين، وقالت المصادر إن فيفيس بنى علاقة مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي ورد أنه قال إنه لا يهتم بجرائم فيفيس طالما لم ترتكب في المملكة العربية السعودية. وفي حادثة أخرى تم الإبلاغ عنها، تشاجر فيفيس مع مدير بناء، ووصل الأمر للضرب بالأيدي.

وحسب مصادر مطلعة، يحاكم فيفيس الآن بتهم فساد، حيث يسعى المدعون إلى الحكم عليه بالسجن لمدة ست سنوات بتهمة التآمر الجنائي والاحتيال وتحريف العدالة.

في سياق متصل، قال الرئيس التنفيذي لنيوم، نظمي النصر، الذي يتمتع بسمعة كونه مديرًا صعب المراس، في تسجيل حصلت عليه صحيفة وول ستريت جورنال: “أقود الجميع مثل العبيد”.

تعد مدينة نيوم الضخمة محورًا لاستراتيجية رؤية محمد بن سلمان 2030 لإبعاد المملكة الخليجية عن الاعتماد على النفط وتعزيز سمعتها على الساحة العالمية.

في مايو/أيار، أفاد موقع ميدل إيست آي أن ضباط الأمن السعوديين أُمروا باستخدام القوة المميتة لقتل الأشخاص الذين قاوموا الإخلاء من المناطق المخصصة للمدينة، وفقًا لضابط مخابرات سعودي سابق، كما اتُهمت الحكومة السعودية قبل ذلك بتهجير أفراد قبيلة الحويطات بالقوة، الذين عاشوا لقرون في تبوك لقرون من الزمان، لإفساح المجال لنيوم.

تم القبض على ما لا يقل عن 47 فردًا من القبيلة أو احتجازهم لمقاومتهم قرارات الإخلاء، بما في ذلك خمسة حُكم عليهم بالإعدام، وفقًا لتقرير صادر عن منظمة القسط لحقوق الإنسان ومقرها المملكة المتحدة.

من المقرر أن تشمل مدينة نيوم -التي تبلغ تكلفتها 500 مليار دولار، والتي يزعم المنظمون أنها ستكون بحجم مدينة نيويورك 33 مرة – مدينة مستقيمة بطول 170 كيلومترًا، ومدينة ذات ثمانية جوانب تطفو على الماء، ومنتجع تزلج بقرية عمودية مطوية، من بين مشاريع فخمة أخرى.

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا