إبراهيم سمعان
سلط تقرير مطوَّل نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية الضوء على محاولة السعودية دفع أموال ضخمة لمسؤولين بـ”فيفا” من أجل أغراض سياسية وزيادة نفوذها لكي تصبح واحدة من أكبر القوى المؤثرة فى قرارات الاتحاد الدولي لكرة القدم.

وإلى نص التقرير

يواجه الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا”، ثلاثة قرارات رئيسية فى الأسابيع والأشهر المقبلة، فيما أصبحت تضع السعودية- التي لطالما لعبت دورًا ثانويًا وسط الطبقات الحاكمة فى كرة القدم- نفسها باعتبارها واحدة من أكبر القوى المؤثرة فى هذه القرارات.
ويأتي فى صدارة تلك القرارات، التصويت على البلد المستضيف لبطولة كأس العالم لكرة القدم لعام 2026، واقتراح توسيع عدد الفرق المشاركة فى بطولة كأس العالم 2022 فى قطر إلى 48 فريقًا، وأخيرًا يجب على “فيفا” أن يقرر كيف ستمضي قدمًا فى المفاوضات الجارية مع المستثمرين، الذين يقدمون ما يصل إلى 25 مليار دولار لبطولتين جديدتين لكرة القدم، وهو الأمر الذي قد يعيد تشكيل المنافسات على صعيدي الأندية والمنتخبات. فيما تعد السعودية أيضًا من بين أكبر المستثمرين في الكونسورتيوم الدولي للمستثمرين، والذي يقدّم أرباحًا محتملة لـ”فيفا”.
وقام عدد من قادة أمريكا الشمالية بتقديم عطاءات من أجل استضافة كأس العالم 2026، وكان بينهم كارلوس كورديرو، رئيس الاتحاد الأمريكي لكرة القدم، الذي زار السعودية مؤخرًا، للحصول على تأييد قادة اتحاد جنوب غرب آسيا الذي جرى تأسيسه من قبل السعودية مؤخرًا بعضوية 12 دولة.
وإذا استمرت تلك المجموعة (اتحاد جنوب غرب آسيا) تحت قيادة السعودية، فيمكنها السيطرة ببساطة على تصويتهم فى الأمور المهمة التي تواجهها في الاتحاد الدولي لكرة القدم.
ويستعد مسؤولون من 10 دول أغلبهم من دول جنوب آسيا والعرب لإعلان تشكيل المجموعة (اتحاد جنوب غرب آسيا) التي ستقام في جدة ويقودها عادل عزت رئيس كرة القدم في السعودية. ورئيسها الفخري هو تركي الشيخ، أكبر مسؤول رياضي في المملكة، والصديق المقرَّب من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
يقول الخبراء، إن تحركات السعودية في كرة القدم تتوافق مع أهدافها طويلة المدى المتمثلة في تحديث مجتمعها واقتصادها، وأن تصبح أقل اعتمادًا على النفط، كما تدرس السعودية الشروع فى إنشاء شبكة إقليمية رياضية ضخمة، ووقّع المديرون التنفيذيون السعوديون صفقات طويلة الأجل مع شركة المصارعة”دبليو دبليو إي”، و”سلسلة سباقات الفورمولا E”.
وقال ديفيد ب. روبرتس، الخبير الخليجي في كينجز كوليدج في لندن: إنها قيادة جديدة ذات أفكار مختلفة بشكل عميق.
فيما لم تستجب الهيئة العام للرياضة فى المملكة لطلبات الصحيفة على التعليق.
ساسيًا تتجنب المملكة- التي تأهل منتخبها الوطني لكرة القدم هذا العام لكأس العالم لأول مرة منذ 2006 – بشكل كبير التدخل فى الرياضة، ونادرًا ما كان لديها عضو فى مجلس إدارة “فيفا”.
وفى أواخر العام الماضي، زار رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم، جياني إنفانتينو، قصر اليمامة فى الرياض، والتقى مع عدد من الشخصيات السعودية الرئيسية، بما في ذلك الملك سلمان والأمير محمد بن سلمان، ولي العهد، منذ ذلك الحين، سافر ممثلون من البلاد إلى فيفا لمناقشة العديد من المشروعات، وفقًا لمسؤولين لديهم معرفة بالاجتماعات.
بعد اتخاذ قرار بتنظيم اتحاد جنوب غرب آسيا لكرة القدم، استضافت المملكة العربية السعودية مندوبين من بنجلادش والهند وباكستان والإمارات العربية المتحدة والعديد من الدول الأخرى، الذين منحتهم السعودية ساعات هدية، وأبلغ المندوبون أن السعودية تخطط لإنشاء بطولات إقليمية جديدة وتمويل تطوير كرة القدم، وفقًا للأشخاص الذين حضروا المقابلات.
وقد تمثل الهدايا الممنوحة للمندوبين والوعد بالتمويل خرقًا للقواعد الأخلاقية، وفقًا لمسؤول بارز على صلة بكرة القدم الآسيوية.
وعلق رئيس الاتحاد البنغالي لكرة القدم قاضي صلاح الدين- الذي حضر الاجتماع-قائلا إن السعوديين يعتنون بجميع ترتيبات الطيران والإقامة، مضيفًا أن نائبه أخذ الهدية التي تم تخصيصها له.
وأضاف صلاح الدين الذي يرأس مجموعة إقليمية منفصلة فى جنوب آسيا “لا ارتدي الساعات، لذا لم يكن لدي أي اهتمام بالهدية.. السعوديين أبلغونا بأنه يجب علينا أن نساعد بعضنا البعض. من جهتي أرى أن ذلك أمر جيد”.
ويعد تأسيس اتحاد جديد دون موافقة “فيفا “والاتحاد الآسيوي انتهاكا للقواعد القائمة، فيما أمهل الاتحاد الآسيوي الأطراف المشاركة في الاتحاد السعودي الجديد، الفرصة حتى اجتماع 21 مايو لتقديم تفسير لانضمام للاتحاد السعودي الجديد، فيما رفض الفيفا التعليق.
قبل التطورات الأخيرة، كان تأثير السعودية في مجال كرة القدم هامشيًا إلى حد كبير، مقارنة بجيرانها وخاصة قطر، التي أمضت طيلة العام الماضي معزولة عن المنطقة جراء الحصار المفروض عليها من قبل السعودية، والتي تتهم الدوحة بعدم بعدم القيام بدورها في مكافحة الإرهاب.

وحصلت قطر بشكل مثير بالجدل على استضافة كأس العالم 2022، وسط اتهامات بالرشوة، وهو الأمر الذي تنفيه الدولة الصغيرة الغنية بالغاز.

وقال تركي آل الشيخ، أكبر مسؤول رياضي سعودي، فى تغريدة على حسابه على موقع تويتر: إن قطر اخترقت لوائح فيفا، الأمر الذي يستوجب حرمانها من تنظيم المونديال واستبدالها بإنجلترا أو الولايات المتحدة.

منذ ذلك الحين، برزت السعودية كواحدة من أكثر المؤيدين المتحمسين لفكرة تنظيم كأس العالم 2026 في أمريك االشمالية، والتي ستجري فى الغالب في الولايات المتحدة أو المغرب المنافس الوحيد، والتي حظيت بتأييد قطر.
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، سافرت مجموعة ثانية من مسؤولي الاتحادات بأمريكا الشمالية إلى الشرق الأوسط من أجل الحصول على التأييد لاستضافة كأس العالم، وكانت وجهتهم تمثل المملكة العربية السعودية، وذلك بعد أيام فقط من زيارة كورديرو للرياض.
وقال اتحاد أمريكا الشمالية لكرة القدم فى بيان له نقدر السعودية تماماً مثل بقية الدول الـ 207 الأخرى.
وتؤيد السعودية اقتراح تسريع وتيرة زيادة عدد الفرق المشاركة فى كأس العالم لـ48 فريق بدلًا من 32، ومن المقرر أن يتم ذلك خلال 2026، وإذا حدث ذلك فإن قطر ستحتاج إلى أن تشاركها دول أخرى في استضافة المونديال.
الصفقة المحتملة مع “فيفا”، قد تجذب أكبر قدر من الاهتمام للسعودية، إذا قامت فيفا بالتوقيع، حيث يؤدي إلى حدوث بعض التغيرات الأكثر أهمية فى تاريخ الرياضة، في حين يتمكن رئيس الاتحاد الدولي جياني انفانتينو بتوفير الأموال عبر منصة ضخمة من التمويل (السعودية)، والتي من خلالها يبدأ سعيه لإعادة الانتخاب فى العام المقبل.
إمكانية بيع الفيفا إلى مجموعة من المستثمرين، أدَّى إلى اجتماعات عاصفة بين القيادة وأصحاب المصالح (الأطراف الفاعلة) فى اللعبة على مستوى العالم.
فقد أصدر تجمع للأندية والدوريات، بيانًا شديد اللهجة ضد فيفا خلال اجتماع عقد الأربعاء الماضي فى مدينة ليون الفرنسية؛ لتشكيل لجنة استراتيجية لكرة القدم للمحترفين بالاتحاد الاوروبي، وناقش الاجتماع القضية بشكل مطول.
وندَّد البيان ما وصفه بتسرع رئيس الاتحاد، محاولة إبرام اتفاق بشأن مشاركة 24 نادياً في كأس العالم للأندية، وتنظيم دوريات ممولة من صندوق، ظلت هويته سرية. فيما قال “انفانتينو” إنه تماشيًا مع عدم الإفصاح، فإنّ لديه قدرًا محدودًا فيما يستطيع أن يكشفه.

ومع ذلك، فإن المبالغ المالية الموجودة فى العرض قد أدارت رؤوس الأندية الكبيرة، برشلونة وريال مدريد، ومعهم سبعة أندية كبيرة أخري، تلقوا أموالًا خاصة من رئيس الاتحاد الدولي، وتحدثوا بشكل إيجابي في الأيام الأخيرة لصالح هذه العملية. فيما بدأ المدير التنفيذي لنادي مانشستر يونايتد إيدودوورد يتحدث عن الفكرة خلال مؤتمر عبر الهاتف مع المستثمرين يوم الخميس .
يوفر التمويل للفيفا حوالي 3 مليارات دولار فى كل نسخة من كأس العالم للأندية التي تقام كل أربع سنوات، وهذه الأموال تزيد بمثابة ثلاثة أضعاف من تقديرات فيفا.
وقال لارس كريستر أولسون، الذي يرأس رابطة الدوريات الأوربية: إن قلة المعلومات عن التمويل تمثل مشكلة، فضلًا عن إمكانية أن يدفع بلد ما أموالًا فى كرة القدم من أجل أغراض سياسية ”

وأضاف أولسون أن “الرياضة يجب أن تبقى بعيدة عن الأنظمة السياسية وإلا لن تكون ذات مصداقية”.

وانتقد بشدة تفديم أي دول إعانات للحصول على منصب فى الرياضة، أعتقد أن هذا أمر خطير على الرياضة فى حدّ ذاتها.