العدسة – إبراهيم سمعان
سلطت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية الضوء على قيام الحكومة المصرية ومؤيديها من المسؤولين ورجال الأعمال، بدفع رشاوي انتخابية للمواطنين، تتراوح ما بين 3 إلى 9 دولارات؛ لحثهم على المشاركة فى الانتخابات الرئاسية التي حظيت بإقبال ضعيف لعلم الكثيرين أنها محسومة مسبقا لصالح عبد الفتاح السيسي الذي منع المرشحين الأقوياء من الترشح ووضع الآلاف من المعارضة فى السجون.
وإلى نص التقرير ..
انطلقت سيدة ترتدي شالاً أسود، بسرعة لكشك فى شارع خلفي فى مدينة طنطا – المزدحمة بالسكان فى دلتا النيل، على بعد 50 ميلا شمال القاهرة– وصاحت قائلة “أين صندوق المعونة الخاص بي ؟ لقد تلقى أشقائي وشقيقاتي فى القاهرة معوناتهم، فمتي أحصل على الصندوق الخاص بي؟.
وكانت السيدة سعاد عبدالحميد، وهي ربة منزل، تقصد صناديق المعونات الغذائية، التي تحتوي على زيت، وأرز، وسكر، ومعظم تلك المواد وُعِد الناخبيون فى الأحياء الفقيرة بالحصول عليها، مقابل الادلاء بأصواتهم فى الانتخابات الرئاسية المصرية .
ومع عدم وجود خصم حقيقي، يعتمد الرئيس عبدالفتاح السيسي على الحماس الشديد لدي مؤيديه لتوليد إقبال معقول. وحينما يكون الحماس غير كافٍ، فإن لديه وسائل أخرى لتحفيز ودفع الناخبين إلى صناديق الاقتراع .
وقال بعض الناخبين إنهم تلقوا مبالغ مالية تترواح ما بين 3 إلى 9 دولارات مقابل الإدلاء بأصواتهم فى الانتخابات، وفى العديد من المناطق، وعد مسؤولون حكوميون ورجال أعمال مؤيدون للسيسي، الناخبين بتحسين الخدمات، مثل الكهرباء والصرف الصحي، إذا شاركوا فى الانتخابات وأدلوا بأصواتهم، وفى مرسى مطروح، على ساحل البحر المتوسط، عرضت مجموعة من رجال الأعمال إرسال 500 ناخب إلى مكة لأداء مناسك العمرة.
سياسة الجزرة تم تعزيزها بالعصا أيضًا؛ فقد أفادت وكالة الأنباء الرسمية للدولة، أن هناك غرامة تقدر 28 دولارًا، تنتظر الذين لم يدلوا بأصواتهم- وهو تهديد نادر لم يتأثر به الناخبون فى الانتخابات السابقة- وفى محافظتي أسيوط والمنيا، ذهب ضباط الشرطة إلى البيوت لحث المواطنين على الادلاء بأصواتهم .
وقال موظفون متقاعدون ومسؤول فى شركة مصر للطيران: إنه تم تحذيرهم أن رواتب شهر أبريل سوف تتعرض للبتر إذا ما لم يقوموا بالإدلاء بأصواتهم.
التصويت الذي يستمر لمدة 3 أيام ينتهي الأربعاء، يحظى كما هو متوقع، بأهمية وشغف منخفضين، على نقيض عن التصويت الذي أعقب ثورات الربيع العربي فى عام 2011 ، عندما أطاح الشعب المصري بالرئيس الأسبق محمد حسني مبارك.
وكان الإقبال ضعيفا فى أجزاء كبيرة فى القاهرة، فى طنطا، والتي تشتهر بـ”المشبك” ومسجد السيد البدوي، تم وضع ملصقات للسيسي فى جميع أنحاء الطرق الرئيسية للمدينة، كان من الصعب الحصول على صورة واحدة لمنافسه موسى مصطفى موسى، وهو سياسي غامض، ترشح فى اللحظات الأخيرة لرفع الحرج عن الحكومة ولكي لا يترشح السيسي وحده فى الانتخابات.
واتهم موسى مصطفى– الذي لديه علاقات بالأجهزة الأمنية- الولايات المتحدة هذا الأسبوع بالوقوف وراء إشعال ثورات الربيع العربي؛ لزعزعة استقرار الشرق الأوسط، وقال لوكالة سبوتنيك الروسية “هذا المشروع الأمريكي الضخم تم تنفيذه من قِبل فريق وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كوندوليزا رايس” .
لكن العديد من الناخبين فى طنطا فشلوا فى تذكر اسم “موسى مصطفى موسى”، كما لم يعلن أحد فيهم عن نيته فى التصويت له.
ويبدو أن المجهود المبذولة لزيادة الإقبال بوعود المعونات الغذائية قد أتى بثماره فى بعض المناطق. على بعض النواحي كان التصويت مألوفًا لدى المصريين، الذين تحملوا الانتخابات المزورة خلال حكم مبارك الذي استمر من 1981 إلى 2011 ، والذي دفعت حكومته أيضا أموالًا للناخبين لحثهم على التصويت.
ولم يرد متحدث باسم حملة السيسي على أسئلة تتعلق بتكتيكاتها الانتخابية، لكن السهولة التي يحظى بها السيسي حاليا، فقد حظر السيسي جماعة الإخوان المسلمين المعارضة، وسجن الآلاف من المعارضين، وفى مرحلة مبكرة من الانتخابات أسكت وهمّش أي منافس له قد يشكل له أي تهديد انتخابي، كما تم القبض على العديد من الصحفيين، وطرد مراسلة بريطانية الشهر الماضي.
بالرغم من ذلك، يمثل السيسي بالنسبة لمؤيديه حصن الاستقرار فى المنطقة التي تتعرض للفوضى العنيفة والاضطرابات السياسية، ففي “جنزور” وهي بلدة صغيرة تقع على بعد 6 أميال جنوب طنطا، كان أحد الناشطين المؤيديين للسيسي، ويدعى إبراهيم سليمان، يستخدم مكبر الصوت عند بوابات مركز الاقتراع .
وفور مرور مجموعة من الناخبيين بوابة مركز الاقتراع أخذ يصيح قائلا: ” هل تريد أن تنتهك نساءك كما هو الحال فى سوريا والعراق وليبيا؟ “. وبعد لحظات ظهرت مجموعة من الموسيقيين والشبان ودخلوا فى وصلة رقص على سقف سيارة، وأعلن السيد سلمان أن المراسل الأجنبي يراقب الانتخابات “دعونا نبين له أننا دولة موحدة”
ثم قام رجل آخر بعد ذلك بأخذ مبكر الصوت من سلمان وأخذ يقول موجها حديثه للحضور “نحن لا نصوت لصالح السيسي، نحن نصوت لصالح الدولة المصرية”.
اضف تعليقا