يواجه المقاول المصري محمد علي احتمال كبير لترحيله إلى مصر بعد تقديم الأخيرة مذكرة اعتقال تفيد باتهامه بالتهرب الضريبي وغسيل الأموال.
محمد علي، المعارض المصري والمقاول الذي عمل للجيش سابقاً، يعيش في المنفى في منطقة كاتالونيا في إسبانيا منذ عام 2018 بعد قيامه بنشر سلسلة من مقاطع الفيديو حول تفشي الفساد في دوائر القيادات المحيطة بالسيسي، مدفوعة بشكواه الخاصة حول تعرض للغش والخداع من قبل مؤسسات الجيش المصري على خلفية بعض المشاريع التي نفذها لهم، وقد تسببت مقاطع الفيديو تلك في موجة قوية من الاحتجاجات الشعبية في شوارع القاهرة والعديد من المحافظات الأخرى مطالبين برحيل النظام والتصدي للفساد المتفشي في أجهزة الدولة.
على خلفية مقاطع الفيديو التي قام محمد علي بنشرها نشبت عداوة بينه وبين النظام المصري، الذي اعتبره من المعارضين منذ ذلك الحين، وتوعد له، كما قامت وسائل الإعلام الموالية للسلطات بشن حملات تشويهية ضده.
وفي رغبتها للنيل من محمد علي، قامت السلطات المصرية بتقديم طلب تسليم للسلطات الإسبانية لترحيل محمد علي وتسليمه لمصر، وهي خطوة تعد الأحدث من قبل مصر لاستخدام الأدوات القانونية والوسائل الأخرى لإسكات منتقدي السيسي الأكثر صراحة في البلدان التي يكونون فيها خارج نطاق خدماته الأمنية القوية.
من جانبها قامت السلطات الإسبانية بالبت في الأمر، وبالفعل مثُل محمد علي أمام قاضي إسباني في جلسة استماع أولية في 9 يوليو/تموز، وتم منحه 45 يومًا لعرض أسبابه ودفوعه لتقديم أسباب عدم ترحيله وتسليمه لمصر.
وكانت محكمة مصرية قد حكمت غيابيا على محمد علي بالسجن لمدة خمس سنوات بتهم التهرب الضريبي في فبراير/شباط الماضي، وغرامة تعادل 250 ألف دولار من الضرائب المتأخرة، وهو الحكم الذي تذرعت به السلطات المصرية في مذكرة التسليم المكونة من 20 صفحة، والتي اشتملت على عدد من الاتهامات أبرزها أنه أبرم صفقات عقارية تعود إلى عام 2006، “دون الإعلان عن جزء من مبيعاته”.
الاتهامات المُشار إليها تم نفيها جميعاً من قبل محمد علي، الذي قال إنه غادر مصر قبل عامين دون بصورة قانونية دون توقيف في المطار ولا قبل ذلك، مضيفاً “إذا قمت بالاحتيال، فلماذا سمحوا لي بمغادرة البلاد؟ “.
قال السيد علي إنه يأمل أن تقف محاكم إسبانيا معه إلى جانبه ضد مصر، لأن إسبانيا “دولة عادلة تناضل من أجل حقوق الإنسان”.
ليس لدى مصر وإسبانيا معاهدة تسليم، لذلك يجب أن يفصل القضاء الإسباني في الأمر، ومن الجدير بالذكر أن مصر كانت قد قدمت طلبًا مشابهًا بعد الربيع العربي في 2011، عندما واصلت تسليمها من إسبانيا حسين سالم، المقرب من الرئيس السابق، حسني مبارك، متهماً السيد سالم بالاحتيال، وفي النهاية رفضت المحكمة الدستورية الإسبانية الطلب لأن السيد سالم أصبح مواطنًا إسبانيًا وتنازل عن جنسيته المصرية.
أبرم السيد سالم في وقت لاحق صفقة مع حكومة السيد السيسي للسماح له بالعودة إلى الوطن مقابل دفع 600 مليون دولار عام 2017، وبعدها أسقطت محكمة مصرية اتهامات الاحتيال النهائية ضده.
على مدار 15 عاماً، عمل السيد علي في مشروعات التنمية الكبرى المتعلقة بأجهزة الدولة، وعلى الرغم من أن السيد علي رجل كاريزمي لامع ظهر مرة واحدة في فيلم كان من انتاجه، إلا أن قلة توقعت أن يكون لمقاطع الفيديو التي نشرها عن الفساد الرسمي في سبتمبر الماضي تأثير كبير.
لكن روايته للفساد في الدوائر الحاكمة في البلاد، والتي تم تلميعها من خلال التقارير عن السلوك المفرط والمستبد من قبل عائلة السيد السيسي، أثرت على الشباب المصري الذين خرجوا إلى الشوارع في 20 سبتمبر/أيلول، تسببت في اعتقال العديد منهم بصورة غير قانونية، كما اتخذت السلطات إجراءات صارمة ضد موجة ثانية من الاحتجاجات بعد ذلك بأسبوع، واعتقلت في النهاية أكثر من 2300 شخص وفقًا لمنظمة العفو الدولية.
بدا السيد علي في البداية وكأنه يستمتع بمكانته كمتمرد شعبوي، لا يتبنى أجندة أي جهة معارضة في الخارج، وفي مقابلة العام الماضي، قال إنه ليس لديه طموحات سياسية شخصية لكنه يريد أن يعمل كقوة موحدة للجماعات المتنافسة المعارضة للسيد السيسي، بما في ذلك الإخوان المسلمون.
منذ ذلك الحين، تقلص ظهور السيد علي بقوة، كما واجهت أسرته مضايقات من قبل قوات الأمن المصرية، وقد أعرب سرا لنشطاء آخرين عن احباطه من أن الحركة الاحتجاجية فشلت في نهاية المطاف في زعزعة سلطة السيسي.
منذ عام 2013، قدم المدعون المصريون العديد من طلبات التسليم إلى دول في أوروبا وآسيا من أجل تسليم المعارضين، وخاصة قيادات جماعة الإخوان المسلمين المحظورة، وقد فشلت هذه الطلبات في أغلب المرات، ولكن بعض المنشقين احتجزوا في السجن أو جُمدت أصولهم لأشهر في دول مثل ألبانيا وأوكرانيا والهند لفترات قبل إصدار قرارات برفض التسليم، كما سعت السلطات المصرية إلى ممارسة الضغط على المعارضين في الخارج من خلال استهداف أقاربهم داخل مصر.
في الشهر الماضي، رفع المواطن الأمريكي من أصول مصرية، محمد سلطان، دعوى قضائية أمام محكمة أمريكية اتهم فيها مسؤولين مصريين بالتعذيب وغيره من الانتهاكات خلال فترة سجنه التي استمرت عامين بتهم سياسية انتهت في عام 2015، حيث قام برفع دعوى ضد حازم الببلاوي، رئيس الوزراء -أثناء اعتقال سلطان- وزير مصر المقيم في الولايات المتحدة وعضو في المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي.
بعد فترة وجيزة من رفع الدعوى، داهمت القوات الأمنية المصرية منازل أقارب السيد/ سلطان في مصر واحتجزوا خمسة منهم، ما زالوا رهن الاحتجاز، كما قامت السلطات باستجواب والد محمد سلطان، صلاح سلطان، وهو أحد قيادات الإخوان المسلمين المعتقلين منذ 2013.
في رسالة إلى وزير الخارجية مايك بومبيو في 30 يونيو/حزيران، نددت مجموعة من الخبراء المهتمين بالشأن المصري بالاعتقالات باعتبارها محاولة واضحة لإجبار السيد سلطان على إسقاط دعواه.
وقالت رسالة من مجموعة العمل حول مصر، وهي مجموعة من الحزبين ]الكونغرس[ تسعى للتأثير على السياسة الأمريكية تجاه مصر: “إن ممارسات النظام المصري يمثل تدخلاً صارخًا في نظام العدالة الأمريكي وإهانة لحقوقه القانونية كمواطن أمريكي”..
للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا
اقرأ أيضًا: محمد علي يعلن اعتزاله السياسة ويعتذر للمصريين
اضف تعليقا