العدسة – معتز أشرف:

“عديمو الجنسية– البدون”، “المعارضون السياسيون”، “حجاج الدول المختلفة مع المملكة”، و”المخالفون للتعليمات السعودية”.. هؤلاء بحسب رصد “العدسة” أبرز الممنوعين من الحج حتى الآن في مملكة الأمير محمد بن سلمان، ما لم يجدّ جديد.

وبحسب المراقبين فإنَّ السعودية تدير الحج وفق تسييس واضح للشعيرة، وإهمالٍ من المعنيين في السعودية في تيسير الإجراءات، وهو ما نستعرضه .

عديمو الجنسية “البدون”!

من أبرز الممنوعين من الحج عديمو الجنسية “البدون”، وسلطت أزمة الأطفال الذين حُوصروا في الكهف الغارق بتايلاند، الضوءَ على مئات الآلاف من الأشخاص الذين يعيشون بلا جنسية في هذه الدولة، ولا يتمتعون ببعض الحقوق الأساسية، ذلك أنَّ أربعة من هؤلاء الأطفال عديمو الجنسية.

وبحسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فهناك اليوم 10 ملايين شخص على الأقل محرومون من الجنسية في كافة أنحاء العالم. نتيجةً لذلك، لا يُسمح لهم غالبًا بالذهاب إلى المدرسة أو عيادة الطبيب، أو الحصول على وظيفة، أو فتح حساب مصرفي، أو شراء منزل، أو حتى الزواج، أو أداء العبادات ومنها الحج عند المسلمين، وهؤلاء من أبرز الممنوعين من الحج.

 

ووفق تقرير حديث لمنظمة العفو الدولية، فلا توجد معلومات شاملة حول عديمي الجنسية في الشرق الوسط وشمال إفريقيا، لكن في الكويت بحسب التقرير علا صوت عديمي الجنسية بها في 2011  وتظاهر الآلاف مطالبين بحقوقهم، فيما تعيش جماعات أخرى من عديمي الجنسية في دول مجلس التعاون الخليجي في غياب إحصاءات رسمية عن أعدادها فيما تشير التقديرات إلى أنَّ عددهم يقارب ال100,000 في الإمارات (10,000 بحسب الأرقام الرسمية) و1,300 في البحرين (بعدما حصل ما بين 9,000 إلى 15,000 منهم على الجنسية عام 2011)، و1,500 في قطر، فيما تغيب التقديرات لعددهم في السعودية.

وفي مصر بحسب المنظمة يوجد المئات من قبيلة العزازمة على الطرف الآخر من الحدود في وسط وشرق سيناء ويعانون الحرمان من كافة الخدمات العامة وانعدام الجنسية حتى اليوم، ولا يتمكن أفراد القبيلة من السفر أو حتى الخروج من سيناء ولا تتوفر لهم مراكز عناية صحية أو مدارس كما لا يستطيعون تسجيل زيجاتهم أو الحصول على شهادات ميلاد لأطفالهم، وهو الأمر الذي يوجد بكثافة في الكيان الصهيوني والأراضي المحتلة.

الممنوعون سياسيًا!

وبسبب تسييس الحج وفق اتهامات الحقوقيين والمعارضين للسعودية، أصدرت المملكة العديد من القوائم الخاصة بالمنع من الحج والعمرة، ومنذ 2013 مع بداية المواجهة مع الربيع العربي في مصر أعلنت وزارة الخارجية السعودية أنه من يرغب في القدوم للمملكة العربية السعودية لأداء فريضة الحج والعمرة عليه أن يطلب معرفة إذا كان مدرجًا على قوائم الممنوعين من دخول المملكة التقدم للسفارة السعودية في القاهرة، وسـيتم إبلاغـه من خلالها عمّا إذا كان اسـمه مدرجًا من عدمه، وشملت أسماء الممنوعين من السفر كافة أسماء المعارضين الملاحقين أمنيًا في مصر أو الواردة أسماؤهم في قوائم ما يعرف بقوائم الإرهاب.

وتداولت مواقع عربية وثيقة سعودية قبل عامين لم تتغير حتى تاريخه، تشير بمنع ثمانية مصريين من السفر والدخول لأراضي المملكة العربية السعودية، فقد تم وضعهم على قائمة الممنوعين من السفر للسعودية، وذلك في مطار القاهرة، ومنهم الممثل الراحل خالد الصاوي، والمرشح الرئاسي السابق المحامي خالد علي، وشاهندا الجيزاوي، وشيرين الجيزاوي، ونوارة نجم، والناشط السياسي المعتقل حاليًا  أحمد دومة، و محمد عثمان، ومحمد الدريني، بتهمة ” الإساءة إلى المملكة قولًا أو فعلًا في قضية المحامي أحمد الجيزاوي “.

وفي العام 2016، وفي ظل تصاعد الملاسنات السياسية بين البلدين، لم يتمكن 64 ألف إيراني من أداء مناسك الحج في السعودية بعد منع المملكة دخولهم إثر إخفاق البلدين في التوصل إلى اتفاق حول الأمن والترتيبات اللوجستية، على خلفية حادث تدافع أدى عام 2015 إلى مقتل أكثر من ألفي حاج بينهم 464 إيرانيًا.

 

وثارت أزمة كبيرة بين البلدين، كما تبادل المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية في إيران آية الله علي خامنئي، ومفتي السعودية عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ تصريحات نارية غير مسبوقة حول الحج، ومازالت العراقيل مستمرة حتى هذا الموسم، لكن عمليًا بدأت الإجراءات في انتظار الجديد في ظل اتهام السعودية لإيران بعد قطع العلاقات في 2016 بالسعي لتوسيع نفوذها الإقليمي والتدخل في شؤون الدول الأخرى، وهي اتهامات تنفيها طهران.

 حصار قطر!

وتعرض حجاج قطر للمنع من الحج في سابقة خطيرة عقب اندلاع الأزمة الخليجية وفرض الحصار الرباعي على الدوحة، وشهدت وقفة عرفات في العام 2017 غياب الحجاج القطريين للمنع السعودي، فيما مازالت القيود  مستمرة في العام الجاري، واشترطت وزارة الحج السعودية إجراءات جديدة بشأن حجاج دولة قطر، حيث طالبتهم بالتسجيل عن طريق الرابط الذي سيتم تخصيصه في موقع الوزارة الإلكتروني دون غيرهم من الحجاج.

 

 

 

 

وبحسب جريدة الشرق القطرية “مازال الرأي العام القطري غاضبًا من الأساليب الإعلامية الملتوية التي يلجأ إليها الإعلام السعودي لتبرير الأساليب والمخالفات، وسياسة التضليل والتعمية التي تتبعها السلطات السعودية لتسييس فريضة الحج؛ كما سيَّست شعيرة عمرة رمضان الماضي وقبل الماضي ومنعت القطريين بأشكال وشروط مختلفة من زيارة بيت الله الحرام”

وبحسب توثيق الهيئة الدولية لمراقبة إدارة السعودية للحرمين فيوجد العديد من الانتهاكات الدينية ضد دولة قطر، ومنها تحويل شعيرة الحج لابتزاز سياسي عن طريق ترتيب شؤون الحج، ومنح تصاريح لدخول السعودية، وعدم السماح لحملات الحج والعمرة القطرية بإدارة شؤون الشعيرة لمواطني قطر، وعدم التعامل بالريال القطري في السعودية وفي المراكز المالية، وعدم تعويض حملات الحج القطرية عن خسائرها في العام الأول للحصار 2017، مع غموض إجراءات منح تأشيرة الحج للمواطنين القطريين بالرغم من عدم وجود قسم قنصلي سعودي في الدوحة يتابع الإجراءات.

عقوبات المملكة!

المنع من الحج عقوبة أيضًا في السعودية، وفي إطار العقوبات التي قررتها المملكة، بحق من تقول إنهم من مخالفي أنظمة الحج، تضمنت العقوبات الإبعاد الفوري بقرار صادر في العام 2013  عن البلد للمقيمين ومنعهم من دخول المملكة مدة لا تقل عن عشر سنوات والسجن لمدة عام للمواطنين.

وفي مارس 2016، أبعدت المملكة 20 ألف عامل مصري 10 سنوات، لكنهم قالوا في تعليقهم على تلك الأزمة بأنهم: “تعرضنا للنصب.. ومنعنا من تأدية المناسك.. وأجبرنا على الإقرار بمخالفات لم نرتكبها”، مؤكدين أنهم  ضحايا من خلال مسوِّقين أو وسطاء أوهموهم بوجود حملة حج ووجود حافلات للحملة وتوفير سكن لهم في المشاعر، ثم اكتشفوا أن الحملة ليست شركة حج رسمية أو مرخصة، وإنما حملة غير مرخصة يتولاها فرد أو أكثر للكسب المادي، وبناء علية أمرت السعودية بترحيلهم لمده 10 سنوات وقطع أرزاقهم.

 

الملاحقة دولية!

وفي المقابل لاحقت هيئات معنية بشأن الحرمين الشريفين السعودية في المحافل الدولية، وأرسلت الهيئة الدولية لمراقبة إدارة السعودية للحرمين في 15 يوليو الجاري رسالة إلى مجلس حقوق الإنسان في جنيف واللجنة الدينية وحرية المعتقد المنبثقة عن لجنة حقوق الإنسان في البرلمان الأوروبي لحثّ المجلس والبرلمان على مناقشة الانتهاكات التي ترتكبها إدارة الرياض في المشاعر المقدسة في السعودية والتي تمسّ حرية الدين والمعتقد بشكل صارخ والعمل على فتح تحقيق دولي في هذا الشأن.

 

الهيئة أعربت في رسالتها التي اطلع عليها “العدسة” عن قلقها البالغ جراء تزايد وتيرة الانتهاكات الدينية التي ترتكبها السعودية بحق ممارسة العبادة بحرية وبدون قيود؛ حيث إنَّ إدارة الرياض تعتقل وتمنع وترحل وتهين المعتمرين المسلمين الذين قدموا إلى السعودية بشكل رسمي بعد استكمال كافة إجراءات الدخول لأداء العمرة مع حرمان المسلمين من التسجيل للحج، بسبب آرائهم السياسية المخالفة لسياسات السلطات السعودية، ومنع مواطني دول بأكملها من الحج والعمرة، بسبب خلافاتها السياسية مع حكوماتهم، وعن استخدام ملف العبادات الدينية مثل الحج والعمرة من أجل تحقيق مكاسب سياسية ومفاوضة الدول الإسلامية على حصصهم من الحج والعمرة مقابل مواقف داعمة لنظام الحكم في السعودية.