درس قاسٍ
إبراهيم سمعان
ربط موقع “إندبندنت ريكوردر” بين المشهد المخزي لمنتخب مصر لكرة القدم في كأس العالم، وبين الأيام المريرة التي يعيشها المصريون في ظل حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي، موضحًا أن هذه البطولة العالمية قدَّمت للمصريين الدرس الأهم في السياسة.
قال الموقع: “تمر مصر بأوقات مريرة؛ ارتفعت أسعار الماء والكهرباء والوقود في الأسابيع الأخيرة، الرقابة متفشية وعشرات الآلاف من السجناء السياسيين في السجن”.
وأضاف: “يحذر بعض الخبراء من أنَّ مصر، في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، تنزلق من الحكم الاستبدادي إلى نظام استبدادي، لا تسامح فيه”.
ومضى يقول: “حتى كرة القدم، وهي الرياضة الأكثر شعبية في البلاد، يتم التحكم فيها بعناية، تم لعب المباريات المحلية في ملاعب خالية، بسبب الحظر الذي تَمّ فرضه على جماهير مباريات في عام 2012، خشية من تسخير المعارضة لقوة التجمعات العامة الكبيرة”.
وأضاف: “لكن بعد ذلك جاءت بطولة كأس العالم، ومعها كانت هناك موجة من السعادة الوطنية”.
وأردف الموقع: “لأول مرة منذ 28 عامًا، تأهل فريق كرة القدم الوطني، المعروف باسم الفراعنة. وقد وصلوا إلى هناك برفقة اللاعب محمد صلاح، آلة تسجيل الأهداف التي صعدت إلى الشهرة العالمية في العام الماضي، مدفوعة بحب مواطنيه لكرة القدم”.
وأضاف: “صلاح ساحر في كرة القدم؛ حيث تبدو الكرة ملتصقة بقدمه اليسرى بينما يناور بها حول المدافعين قبل أن يُحوِّلها إلى هدف. وهو يلعب في معظم الأحيان مع ناديه، ليفربول؛ حيث سجّل 44 هدفًا في الموسم الماضي في أداء حاذق دفعه إلى صفوف نجوم مثل كريستيانو رونالدو وليونيل ميسي. لكن في كأس العالم هذه يمثل بلاده مصر”.
وتابع: “انتشت شوارع القاهرة بفرح في أكتوبر عندما سجل صلاح هدفًا دراماتيكيًا في الدقيقة الأخيرة ضد الكونغو دفعت الفريق الوطني إلى نهائيات كأس العالم. لقد وجد المصريون، الذين يمزقهم الكثير من الخوف والانقسام وسفك الدماء منذ انتفاضة الربيع العربي في عام 2011، فيه نهاية المطاف بطلًا بلا منازع”.
وأردف: “لكن الرياضة لا تُكِنّ سوى القليل من الاحترام لنهايات القصص الخيالية. كانت الآمال مدمرة بأن صلاح قد يدفع مصر إلى الدور الثاني من كأس العالم هذا الأسبوع. لكن القليل من المصريين يتخلون عن صلاح”.
ومضى الموقع يقول: “في بلد حيث الأمل ضعيف، يرى الكثيرون أنه نجم في جيل واحد- قوة أخلاقية وكذلك رياضية، سفيرًا للبلد والإيمان”.
وأضاف: “أصبحت قصص عطائه الخيري وتواضعه مادة أسطورية؛ إنه ينفق المال في المدارس وسيارات الإسعاف في نجريج، مسقط رأسه الصغير في دلتا النيل، ويتفادى العداء مع شخصيات تجارية ثرية”.
وأردف: “هو مسلم متدين، يسجد كما لو كان في الصلاة بعد تسجيله هدفًا، وهي بادرة حطمت الحواجز الثقافية حتى مع مشجعي كرة القدم في بريطانيا”.
ونوَّه بأنه يوحّد العرب أيضًا، بعد أن أعلن صلاح على فيسبوك أنه كان يرتدي حذاء كرة القدم نيابة عن 100 مليون مصري، قفز المعجبون في جميع أنحاء الشرق الأوسط. وقال أحدهم: “الملك أبو صلاح، يضيف 20 مليون سوري”. وقال آخر: “أضف 50 مليون عراقي”.
وتابع: “هذا النوع من الشعبية يمكن أن يكون خطيرًا في بلد مثل مصر؛ حيث صدر قانون هذا الشهر يهدّد أي شخص لديه أكثر من 5000 متابع على تويتر بملاحقة جنائية إذا بثوا أخبارًا كاذبة، لافتًا إلى أن صلاح لديه 6.4 مليون متابع.
وأضاف: “تَمّ سجن المغنين المشهورين والراقصين وحتى الدمى لقولهم أمورًا خطأ”، مشيرًا إلى أنه في العام الماضي تم وضع محمد أبو تريكة، الذي قاد فريق كرة القدم المصري منذ عقد من الزمان حتى عام 2013، على قائمة الإرهابيين في العام الماضي لعلاقته المزعومة مع جماعة الإخوان المسلمين المحظورة. ويعيش حاليًا في المنفى في دولة قطر الخليجية.
وتابع الموقع يقول: “في المقابلات تجنب صلاح بشكل مدروس الحديث عن السياسة”.
وأضاف: “لكن بالنسبة للجماهير، كانت بطولة كأس العالم هذه عبارة عن رحلة ممزقة بالدموع؛ حيث كان سيرجيو راموس مدافع ريال مدريد تسبب في إصابة صلاح في مايو آيار قبل ثلاثة أسابيع من المسابقة مما جعل اللاعب المصري يعاني من إصابة في كتفه مما أثار مخاوف مؤلمة من أنه قد يغيب عن بلاده في نهائيات كأس العالم”.
وأردف:”غاب صالح عن مباراة مصر الأولى في كأس العالم أمام أوروجواي، والتي خسرها الفريق 1-0. وعندما ظهر أخيرًا يوم الثلاثاء، ضد روسيا الدولة المضيفة، كانت النتيجة الوحيدة له هي ركلة جزاء رفعت النتيجة النهائية إلى 3-1″.
ومضى يقول: “منذ ذلك الحين، امتدّ الإحباط إلى حرب على وسائل الإعلام الاجتماعي، حيث دعا مصريون السيسي إلى الاستقالة أو الدفاع عن سجله”. وفي الشيشان، حيث يتدرب الفريق المصري، منح الزعيم الأوتوقراطي رمضان عبد القادروف اللاعب صلاح المواطنة الفخرية”.
ومضى الموقع يقول: “يوم الاثنين، مصر تلعب مباراتها الثالثة والأخيرة ضد السعودية، أقل فريق في البطولة. يتوقع أن يسجل صلاح. وقال حاتم ماهر، الصحفي الرياضي: إنه على الرغم من أن مصر لا يمكن أن تتقدم إلى المرحلة التالية، إلا أن الفوز يمكن أن يداوي معنويات البلاد المدمرة.”
وتابع: “إذا لم يكن هناك شيء آخر، فإن جولة كأس العالم في الملاعب الحافلة بالتقلبات قدّمت درسًا مهمًا للمصريين الذين تكيفوا لعقود مع حكم الرجل القوي”.
ونقلت عن صابر محمد، وهو نجار، قوله بعد مباراة روسيا: “إنها تبيِّن لنا أننا لا نستطيع الاعتماد على شخص واحد. علينا أن نتعلم اللعب كفريق.”
اضف تعليقا