العدسة – ياسين وجدي:
شكلت محطات الغضب في العام 2018 ، محطات أمل لافت للعديد من المراقبين والمهتمين باستكمال ثورات الربيع العربي، وامتدت الآمال لترقب المزيد في العام 2019.
نرصد خارطة ربيع الغضب المتصاعد في العام الجديد واحتمالات استكمالها وعودة ربيع الحريات للمنطقة بعد خريف الثورات المضادة الذي قادته الإمارات والسعودية مع سبق الإصرار والترصد.
السودان المشتعل !
لازال السودان يحوز على صدارة المشهد الغاضب ، ويتوقع بحسب مراقبين أن تستمر موجاته خلال العام الجاري إن لم تحسم مواقفها مع الرئيس الحالي “عمر البشير”.
ووصل المحتجون إلى القصر الجمهوري بالعاصمة الخرطوم الاثنين الماضي للمطالبة بتنحي الرئيس عمر البشير، في ظل استمرار الدعوات لتظاهرات جديدة تبنتها النقابات المهنية في السودان والتي تطالب القيادة السياسية بالرحيل.
ويعزز من استمرار الغضب تزايد الصعوبات الاقتصادية مع بلوغ نسبة التضخم نحو 70% وتراجع سعر الجنيه السوداني مقابل الدولار الأمريكي وسائر العملات الأجنبية وزيادة سعر رغيف الخبز من جنيه سوداني إلى ثلاثة جنيهات، مع سقوط قتلى في المظاهرات وصلوا حسب منظمة العفو الدولية إلى 37 قتيلا.
يأتي ذلك من انتقال الحراك الشعبي إلى النخبة ، بعد توقيع 22 حزباً سودانياً غالبيتها مشاركة في الحكومة، على مذكرة رفعتها، للبشير للمطالبة بحل الحكومة والبرلمان السوداني ، وتشكيل مجلس انتقالي يتولى قيادة البلاد، إضافة إلى تشكيل حكومة انتقالية تجمع بين الكفاءات والتمثيل السياسي، مع سحب حزب الإصلاح لجميع ممثليه من الحكومة، وهو ما يعني زيادة التصعيد.
خميس الأردن !
وفي الأردن ، شكلت مظاهرات الخميس الأسبوعية في محيط الدوار الرابع في العاصمة الأردنية عمان بؤرة ارتكاز قد تتطور مجددا بحسب مراقبين في حال الصدام مع الحكومة الحالية.
رقعة الاحتجاج اتسعت عقب عودة الحراك للدوار الرابع، وشهدت محافظات الجنوب، معان والطفيلة، مظاهرات محدودة متصاعدة للمطالبة بإلغاء قانون ضريبة الدخل والابتعاد عن جيب المواطن، في ظل دعاية واسعة وموثقة للمحتجين أن نهج حكومة رئيس الوزراء الأردني عمر الرزاز لم يختلف عن سابقه التي أطاحت به المظاهرات.
النشطاء عازمون على مد موجة هذه المظاهرات الأسبوعية ، وهو ما سجله الناشط البارز سعود طراد القاضي قائلا في تغريدة له موجهة إلى رئيس الوزراء :” دولة الرئيس .. وقفة الخميس ليست كيونيو\حزيران هذه الأخطر من ٨٩، ليست من نقابات أو حزب بل من مختلف أطياف الشعب “.
المغرب العربي
بؤر الغضب الموجودة في المغرب العربي سواء في تونس أو الجزائر أو المغرب ، كفيلة بوضعها في بورصة الغضب المرشح صعودها في عام 2019 بحسب المراقبين.
في المغرب لازال الحراك له جذوره المنطلقة منذ العام 2016 ، تحت لافتة الحراك الريفي ، وتواصل بمد وجزر بحسب المواجهة مع السلطة ، ولكن باتت الأمور على صفيح ساخن ، كما يؤكد كثير من المراقبين ، وجسدتها أغنية “في بلادي ظلموني”، التي ترجع إلى شباب مشجعي نادي الرجاء البيضاوي المغربي ، وأظهرت حالة الاحتقان الكبيرة بين الشباب حتى صنفها مراقبون عرب بحسب موقع اليوم 24 المعارض في المغرب ، بأنها التحذير الأخير قبل الانفجار.
وفي تونس ، لازالت سلة الغضب تمتلأ بشعارات كثيرة طبقا للمعسكرات المتصارعة ، في ظل مؤشرات بتدخل إماراتي سعودي لتقويض ثورات الربيع العربي تحت ستار حملة السترات الحمراء ، بالتزامن مع مناخ استقطابي حاد يستند للمظاهرات في التعبير عن مطالبه الفكرية والتي تجسدت في مظاهرات المساواة في الميراث والتي شهدت مظاهرات مناوئة ومحاولة لجر البلاد إلى بؤرة الاستقطاب بجانب الخلاف الحاد بين رئيس الدولة ورئيس الوزراء والذي من المتوقع أن يستمر بحذر وفق مؤشرات متواترة.
وفي الجزائر شكلت وفاة الشاب، عياش محجوبي، داخل بئر ارتوازي، بمنطقة أم الشمل ببلدية الحوامد في ولاية المسيلة شرقي العاصمة الجزائرية، نقطة تحول في البلاد ، بحسب مراقبين ، حيث اشعلت الغضب وسط بيئة احتقان واسعة بسبب الجمود السياسي قد تدفع إلى جعل عام 2019 للغضب الجزائري ، خاصة أن المطالبات رفعت مطلب الرحيل أمام الوالي وتمددت بالسخط في الولايات الأخرى.
انتفاضة فلسطينية !
ويحتل قطاع غزة والضفة الغربية والأراضي المحتلة مركزا محوريا في خارطة الغضب ، بقدر إصرار الشعب الفلسطيني على استمرار مسيرات العودة وكسر الحصار التي انطلقت في مارس 2018، خاصة مع الحديث المستمر عن صفقة القرن.
الناطق باسم حركة حماس حازم قاسم تعهد مبكرا باستمرار الحراك الغاضب ، مؤكدا أن جماهير القطاع مستمرة في مسيرات العودة الشعبية السلمية قرب السياج الفاصل حتى كسر الحصار عن قطاع غزة.
هذه العزيمة الغزاوية دفعت مبعوث الأمم المتحدة للشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف ليعلن في نهاية العام المنصرف أنه لا يمكن احتجاز مليوني فلسطيني كرهائن في قطاع غزة، لافتا إلى أن الوضع فيها على حافة الانفجار.
ويعزز الرغبة المتسارعة للتطبيع مع الكيان الصهيوني بقيادة الحلف السعودي الإماراتي في المنطقة ، مخاوف واسعة من تمرير صفقة القرن ، وهو ما يهدد بعودة مظاهرات العالم الغاضبة التي اندلعت عقب نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة للاعتراف بدولة الاحتلال.
حراك ايراني !
ولم ينتهي عام 2018 في إيران ، إلا وهو يحمل هتافات “الموت للديكتاتور” ترددها مجموعات طلابية في قلب طهران، أشعلها هتاف “الموت لجمهورية الملالي” وهو ما أدى إلى تدخل عنيف من الشرطة الإيرانية.
وشهد شهر يونيو 2018 حضورا كثيفا للمظاهرات ضد الأوضاع الاقتصادية في البلاد، حيث طالب المتظاهرون بحل لتدهور الحالة الاقتصادية للبلاد، ولكن انتهى بهم المطاف إلى المطالبة بإسقاط النظام الذي استخدم القمع لإنهائها.
رياح الغضب يحملها واقع تعيشه إيران منذ أشهر لا يتوقف عن تنظيم احتجاجات على النظام الحاكم، يقويها شهادة من قلب النظام الإيراني، توضح الحال الذي وصل له، حيث قالت المعارضة الإصلاحية البارزة في إيران فائزة رفسنجاني، إن النظام في بلادها “ينهار من الداخل”.
مصر والسعودية مرشحان !
الأوضاع في مصر والسعودية مرشحة للتصاعد المفاجيء في أي وقت من العام الجديد ، رغم القبضة الشديدة، بحسب مراقبين.
ويستند هؤلاء المراقبين لوضع مصر على وجود حدثين لهما أبعاد اقتصادية وسياسية متصلة بالشارع المصري، وهما الحديث المزعم عن تعديل الدستور لصالح رأس النظام الحالي عبد الفتاح السيسي والذي يثير غضبا داخل أروقة في النظام نفسه ، بجانب رفع الدعم عن الوقود وما يتبعه عادة من تضخم وغلاء فاحش في ظل إعلان النظام المسبق عن حجب العلاوات السنوية للموظفين هذا العام.
ويأتي ذلك مدعما باستطلاع رأي موثق كشفه موقع معهد واشنطن للدراسات في الشرق الأدنى المقرب من دوائر صنع القرار في البيت الأبيض ، أكد أنه لا يزال ثلث المصريين يميلون إلى جماعة الإخوان المسلمين بالتزامن مع رفض أغلبية المصريين للسياسيات الاقتصادية والاجتماعية الحالية وتصاعد الاستياء ضد ” السيسي “.
كما لازال البعض يرى أن للسعودية نصيبا من رياح الغضب التي تأجلت أكثر من مرة .
السيناريو المطروح للغضب قد يحدث في قمة الهرم الملكي بإطاحة من داخل العائلة المالكة لولي العهد السعودي محمد بن سلمان ، أو تحدث عبر تحرك ميداني محتمل وإن بشكل محدود للغاية حتى الآن ، في ظل مراقبين يعتقدون أن الوضع في السعودية قابل للتدهور بشكل سريع في خضم الواقع الراهن وتأثيرات قضية تصفية النظام السعودي للصحفي البارز جمال خاشقجي، وهو ما تعززه تصريحات متكررة للأمير السعودي المنشق عن الأسرة الحاكمة، خالد بن فرحان آل سعود.
اضف تعليقا