كتب – باسم الشجاعي:

أصبحت المبادئ الإنسانية السامية؛ كحقوق الإنسان، ومحاربة الإرهاب والتطرف، بالنسبة لبعض الأنظمة العربية -وخاصة المناهضة للربيع العربي- “ستارًا”، تستغلها في ضرب المعارضين، وتصفية حسابات ضيقة لخدمة مصالح سياسية معينة، هذا ما أظهرته الندوة التي عقدها النائب البرلماني المصري الموالي لدولة الإمارات العربية المتحدة “عبدالرحيم علي”، رئيس ما يعرف بــ”مركز دراسات الشرق الأوسط”، الأسبوع الماضي.

فلم يفلح القائمون على الندوة الترويج لها على هامش انعقاد المؤتمر الفرنسي الدولي لمكافحة تمويل الإرهاب في باريس، المنعقد تحت عنوان “محاربة الإرهاب ووقف تمويل داعش والقاعدة”، ويحضره الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون”، ويشارك فيه أكثر من 70 دولة و20 منظمة دولية، وفق ما أكده خبراء ومتابعون.

ومن خلال الفيديوهات والصور التي بثت لندوة “عبدالرحيم” –والذي اطلع عليها موقع (العدسة)- ظهر مدى فشلها؛ حيث لم يحضرها سوى 15 شخصًا على أقصى تقدير، كما أنها عقدت في فندق نابليون بالضاحية الثامنة في باريس (مكان ناءٍ وبعيد) ولا علاقة له بالمؤتمر الدولي المنعقد في باريس.

كما تخللت الندوة كلمات لبعض المتحدثين، وتم تعريفهم على أنهم خبراء الإرهاب في العالم؛ ومنهم “رولان جاكار”، و”آلان مارصو”، و”ريشار لابيفيير”، و”عتمان تزاغرت”، وهؤلاء غير معروفين في الأوساط الحقوقية أو الدولية.

الغريب في الأمر! أن الندوة تضمنت تحريضًا سافرًا على المسلمين في أوروبا، على الرغم من أنها حملت عنوان “التحديات الجديدة أمام مكافحة تمويل الإرهاب”؛ حيث قال “عبدالرحيم علي”: إن “جمعيات كثيرة تدعي بناء المساجد ومساعدة المحتاجين، وتقدم 20% من مدخلاتها لهذا الاتجاه، مقابل 80% لتمويل العمليات الإرهابية”.

وزعم “علي” أن تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” الإرهابي، لديه حتى الآن فائض مالي، يقدر بـ 3 مليارات دولار، كما أن تنظيم جماعة الإخوان المسلمين يمتلك أكثر من 60 مليار دولار، وتنظيم القاعدة من 6 إلى 9 مليارات دولار، دون أن يشير إلى مصدر معلوماته.

ولم تحظ الندوة بتغطية إعلامية سوى من موقع البوابة نيوز الذي يترأسها إدارته (عبدالرحيم علي)، وذلك خشية انفضاح أمر فشلها وانعقادها من دون حضور.

ويذكر أن “علي” كان أسس موقع “البوابة نيوز” في مصر ـ عقب الانقلاب العسكري بقيادة الجنرال”عبدالفتاح السيسي” في 2013ـ بتمويل من الإمارات؛ بهدف دعم الانقلاب، ومهاجمة قيادات جماعة الإخوان المسلمين، التي تتخذهم أبوظبي عدوًّا لدودًا لها، وفق ما أكد “المجهر الأوروبي”.

فشل ندوة “عبدالرحيم علي” ينضم لسلسلة فشل اللوبي الإماراتي الوهمي في مساعيه لتنظيم عدة ندوات مناهضة لقطر، والتي كان أشهرها الندوة التي عقدت في “جنيف” بالتزامن مع اجتماعات الدورة السابعة والثلاثين لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، والتي كانت نظمتها “الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان”، وهي منظمة حقوقية وهمية موالية للإمارات، وأشرف على عقدها الثلاثي الذي يقود لوبي الإمارات الوهمي في جنيف “أحمد ثاني الهاملي”، رئيس الفيدرالية العربية، ونائبه “حافظ أبوسعدة”، إضافة إلى المنسق العام للفيدرالية “سرحان الطاهر سعدي”.

من هو “عبدالرحيم علي”

يعتبر “عبد الرحيم علي” أحد الصحفيين المصريين المعروف عنه ارتباطه بالأجهزة الأمنية المصرية، ظهر اسمه مؤخرًا ضمن الحملة الإعلامية الممنهجة، التي تشنها دولة الإمارات ضد دولة قطر، بهدف تشويهها والتحريض ضدها.

وقد استطاع “علي” بالتعاون مع الأحهزة الأمنية في مصر، أن يسوق نفسه لدى الإماراتيين وإقناعهم بتمويل مشروع لحملة إعلامية لتشويه دولة قطر لدى المجتمع الغربي، وخاصة في فرنسا، وبالفعل حصل على تمويل بآلاف الدولارات؛ حيث بدأ تأسيس شركة خاصة يدشن من خلالها مؤسساته في بارس، وذلك بحسب ما ذكره جريدة “الهلال”.

وفي إطار الحرب على قطر، اتفق أيضًا مع دار للنشر في “نيويورك” و”إنجلترا”، لنشر نسخة إنجليزية لصحيفة “البوابة نيوز”، لمخاطبة الشعوب وصناع القرار وتعريفهم بدور “الجماعات الإرهابية” المدعومة من قطر في خلق الأزمات ونشر “الإرهاب” بالشرق الأوسط، وفق ما زعم “عبدالرحيم” عبر حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”.

وكان بدأ “علي” مشواره الصحفي كمحرر صغير ثم مراسل متواضع، وارتقى بدون مقدمات في أواخر عهد الرئيس المخلوع “محمد حسني مبارك”، ويعرف بهجومه الشديد على الإسلاميين وكرهه لهم، وبرز نجمه ولمع بعد مرحلة الربيع العربى وحربه ضد الثورات، خاصة في مصر.

و”عبدالرحيم علي” هو حاليًا نائب في مجلس الشعب المصرى عن إحدى دوائر محافظة الجيزه، وعضو نقابة الصحفيين، ويتملك صحيفة “البوابة” المصرية، ورئيس المركز العربى للبحوث، ورئيس ما يعرف بــ”مركز دراسات الشرق الأوسط”، المدعومين إماراتيًّا.

والمركز العربي للبحوث تم إنشاؤه عام 1998، بالتعاون بين “علي” والأجهزة الأمنية المصرية، ولكنه ظل مجهولًا، ويعرف هذا المركز نفسه على موقعه الإلكتروني، كمركز علمي مستقل، ويشير إلى أن التركيز على دراسة حركات الإسلام السياسي هو العمود الفقري للمركز، ولكنه في عام 2012، لم يعد يقتصر في أعماله على دراسة الحركات الإسلامية فقط، حيث امتد مجاله إلى دراسة النظريات الاجتماعية التي ترصد وتفسر وتحلل سلوك الجماعات الدينية، بالإضافة إلى دراسة الأيديولوجيات التي تتبناها الحركات الإسلامية، ودوائر حركاتها، وأنماط تفاعلاتها الداخلية والبينية والدولية، ولعل ذلك السبب وراء استثنائه من قضية التمويل الأجنبي الشهيرة في مصر، التي طالت منظمات المجتمع المدني، بحسب ما أكد موقعالخليج الجديد.

ومنذ أحداث الانقلاب على الرئيس المصري الأسبق “محمد مرسي”، في الثالث من يوليو 2013؛ حيث تصدر شاشات الفضائيات وملأت مقالاته الدنيا ككاتب متخصص في شؤون الجماعات الإسلامية، واشتهر بالهجوم الشديد على الإسلاميين، وهو ما ساهم في شهرته، خصوصًا بعد إذاعة تسريبات لبعضهم، وبعض رموز ثورة 25 يناير الشبابية.

وقت إذاعة التسريبات احتفى مؤيدو قائد الانقلاب والرئيس الحالي “عبدالفتاح السيسي”، بما يذيعه “علي” عبر برنامجه على إحدى الفضائيات الخاصة، ولم تحرك بلاغات المتضررين التي قدمت للنائب العام ضده بسببها.

وهو ما ساهم في توسيع دائرة الهجوم على النائب من قبل معارضيه، واصفينه بأنه مدعوم من الأجهزة الأمنية التي سربت له هذه المكالمات وسمحت بإذاعتها، كما أن له تاريخًا طويلًا من التلون، بحسب ما وصفته صحيفةالمساء (حكومية)، التي ألمحت أيضًا لوجد فضائح جنسية وأخلاقية له.