العدسة – ياسين وجدي:
تهديد جديد من إيران ، وبالتحديد من الحرس الثوري ، بعد صلاة الجمعة شارك فيه خطيب ايراني بارز ، استهدف السعودية والامارات بعد أن صوب فوهة بندقية التهديدات نحو الولايات المتحدة الأمريكية باجراءات محددة في تطور لافت.
التصعيد اذن ، تخطى الكلام الذي تجيد صناعته طهران ، إلى اجراءات محددة ودول بعينها وعبارات محملة بأنواع كثيرة من الديناميت ، لها أسباب أربع بحسب رصد ” العدسة” الذي حدد كذلك 4 خطوط حمراء راجحة لايران في هذه الأيام في سياق هذا التقرير..
4 أسباب للتهديد
التهديد الايراني لكل من السعودية والامارات ، يأتي في مقدمة أسبابه الحديثة تمويل السعودية والإمارات للجماعة “الأهوازية” المتهمة بارتكاب العمل الارهابي في الاهواز بحسب بعض التقارير الايرانية ، وهو ما أعلنه المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، آية الله علي خامنئي حين قال : “بناء على التقارير فإن هذا العمل الجبان ارتكب من قبل أشخاص يقدمهم الأمريكيون للمساعدة عندما يكونون محاصرين في سوريا والعراق ويتقاضون رواتبهم من السعودية والإمارات”.
المؤامرات والتواترت ، هي السبب الثاني للتهديد الذي أعلنه العميد حسين سلامي نائب قائد الحرس الثوري في كلمته بعد صلاة الجمعة في طهران، وكان واضحا في اتهامه هذه المرة للسعودية والامارات عبر قوله :” ”كفوا عن تدبير المؤامرات وإثارة التوترات. لستم من لا يقهر. أنتم تعيشون في بيت من زجاج وليس بمقدوركم تحمل انتقام الأمة الإيرانية… ولقد تحلينا بضبط النفس“، وهو ما اشار اليه خطيب جمعة طهران محمد علي موحدي كرماني مؤكدا أن الأعداء يحاولون تنفيذ مؤامرة واسعة ومعقدة من خلال شن حرب اقتصادية ونفسية واعلامية من العيار الثقيل بغية بث اليأس في نفوس الشعب الايراني.
وجاء التهديد الايراني الجديد لذراعي الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة السعودية والامارات كرد غير مباشر على تصريحات وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو خلال اجتماعه في نيويورك مع نظرائه في مجلس التعاون الخليجي ومصر والأردن من أجل مناقشة ما اسماه ” وقف النشاط الإيراني الخبيث في المنطقة” حيث ناقش الاجتماع إقامة “تحالف استراتيجي شرق أوسطي” لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، والذي أعقبه تصريح بالغ الخطورة والدلالة بحسب مراقبين من المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، هيذر نويرت، أكدت فيه أن “النظام الإيراني ينشر التطرف والإرهاب في المنطقة والعالم، وإن الشعب الإيراني بحاجة إلى مساعدة ودعم من المجتمع الدولي لمواجهة انتهاكات النظام” بحسب زعمها.
ويمكن قراءة دوافع التهديد في سياق حسابات الدوائر الخليجية التي صارت تقرأ التهديدات الايرانية في سياق الأزمة الداخلية الإيرانية أكثر من كونها ردود فعل خارجية، حيث تلعب السلطات الايرانية دور واضح في تصدير ازماتها للخارج في ضوء معارك كبرى وتسويق الشعارات وإيهام الإيرانيين بوجود مؤامرة خارجية تهدد “الثورة”، وهي شعارات يرى خصوم ايران أنها فقدت تأثيرها لتعدد الأزمات، وخاصة الفشل الاقتصادي والاجتماعي بسبب استثمار أموال النفط في الحروب الخارجية بدل استثمارها في تحسين واقع الإيرانيين.
4 خطوط حمراء
يأتي في مقدمة الخطوط الحمراء الايرانية ، ثورتها والنظام الذي تأسس عليه بصفته الاسلامية، ولذلك كان تعبيرات أمين المجلس الأعلی للأمن القومي علي شمخاني دقيقة وهو يعبر عن سر غضب ايران من الضربة الأخيرة وهو بث الانفلات الأمني لزعزعة هذه الثورة قائلا : ” هجوم الأهواز الإرهابي الذي شنته زمرة تابعة للأجانب معتبرا بأنه ینم عن المحاولة المنظمة للتیار الإرهابي وداعميه لبث الإنفلات الأمني “، فيما اكد الحرس الثوري في بیان صدر عنه عقب الحادث أنه جاء للمساس بالارادة الراسخة للشعب والنظام الايراني.
العميد “حسين سلامي” نائب قائد الحرس الثوري تطرق الى ذلك في خطبة التهديد للسعودية والامارات قائلا : ان مشاركة مختلف شرائح الشعب في تشييع شهداء الحادث الارهابي اربكت حسابات الرئيس الأمريكي الذي كان يعتقد أن نظام الجمهورية الاسلامية فقد دعمه، وان الشعب بجميع مكوناته اثبت كما كان دوما انه يدافع عن الثورة والامام الراحل وقائده”.
سوريا والعراق ولبنان ، محور ثلاثي واضح في الخطوط الايرانية الحمراء حيث يوجد التحالف الشيعي الذي تدعمه ايران بكل قوة ، سواء نظام بشار الاسد في سوريا أو المحافظة على النظام الشيعي السائد في العراق أو حزب الله في لبنان ، وهو ما أعلنه مجلس الأمن القومي الإيراني، في وقت سابق من أن إيران تعتبر أمن سوريا من أمنها القومي، مؤكدا أن الوجود الإيراني في سوريا قانوني وشرعي على عكس الوجود الأمريكي وبعض الدول الأخرى، وهو ما ينطبق كذلك على المعادلة الأمنية التي وضعتها ايران في وقت سابق عندما أعلنت أن “أمن لبنان من أمن إيران”، وللمفارقة كان ذات التعبير هو ما استخدمه الرئيس الايراني حسن روحاني عندما أكد أن “إيران تعتبر أمن واستقرار العراق أمنها واستقرارها”.
الملف النووي الايراني هو أحد الخطوط الحمراء الايرانية الواضحة ، وقد وصفها بذلك سئولون بارزون في ايران ، وأعلنت الخارجية الايرانية في وقت سابق أنها لن تتفاوض على الخطوط الحمراء في هذا الملف قبيل التوقيع الأول للاتفاق النووي الدولي مع ايران ، وقد حددها علي خامئني قائد الثورة الايرانية، ومنها السيادة الوطنية ورفضه القاطع لأي نوع من عمليات التفتيش غير المتعارفة أو إجراء مقابلات مع الشخصيات الإيرانية أو تفتيش المراكز العسكرية.
الحشد والتجبيه في مواجهة ايران ، هو أحد الخطوط الحمراء المرفوضة في طهران ، ويعتبر اكتمال اي اتجاه في هذا المسار تهديد للأمن القومي الايراني ، سيدفعها للرد بقوة ، ولذلك بحسب متابعين للملف الايراني كان استهدافها للاثنين الاكثر تمويلا في أي حلف متوقع وهما السعودية والامارات ، حيث ألقت الكرة في ملعبهما وقالت أن تجاوز الخطوط الحمراء سيعقبه تجاوز للخطوط الحمراء، وهو تصعيد لافت .
الرد المتوقع !
بحسب تعبيرات العميد حسين سلامي نائب قائد الحرس الثوري فإن الرد المتوقع سيكون “عاصف” وهو ما عبره عنه بقوله مخاطبا الامارات والسعودية : ” ستعرفون العاصفة التي يمكن أن تثيرها الأمة الإيرانية، ..، وليس بمقدوركم تحمل انتقامها .. ” .
لكن الرد سيطول الامريكان كذلك بحسب ” سلامي” الذي اتهم النظام الامريكي بدعم المسلحين الذين نفذوا الهجوم يوم 22 سبتمبر أيلول في الأهواز، محذرا اياهم بأن ”يوقفوا دعم الإرهابيين وإلا سيدفعون الثمن“.
سلامي كان صرح فور الحادث عبر التلفزيون الرسمي الإيراني بأنه “على زعماء أمريكا وإسرائيل توقع رد إيراني مدمر ، لقد رأيتم انتقامنا من قبل، سترون أن ردنا سيكون ساحقا ومدمرا وستندمون على فعلتكم.
خطيب جمعة طهران “محمد علي موحدي كرماني” وهو من تصنفه خطبه بأنه تعبير عن النظام بحسب المراقبين ، فإنه حذر من ان القواعد الامريكية في المنطقة لن تكون آمنة، ومن أن تل ابيب ستسوى بالتراب باشارة قائد الثورة الاسلامية بحسب تعبيره.
هذه التهديدات ليست فيما يبدو كلامية ، فتوحيد المضمون لافت على عكس المرات السابقة ، فوزير الدفاع الإيراني، العميد أمير حاتمي وصف رد بلاده بأنها “سترد ردا مباغتا وسريعا”، وهو ما ذهب إليه وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف عندما وصف الرد المتوقع بأنه سيكون حاسما وسریعا .
الرئيس الايراني حسن روحاني أكد كذلك بأن “رد إيران على أدنى تهديد سيكون قاطعا ومدمرا ” خاصة أنه جري تهديد من اسمتهم إيران بـ” الذين يقدمون الدعم الإعلامي والمعلوماتي للإرهابيين” في إشارة الى أمريكا والكيان الصهيوني والامارات والسعودية ، قائلة : “عليهم أن يتحملوا المسؤولية”.
اضف تعليقا