إبراهيم سمعان
تحت هذا العنوان كتب “جيمس دورسي”، الباحث المتخصص في السياسات الدولية بجامعة “نانيانج التقنية” في سنغافورة، تحليلًا بموقع “moderndiplomacy” سلط فيه الضوء على الجهود التي تبذلها السعودية لعزل إيران عالميًّا، مستشهدًا بما يحدث في كل من الجزائر وطاجيكستان.
وقال الباحث إن تلك الجهود التي تبذلها السعودية لعزل إيران، تحصد نتائج مذهلة مؤخرًا في شمال إفريقيا وآسيا الوسطى، مضيفًا أن الحكومة والزعماء الدينيين في كل من طاجيكستان والجزائر اتهمتا مؤخرًا إيران بالقيام بأنشطة هدامة ونشر التشيع، في حين أعلن المغرب، الشهر الماضي، أنها قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع طهران.
ولفت الكاتب إلى أنه في حين تم توجيه اتهامات مماثلة إلى إيران في الماضي، كجزء من حرب سرية استمرت أربعة عقود بين الرياض وطهران، لكن الأحداث الأخيرة تشير إلى أن السعوديين يركزون بشكل متزايد على عزل إيران دبلوماسيًّا.
وأوضح الكاتب أن السعوديين يستفيدون من جاذبية الإسلام السني المحافظ في شمال إفريقيا وآسيا الوسطى حتى في الوقت الذي يعتقد فيه أن المملكة خفضت إلى حد كبير من دعمها المالي للسلفيين وغيرها من الجماعات الدينية الأخرى.
وذكر الكاتب أنه في بعض الأحيان كما في حالة الجزائر، البلد الذي يشكل الشيعة فيه 2% من السكان، ويشهد زيادة في شعبية المدارس السلفية المستلهمة من السعودية، يبدو أن هذه الادعاءات التي تنطوي على أنشطة إيرانية من غير المرجح أن يكون لها التأثير المزعوم لإثارة الطائفية.
ووفقًا للكاتب، فإن الحملة المناهضة لإيران في بعض الأحيان، تبدو كما لو كانت مصممة لممارسة ضغوط على دول مثل الجزائر، المتوترة علاقاتها مع المملكة بسبب رفضها تبني سياسات السعودية المعادية لإيران، لافتًا إلى أن الجزائر دعمت الاتفاق النووي الإيراني الموقع في عام 2015، وتؤيد الوجود الإيراني في سوريا، كما رفضت الجزائر تصنيف حزب الله المدعوم من إيران منظمة إرهابية.
وتابع الكاتب أن صحيفة الشرق الأوسط السعودية، نقلت عن المستشار السابق لوزير الشؤون الدينية والأوقاف الجزائري عدة فلاحي، مطالبته للمستشار الثقافي للسفارة الإيرانية بالجزائر أن يبادر شخصيًّا ويطلب إعفاءه من منصبه حفاظًا على المصلحة العليا والعامة.
واتهم “فلاحي” المسشار الثقافي الإيراني بالقيام بنشاطات وتحركات واتصالات مكثفة ومتشعبة بفعاليات المجتمع المدني في الجزائر، وأيضًا محاولة التدخل في النزاع بين المغرب والجزائر على الصحراء الغربية.
وأضاف الكاتب أن المغرب أعلن قطع العلاقات مع إيران الشهر الماضي، واتهم إيران بتقديم الدعم المالي واللوجيستي، وكذلك صواريخ أرض جو إلى حركة جبهة البوليساريو، واستخدام حزب الله اللبناني كوسيط، وقد نفي كل من إيران وحزب الله هذه الاتهامات.
ونقل الكاتب عن “Tony Duheaume”، قوله: أصبح واضحًا أن موسوي كان في الحقيقة عميلًا مخابراتيًّا إيرانيًّا، وكان منوطًا به التدخل في النزاع بين الجزائر والمغرب حول أزمة الصحراء الغربية.
وذكرت “الشرق الأوسط” أن إيران تسعى إلى تجنيد الشيعة الجزائريين الذين يسافرون إلى مدينة كربلاء المقدسة بالعراق، ويستغلون الشركات الإيرانية كشركات السيارات للترويج للتشيع.
وأضاف “Duheaume” أنه مع إطلاق خط إنتاج المركبات الإيرانية، بالإضافة إلى خط إنتاج آخر للأدوية، ومع قيام البلدين بتعزيز تعاونهما بشكل هائل في القطاع الخاص، عمدت إيران إلى إخضاع الجزائر عبر سلسلة من الصفقات التجارية.
ونقلت الصحيفة عن العضو بالبرلمان الجزائري عبدالرحمن السعيدي توجيه اتهامات لإيران بأنها تحاول إنشاء حركة شيعية في شمال إفريقيا، وأكدت الصحيفة أن الجزائر باتت تدرك اليوم أنها تواجه خطر الطائفية.
وقال “دورسي” إن وزير الأوقاف الجزائري “محمد عيسي” سبق أن أكد أن البلاد تتعرض لهجمة خارجية تستهدف تقسيم الجزائر؛ وأن هناك مخططات طائفية لزرع الفتنة في المجتمع الجزائري، وأنها تنشط في الثانويات والجامعات، وأن هذا الخطر بمثابة استعمار حديث.
وأشار “دورسي” إلى حظر المعرض الدولي للكتاب في الجزائر كتبًا إيرانية؛ لاتهامها بالتحريض على الطائفية والعنف، في أعقاب تحذير أطلقه “بوعبدالله غلام الله”، رئيس “المجلس الإسلامي الأعلى” بالجزائر، قال فيه: “إن آلاف الكتب التي تدخل بلادنا تحت مظلة معرض الكتاب تحمل أفكارًا خطيرة تسعى لإقناع الجزائري بأن ما عنده ليس هو الإسلام الصحيح”.
وذكر الكاتب أن الرئيس “روحاني” ألغى زيارته المقررة للجزائر بعد انتشار هاشتاج “لا لروحاني في الجزائر” بشكل واسع.
ونقل “دروسي عن “أحمد مجيدار”، الذي يرأس مشروع “إيران أوبزيرفد”، التابع لمعهد الشرق الأوسط، الذي يتخذ من واشنطن مقرًّا له، قوله: إنه من الصعب تأكيد المزاعم الواردة في تقرير صحيفة الشرق الأوسط، كما أنه من غير المحتمل أن تتمكن طهران من توسيع نفوذها بشكل ملحوظ في الجزائر من خلال المجتمع الشيعي هناك.
وأضاف “دروسي” أنه من الصعب بنفس القدر التحقق من وجود صلة بين زيادة شعبية السلفيين المستلهمة من السعودية، وبين المشاعر المعادية للإيرانيين، لكن تطور النزعة المعادية للشيعة لا يختلف عن التعصب المتزايد ومشاعر المعادية للإيرانيين ومناهضة التشيع في بلدان مثل طاجيكستان وباكستان وماليزيا وإندونيسيا، حيث يتوسع نفوذ التيار الديني المتطرف المستلهم من السعودية.
وأوضح “دروسي” أن المفارقة هنا، أن التطورات في طاجيكستان تأتي في بلد لها روابط لغوية وثقافية بإيران تعكس المشاعر المتزايدة المعادية لإيران في الجزائر، واتهم في بيان رسمي مجلسُ شورى علماء المسلمين في طاجيكستان، إيرانَ بـ”زعزعة استقرار بعض دول المنطقة”، وفق بيان أصدره.
وذكر أن المجلس اتهم إيران بتمويل محي الدين كبيري، رئيس حزب النهضة الإسلامي المعارض، والذي تم تصنيفه كمنظمة إرهابية من قبل الحكومة.
وأضاف أن بيان المجلس جاء بعد أيام من مظاهرة مناهضة لإيران أمام السفارة الإيرانية في العاصمة دوشنبه، طالب المشاركون فيها بعودة طلاب العلوم الدينية من إيران، واتهموا طهران بدعم المتطرفين وتخطيط اغتيالات.
وأردف الكاتب أن إيران أوقفت في السنوات الأخيرة العمليات الخيرية في العاصمة الطاجيكية، بما في ذلك مستشفى تديره السلطات الصحية الطاجيكية، كما أوقفت أنشطتها الاقتصادية والثقافية في خوجاند، ثاني أكبر المدن الطاجيكية بناءً على أوامر الحكومة.
وتعليقًا على ذالك، قال إلدار ماميدوف، رئيس البعثة المسؤولة عن العلاقات البرلمانية مع إيران في البرلمان الأوروبي، إنه لا يوجد مكان – في هذا التناقض بين التهديد الإيراني المفرط والواقع- أكثر وضوحًا مما هو في طاجيكستان”.. فقد ساعدت إيران في التفاوض على إنهاء الحرب الأهلية في طاجيكستان.
وقال “دروسي”: إن إثارة النزعات المعادية لإيران من قبل طاجيكستان، تزامنت مع جهد سعودي لاستمالة الرئيس راحمون، والذي دعته السعودية لحضور القمة العربية الإسلامية في الرياض التي تزامنت مع زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للمملكة، على الرغم من أن الحقيقة الواقعة أن الرئيس الطاجيكي يعد لاعبًا صغيرًا على المسرح العالمي.
وتابع أن طاجيكستان دعت في وقت سابق للانضمام إلى قوة مكافحة الإرهاب الإسلامية بقيادة السعودية، وكما هو الحال بالنسبة للجزائر، فقد تزامنت النزعة المعادية لإيران في البلاد مع تزايد شعبية التيار السلفي المستوحى من السعودية في طاجيكستان .
وختم أنه في خطوة حظيت بالتأييد من الرياض، عارضت طاجيكستان طلب إيران الحصول على عضوية منظمة شنغهاي للتعاون، حيث تتطلب العضوية التصويب بالإجماع.
وفى المقابل يقول الكاتب: وافقت السعودية الشهر الماضي على شراء حصة 51% من بنك Tojiksodirotbank المتعثر، وهو أكبر بنك في طاجيكستان، وعمل الاستثمار السعودي على إعادة البنك إلى الحياة مرة أخرى.
اضف تعليقا