العدسة – منصور عطية

يبدو أن “سلطان بن سحيم آل ثاني” أصبح ورقة محروقة بيد دول حصار قطر، بعد أشهر من الترويج له باعتباره زعيمًا للمعارضة القطرية من داخل العائلة الحاكمة، في سياق تحركات السعودية والإمارات لمكايدة النظام القطري منذ بدء الأزمة الخليجية في يونيو الماضي.

تسجيلان صوتيان مسربان كتبا ما قد يكون النهاية المحتومة لشابٍ أرادت دول الحصار وظن كثيرون أنه الوجه المقبول لنظام حكم بديل في الدوحة.

ضربة بيد والدته!

تداول ناشطون وإعلاميون على مواقع التواصل الاجتماعي تسجيلا صوتيا منسوبا لمنى الحسني والدة “ابن سحيم” أثناء مكالمة هاتفية مع شخص قطري تحاول تحريضه على الانضمام لنجلها في تدبير انقلاب على الحكم في قطر، مع إغرائه بالمناصب والأموال.

وبحسب التسجيل، أقسمت “الحسني” مرات عدة بأن كل ما يريده الشخص الذي تحاول إقناعه سيتحقق له، ووعدته أيضا بإرسال طائرة خاصة تحمله إلى الأردن، وأن يتم استقباله هناك بأحسن استقبال في حال موافقته على الانضمام لمخطط الانقلاب.

وأكدت الحسني، وفقا للتسجيل المسرب، أن نظام الحكم في قطر سيتغير حتمًا “بأسرع وقت”، وأن من يقف مع ابنها سيكون له مصير مختلف، حيث سيضاف إلى حسابه البنكي على الفور 300 مليون (دون أن تذكر العملة)، ثم سينال منصبا كبيرا قد يكون من مستوى نائب رئيس مجلس الوزراء أو ما يماثله، فضلا عن راتب يتراوح بين المليون والمليون ونصف المليون (دون أن تذكر العملة) والقصور، بحسب التسجيل.

وتأتي المكالمة المسربة بعد أيام من تداول تسريب آخر منسوب للشيخ “عبدالله بن علي آل ثاني” قال فيه إن سبب اندلاع الأزمة الخليجية هو طمع ولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان وولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد في ثروة قطر، كاشفا أنه حاول الانتحار حين كان محتجزا في الإمارات.

وذكر حينها أنه جرى إغراؤه بالمال لإلحاق الأذى بقطر لكنه رفض، فتعرض للضغط بشكل غير طبيعي في أبو ظبي، ثم أفرج عنه ليتوجه إلى الكويت، ومنها إلى لندن.

ظهور مثير للجدل

وظهر “سلطان بن سحيم” على خط الأزمة الخليجية مبكرا، حيث كان من الشخصيات التي كانت تفكر دول الحصار في استقطابها لتوظيفها في إطار المكايدة لقطر والتحريض ضدها.

لكن لضعف إمكاناته الشخصية لم تلجأ دول الحصار لاستخدامه في بدايات الأزمة، ورغم أنه التقى ولي العهد السعودي سرا في يوليو الماضي، إلا أنه لم يظهر علنا في إعلام دول الحصار إلا في 18 سبتمبر الماضي بعد نحو شهر من ظهور الشيخ عبدالله بن علي آل ثاني.

وكشف المغرد السعودي الشهير “مجتهد” أنه في 24 يوليو الماضي، استضاف ولي العهد السعودي، شخصية قطرية من أسرة “آل ثاني” ليكون له دور في مخطط دول الحصار ضد قطر، ليقول المغرد “كشكول” إن الشخصية المقصودة هي “سلطان بن سحيم”.

وتابع: “تم الإقناع (أي إقناع ابن سحيم بالانضمام لمخطط دول الحصار ضد قطر) بمبالغ فلكية تجاوزت الثلاثين مليار ريال سعودي تحت غطاء مشاريع مقاولات لصالح شركة sst التي يمتلكها سلطان بن سحيم”.

وفي أول ظهور له تم بث خطاب مصور له يحرض فيه على قطر ويعلن دعمه الشيخ عبدالله بن علي وتأييد دعوته لاجتماع الأسرة الحاكمة والأعيان للوقوف بوجه النظام القطري.

منذ ذلك الحين دأب “ابن سحيم” على الظهور في وسائل الإعلام متبنيًا خطابًا هجوميًا تحريضيًا لا يقل ضراوة عن خطاب دول الحصار ضد أمير قطر الشيخ تميم بن حمد والنظام القطري.

وفي نوفمبر الماضي، استضافت السعودية اجتماع قبائل قحطان على الحدود مع قطر، والذي تم تخصيصه لتلميع “ابن سحيم” الذي قال: “نحن المؤسسون لقطر ونحن الذين سنطهرها من رجسها.. جميعنا يحمل على عواتقه مهمة إنقاذ قطر قبل أن تبتلعها الفوضى ويتلاعب بها المفسدون”.

وفي ديسمبر، ذكرت وسائل إعلام سعودية أن “ابن سحيم” عقد اجتماعا كبيرا لأفراد الأسرة الأميرية في سعيه لـ”إنقاذ قطر”.

وأوضحت قناة “الإخبارية” السعودية الرسمية أن الاجتماع شارك فيه “أكثر من 20 فردا من عائلة آل ثاني في مجلس واحد”، مشددة على أنه “الأول من نوعه منذ قطع العلاقات مع قطر” من قبل السعودية والإمارات والبحرين ومصر.

ورقة محروقة!

ولعل التزامن بين المكالمة المسربة لوالدة “ابن سحيم” مع التسريبات السابقة للشيخ عبدالله بن علي، وأزمته الأخيرة في الإمارات، تضعه في موقف شديد الحرج، حيث كان يعول في بداية الأمر على “ابن علي” كقائد للمعارضة داخل آل ثاني.

التسريب الأخير لابن علي كشف فيه أن سبب اندلاع الأزمة الخليجية هو طمع وليي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد والسعودية الأمير محمد بن سلمان في ثروة قطر.

وأمام هذين المتغيرين الذين يشوهان إلى أبعد حد الصورة المشوشة أساسا للشاب الطامح في السلطة والنفوذ، يتأكد الجميع أنه أصبح مجرد ورقة محروقة سعت دول الحصار إلى اللعب بها ضد قطر، فضلا عما كشفه ابن علي.

ومن ثم وجب عليها (دول الحصار)، إذا كانت تعول على ضرب النظام القطري من الداخل، البحث عن وجه جديد يقود هذه الجزئية من المشهد.

من هو سلطان بن سحيم؟

ولد “سلطان بن سحيم بن حمد آل ثاني” في العاصمة القطرية الدوحة عام 1984، وهو الابن الثامن للشيخ سحيم بن حمد أول وزير خارجية لقطر بعد استقلالها عام 1972، وهو شقيق أمير قطر الأسبق (جد الأمير الحالي) خليفة بن حمد آل ثاني.

حصل على درجة الماجستير في العلوم السياسية من جامعة القاهرة، ويقيم بصفة دائمة في العاصمة الفرنسية باريس ويتولى رئاسة مجلس إدارة شركة (SST) القابضة للمقاولات.

واعتمد الشاب الثلاثيني كثيرا في ظهوره خلال الأزمة الخليجية على سيرة والده صاحب الدور في نهضة قطر، والذي كان يتمتع بعلاقات وثيقة مع حكام الخليج خاصة في السعودية والإمارات.