العدسة – جلال إدريس
لايزال سلاح حركة المقاومة الإسلامية “حماس” هو واحدا من أبرز القضايا التي تثير جدلا واسعا على المستويين الفلسطيني والدولي، كما أنها واحدة من أخطر الملفات التي تهدد دائما عملية المصالحة الفلسطينية.
وبين تمسك الحركة بحقها في المقاومة، وإصرار السلطة الفلسطينية على نزعه، والضغوط الإسرائيلية والدولية للتخلي عنه، يبقى السؤال قائما، هل سيظل الاقتراب من سلاح المقاومة خطا أحمرا؟ أم أنه بات قابلا للطرح والنقاش وربما التنازل عنه وتسليمه؟
إعادة تموضع لحماس
أحدث التقارير التي أثارت جدلا واسعا في هذا الشأن، ما نشرته صحيفة “الحياة” اللندنية في تقرير لها أمس عن أن حركة حماس أبلغت السلطة الفلسطينية استعدادها لوضع سلاحها تحت إمرة منظمة التحرير في حال انضمت إليها، وأن الحركة أكدت أن موقفها من المصالحة الوطنية لا رجعة عنه، وأنها تتجه إلى حضور اجتماع المجلس المركزي للمنظمة.
ليس هذا فحسب، لكن الصحفية، نقلت في تقريرها أن «حماس» بدأت بإعادة تموضعها للالتحاق بالنظام السياسي الفلسطيني استعداداً لمرحلة ما بعد الاعتراف الأمريكي بالقدس «عاصمة لإسرائيل».
وكشف قيادي في الحركة لـ «الحياة» في رام الله أن النية تتجه نحو المشاركة في اجتماع المجلس المركزي في 14 يناير الجاري، أولاً لأن «حماس» تريد الدخول إلى النظام السياسي والمشاركة في مؤسسات منظمة التحرير والسلطة، والثاني لأنها ترى أن هناك مرحلة سياسية تتمثل في مقاومة الضغوط الأمريكية الرامية إلى فرض حلول سياسية على الفلسطينيين.
انقسام بالحركة
من جهة أخرى كشفت “الصحيفة” عن انقسام في الروئ داخل حركة “حماس” فيما يتعلق بمسألة التنازل عن السلاح، أو تقديم تنازلات أخرى، حيث أشارت الصحيفة إلى أن الحرس القديم في الحركة يرفض تقديم مزيد من التنازلات من دون أن تقابلها خطوات من فتح والسلطة وعباس.
لكن الحرس الجديد، وفقا لـ”المصادر”، الذي يمثله السنوار ونائب رئيس المكتب السياسي صالح العاروري وآخرون، مصمم على عدم العودة إلى الانقسام، خصوصا بعد اعتراف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل، موضحة أن السنوار أكد أن الحركة وقادتها سيواجهون قرار ترامب بأرواحهم، وأنهم اتخذوا قراراً بإسقاطه مهما كلّف الثمن.
وفي هذا السياق فإن حركة حماس عازمة على عدم العودة اللسيطرة على الوزارات والمعابر حتى لو استمرت الأمور على حالها مما وصفته بـ مماطلة السلطة وحكومة التوافق الوطني، و عدم تعجل عباس إنجاز المصالحة.
مستعدون بشروط
من جانبها علقت حركة المقاومة الإسلامية حماس على ما نشرته الصحيفة، حول موقفها مما نشر مؤخرا عن قبولها واستعدادها وضع سلاحها تحت إمرة منظمة التحرير حال انضمام الحركة إليها.
وقال مسؤول ملف العلاقات الوطنية في حركة حماس حسام بدران، في معرض توضيحه لما نشرته الصحيفة: “إن حماس تبلغ رئيس السلطة محمود عباس استعدادها لوضع سلاحها تحت إمرة المنظمة في حال انضمت إليها، وحين تصبح المنظمة معبرة عمليا عن مختلف القوى والفصائل الفاعلة على الساحة الفلسطينية بحيث تعبر عن طموحات شعبنا وأماله ضمن مشروع متكامل للتحرير، يصبح حينها الحديث منطقيا عن شراكة في القرار السياسي أو في آليات وأشكال المقاومة عموما” .
وزاد بدران بالقول: “وجود حماس ضمن منظمة التحرير حق طبيعي، وسلاحها يدار عبر قيادة حكيمة واعية تدرك كيف ومتى تستخدمه وهي تعلم قيمته وقدره وحجم الجهد والدماء التي بذلت لتوفيره دفاعا عن شعبنا وقضيتنا”.
وقال إن السلاح الذي تملكه كتائب القسام “هو ذخر وطني، وموقع عز وفخر لدى أبناء الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده”.
وأوضح الناطق باسم «حماس» حسام بدران في بيان أمس أن الحركة تلقت دعوة رسمية للمشاركة في اجتماعات المجلس المركزي، وأنها تدرسها باهتمام.
أبو مازن والسلاح الشرعي الواحد
وبينما تحاول “حماس” التخفيف من عقبة “سلاح المقاومة” الواقفة في طريق المصالحة، تصر السلطة الفلسطينة على نزع السلاح بشكل قاطع، إذ أكد الرئيس الفلسطيني «محمود عباس» (أبو مازن)، في أكثر من تصريح أنه ماضٍ قدما في مسيرة المصالحة الفلسطينية، وصولا إلى إقامة «سلطة واحدة، وقانون واحد، وسلاح شرعي واحد».
وفي نوفمبر الماضي، أكد أبو مازن أن «التنفيذ الدقيق لاتفاق المصالحة، والتمكين الكامل للحكومة بغزة، سيقود حتما لتخفيف المعاناة وبعث الأمل لمستقبل أفضل لسكان القطاع، لكن شرط أن يكون هناك سلاح شرعي واحد».
التصريحات ذاتها أكدها مدير عام الشرطة الفلسطينية “حازم عطا الله”، في حكومة “الحمد الله” حيث أكد أن قوات الشرطة مستعدة لفرض النظام في غزة، مشبها الوضع هناك بما كان عليه في الضفة الغربية قبل عشرة أعوام، حين شرعت السلطة الفلسطينية في نزع أسلحة حماس وتفكيكها للحركة بجانب عدد آخر من الفصائل المسلحة.
وقال “عطا الله” في تصريحات صحفية: “سيكون لنا سلاح واحد في غزة، إذ كيف سيكون بإمكاني (تحقيق) استتباب الأمن في ظل وجود كل تلك الصواريخ والأسلحة؟ هل يمكن ذلك؟ لا يمكن”.
ولم تجب التصريحات عن سؤال بخصوص الكيفية التي سينجح بها الرئيس الفلسطيني “محمود عباس” في إقناع حماس بالانصياع، وذلك بالنظر إلى رفضها لمطلب (إسرائيل) والولايات المتحدة بنزع السلاح.
العقبة الإسرائيلية والأمريكية
وإلى جانب ضغوطات “السلطة” فإن المحلل السياسي الفلسطيني صلاح الدين العواودة اعتبر أن أهم معوق أمام المصالحة هو الموقف الإسرائيلي والأمريكي وما يتناغم معه من موقف فلسطيني أو عربي بما في ذلك مصر، والذي يتمثل باستبعاد حماس من السلطة ونزع سلاح المقاومة، وبالتالي ستواجه المصالحة خطر تجميد الأموال والحصار الاقتصادي للحكومة والسلطة على الأقل من جهة إسرائيل.
ويرى العواودة أن هناك تخوفا من السلطة نفسها بأن يتشبث عباس بموضوع المصالحة تحت تأثير إسرائيل والأطراف الإقليمية والدولية ويدخل مع حركة حماس في مكاسرة بشأن سلاح القسام والمطالبة بنزع هذا السلاح وقد يتم افتعال أحداث أمنية هنا أو هناك لإثارة النزاع أو اشتباكات مسلحة بين عناصر عسكرية من الطرفين لتصبح هناك مطالبة بنزع السلاح حتى يتجنب الفلسطينييون القتال.
ويوافق هذا الرأي أيضا المحلل السياسي الفلسطيني محمد مشينيش الذي صرح “للعدسة” في تقرير سابق أن أهم إشكالية في الوقت الحالي هي كيفية إدارة العلاقة بين سلاح المقاومة في القطاع ووضع آلية له مع الحكومة خاصة في ظل وجود رغبة عالية في أن يتم إدخال هذا السلاح تحت سيطرة جهاز الأمن الفلسطيني.
وأشار إلى وجود إشكاليات أخرى من بينها الموظفون الذين تم تعيينهم خلال عشر سنوات ماضية وجدية الحكومة في حل أزمة الكهرباء.
اضف تعليقا