باسم الشجاعي

لم يكن حوار قائد الانقلاب المصري الجنرال “عبد الفتاح السيسي“، الذي أجرته قناة CBS الأمريكية لصالح برنامج 60Minutes الشهير، والذي يقدمه المذيع المعروف “سكوت بيللي” مجرد لقاء تلفزيوني عابر وحسب، بل جاء ليكشف تغير نسبي في السياسية الأمريكية تجاه القاهرة.

فالحوار الذي تأخر بثه لأكثر من 3 أشهر يؤكد أن “السيسي” بات أقرب لانتزاع السلطة منه ولكن الأمر يأتي تدريجيا؛ وفق ما أكد خبراء.

وأرجعت أستاذة العلوم السياسية والباحثة في الشؤون الأمريكية والشرق الأوسط، الدكتورة “عبير كايد”، تأخير توقيت بث الحوار عن موعده لأكثر من 3 أشهر، بسبب انتزاع الديمقراطيين السيطرة على مجلس النواب الأمريكي من الجمهوريين خلال انتخابات التجديد النصفي للكونجرس.

 

وبحسب تقارير إعلامية فإن المقابلة أجريت في سبتمبر الماضي، عندما كان يحضر “السيسي” الاجتماع السنوي للأمم المتحدة، ولكن يبدو أن الديمقراطيين أرادوا أن يظهر قائد الانقلاب المصري بشكل معين.

وبالعودة لصعود الديمقراطيين في مجلس الشيوخ الأمريكي، فإنه من المؤكد أن خسارة “ترامب” للأغلبية في البرلمان ستمكن الديمقراطيين من كبح جماح الرئيس الأمريكي في بعض الملفات، خاصة في العديد من دول الشرق الأوسط، مثل مصر، الذي كان يوفر لها دعما غير محدود على حساب ملف حقوق الإنسان الذي تغاضى عنه طيلة منتصف ولايته الأولى.

كما توجد الآن فرصة متاحة أمام المعارضة المصرية في أمريكا للاستفادة من إزاحة الجمهوريين، فضلا عن وجود عضوتين عربيتين مسلمتين بالكونجرس، من الممكن أن تساهما في فضح ملف انتهاكات حقوق الإنسان بمصر، والاعتقالات والإخفاء القسري.

وما يسهل مهمة المعارضة في الخارج اعتراف “السيسي” الضمني خلال اللقاء بقمعه المعارضين والانقلاب الذي قاده ضد الرئيس “محمد مرسي”، بدعوى الحفاظ على الأمن.

وسبق أن قالت منظمات حقوقية دولية إن حملة القمع على حرية التعبير في عهد “السيسي”، هي الأسوأ في تاريخ البلاد الحديث بشدتها غير المسبوقة، مضيفة أن مصر باتت “سجنا مفتوحا للمنتقدين”.

كما أصدرت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، تقريرا اتّهمت فيه السلطات المصرية بتكثيف استخدامها لقوانين مكافحة الإرهاب وقانون ومحاكم الطوارئ لمقاضاة الصحفيين والناشطين والنقّاد بصورة غير عادلة بسبب انتقاداتهم السلمية.

ويخشى “السيسي” من تغير معادلة الحكم في البيت الأبيض وعودة الديمقراطيين من جديد، رغم أنهم أيدوه ورتبوا معه كل تفاصيل الانقلاب، كما كشف “كيرك باتريك”، مدير مكتب النيويورك تايمز في القاهرة، في كتابه الأخير، حيث إن “الديمقراطيين” أقل تجاوبا مع سياسات قائد الانقلاب المصري مثلما هو عليه “ترامب”.

صفقة القرن

التغير الذي سيطرأ على السياسة الخارجية الأمريكية لن يكون بخصوص الانتهاكات في مصر وحسب، بل سيؤثر بقوة على صفقة القرن؛ حيث إن غالبية الديمقراطيين يريدون إقالة الرئيس “ترامب”، وبالتالي لا حاجة لدعم قائد الانقلاب “عبد الفتاح السيسي” في مصر.

ويبقى “ترامب” على دعم “السيسي” رغم الانتقادات التي تلاحقه بسبب موقف الأخير المؤيد لـ”صفقة القرن”.

ودخل مصطلح “صفقة القرن” دائرة التداول السياسي والإعلامي منذ تولي “ترامب” منصب الرئاسة الأميركية، وبدأت تتكشف خيوطها شيئا فشيئا وسط غموض جديد يحيط بمضامينها وأطرافها، فضلا عن استحقاقاتها السياسية والاقتصادية والأمنية.

ومن بين بنود تلك الصفقة تنازل مصر عن 720 كيلومترا مربعا من أراضي سيناء لصالح الدولة الفلسطينية المستقبلية، بإضافة مستطيل يمتد من رفح إلى حدود مدينة العريش طوله 24 كيلومترا وعرضه ثلاثون كيلومترا.

المخاوف لن تقف عند “ترامب” و”السيسي” وحسب، بل وصلت لـ”إسرائيل”، حيث حذّرت دراسة إسرائيلية من التداعيات الاستراتيجية بعيدة المدى الناجمة عن تعاظم قوة الديمقراطيين في مجلس الشيوخ الأمريكي.

ورأت الدراسة الصادرة عن “مركز بيغن السادات للدراسات الاستراتيجية”، التابع لجامعة “بار إيلان”، ثاني أكبر الجامعات الإسرائيلية، في أغسطس الماضي، أن تعاظم قوة الديمقراطيين يهدد “إسرائيل”؛ حيث إنهم يتبنون مواقف معادية من تل أبيب وغير ملتزمين بمصالحها، على عكس سياسية “ترامب” الحالية.

ويبقى السؤال المطروح الأن هل تشهد الأيام المقبلة وخاصة مع قرب ذكرى ثورة 25 يناير رفع الغطاء السياسي عن “السيسي” بعد التغير الذي طرأ على مجلس الشيوخ الأمريكي؟