بعد أكثر من أسبوع تعالت فيه التهديدات والرد والتصعيد وإمكانية الوصول إلى حرب شاملة بين “حزب الله” اللبناني ودولة الاحتلال الإسرائيلي، عقب تنفيذها لهجوم بطائرات مسيرة على أهداف للحزب في قلب الضاحية الجنوبية، وقتل اثنين من عناصره في سوريا، جاء الرد وضُرب الهدف الإسرائيلي.

وتمكنت مجموعة مقاتلة من حزب الله، الأحد (1 سبتمبر)، من تدمير آلية عسكرية إسرائيلية قرب الحدود الجنوبية للبنان، وقتل وجرح من كان فيها، وفق ما أعلنه الحزب، وهو ما نفته تل أبيب.

وعقب ضربة حزب الله المتوقعة خرج رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي مبتسماً خلال مؤتمر صحفي، في تلميح إلى فشل رد الحزب اللبناني، واكتفى بالقول إنه أجرى مشاورات مع رئيس هيئة الأركان العامة لجيشه ومع اللواءات المستهدفة.

وعلى عكس ما أعلن حزب الله أكد نتنياهو عدم وقوع أي خسائر في صفوف القوات الإسرائيلية نتيجة الهجوم على آلية للجيش الإسرائيلي.

الخبير والمراقب للشأن الإسرائيلي، عمر جعارة، يصف الضربة التي نفذها مقاتلو حزب الله ضد آلية إسرائيلية بـ”العملية الاعتبارية والبعيدة عن العمل الاستراتيجي أو التكتيكي”، معتبراً أن “إسرائيل بلعت العملية دون الإعلان عن خسائر”.

ويؤكد جعارة، في حديثه لـ”الخليج أونلاين”، أن ضربة حزب الله تشبه بالقياس الدقيق تماماً عمليتها في مزارع شبعا بعد اغتيال “إسرائيل” ستة من عناصر حزب الله، بينهم القائد العسكري محمد عيسى، أحد مسؤولي ملفي العراق وسوريا، ونجل عماد مغنية، في يناير 2015.

ويقول جعارة: “تتشابه الضربتان في كل شيء؛ من ناحية الوزن والمكان والسلاح، ونفس الخسائر، والهدف، ولكن الفرق أن إسرائيل اعترفت بمقتل ضابط وجندي وجرح 7 آخرين في العملية الأولى، ولكن في هذه العملية لم يعترف نتنياهو بسقوط قتلى”.

ويوضح أنه عقب ضربة حزب الله، عم الغضب في الإعلام الإسرائيلي، وخاصة المحللين العسكريين، بسبب عدم تقديم الجيش معلومات حول عملية حزب الله، وإخفاء الخسائر والجرحى، وماهية العملية، وعدم الرد، وهو ما دفع نتنياهو إلى تأكيد عدم وجود خسائر.

ويستبعد الخبير في الشأن الإسرائيلي تدحرج الأحداث شمال الأراضي المحتلة مع الحدود اللبنانية بين حزب الله وجيش الاحتلال، “لكون الطرفين غير معنيين بالمواجهة والدخول بحرب، ووجود رضى على نتائج الضربة الأخيرة من الحزب، وتقبل من “إسرائيل” بنتائجها”.

ويقارن جعارة لـ”الخليج أونلاين” بين ضربة حزب الله التي حدثت الأحد، والرد الإسرائيلي المحدود، حول ما حدث بعد اختطاف حزب الله جنديين لجيش الاحتلال في 2006، وما أعقبه من حرب شاملة مع الحزب.

ويرى أن طلب رئيس الوزراء اللبناني، سعد الحريري، من الولايات المتحدة وفرنسا والمجتمع الدولي التدخل لمواجهة تطور الأوضاع في الحدود مع “إسرائيل”، يعطي إشارة واضحة إلى عدم وجود نية من قبل حزب الله لتطور الأحداث، أو الوصول إلى حرب.

ويشير إلى أن حزب الله، من خلال ضربته العسكرية الأخيرة ضد الهدف الإسرائيلي، “لم يثبت معادلة جديدة، لكون ذلك يحتاج إلى خسائر متبادلة، كمقتل جنود بشكل متواز، واستهداف أماكن عسكرية بنفس الحجم والنوعية”.

رد متواضع

الباحث في الشؤون الإسرائيلية عدنان أبو عامر يؤكد أنه في حالة لم يسفر هجوم حزب الله عن قتلى في صفوف جيش الاحتلال الإسرائيلي فإن ضربته لا تعتبر رداً على استهداف الاحتلال لأهدافه.

ويقول أبو عامر في منشور عبر حسابه في موقع “فيسبوك”: “حجم التهديدات التي أطلقها قادة حزب الله في الأيام الأخيرة لا يتساوى مع هذا الرد المتواضع”.

يضيف: إن “المحدد الأساسي هو قتلتم فقتلنا، وإلا فمن حق نتنياهو أن يفرك يديه فرحاً بما حصل؛ ولسان حاله لجنرالات الجيش الذين ترددوا في استهداف الضاحية: ألم أقل لكم؟”.

بدوره، يرى الخبير في الشأن الإسرائيلي صالح النعامي أنه في حال لم يفض رد حزب الله إلى إيذاء وقتل جنود في جيش الاحتلال، فرده كأنه لم يكن.

ويوضح النعامي، في منشور على حسابه في موقع “فيسبوك”، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي ادعى بأن قصفه للضاحية الجنوبية تسبب في خسارة استراتيجية للحزب، تمثلت في تأجيل مشروع الصواريخ الدقيقة لأمد بعيد.

ويلفت إلى أن الذي يدل على تواضع نتائج قصف حزب الله حقيقة أن نتنياهو لم يدع إلى اجتماع عاجل للمجلس الوزاري المصغر لشؤون الأمن، ولم يتوجه إلى مقر التحكم والسيطرة في وزارة الحرب، واكتفى باتصال هاتفي مع رئيس الأركان.

ويشدد على أنه “لا مقارنة بين تحطيم جيش الاحتلال قواعد الاشتباك القديمة وقصف ما اعتبره هدف استراتيجياً في الضاحية الجنوبية، وبين قصف حزب الله الذي يسفر عن إصابتين”.