العدسة – باسم الشجاعي:
مع دخول الحرب ضد اليمن التي يخوضها التحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية، عامها الرابع، ارتفعت وتيرة تساقط الصواريخ الباليستية التي تطلقها حركة “أنصار الله” (الحوثيين) على الرياض، مؤخرًا.
التصعيد الجديد مِن قِبل قوات الحوثي ضد السعودية، يحمل دلالات كثيرة، وعلى رأسها أن هذه الحرب التي تشنها المملكة العربية بمعية الإمارات وبمشاركة رمزية من قِبل بعض الدول عربية، تدخل منعطفا شديد الخطورة، وأن المعادلات السياسية والعسكرية، قد تتغير في لحظة.
فمنذ 25 مارس 2015، تقود السعودية تحالفًا عسكريًا يدعم القوات الحكومية اليمنية في مواجهة مسلحي الحوثيين، الذين يسيطرون على عدة محافظات بينها صنعاء منذ 21 سبتمبر 2014.
وأسفرت الحرب في اليمن، بعد مرور أكثر من 3 سنوات على اندلاعها، عن مقتل أكثر من 10 آلاف يمني، فيما تم إنفاق الملايين في البلد الفقير الذي بات على حافة المجاعة.
فمع العام الرابع للحرب، هل تملك حركة “أنصار الله” منظومات صاروخية قادرة على التأثير في المعادلات السياسية والعسكرية في المعركة اليمنية، خاصة بعد فشل الدفاعات السعودية في التصدي لها؟ وهل باتت الرياض تحت مرمى نيران جماعة الحوثي اليمنية؟ ولماذا هذا التصعيد، ولماذا الآن؟
لماذا هذا التصعيد الآن؟
ويبدو أن جماعة الحوثي قررت أن يكون لسلاح الصواريخ دور محوري غير الذي كان يلعبه في السنوات الثلاث الماضية من الحرب.
فسلاح الصواريخ خلال الثلاث أعوام الماضية كان يشارك وفق فترات زمنية متباعدة تصل في بعضها إلى ثلاثة أشهر تفصل بين إطلاق صاروخ باليستي وآخر.
وبتتبع إطلاق الصواريخ، فإن اليوم الأول من العام الرابع للحرب (25 مارس) تم إطلاق 5 صواريخ باليستية على السعودية، حتى أصبح الأمر عملا يوميا بالفعل.
ويتسق هذا مع تصريح “صالح الصماد”، رئيس المجلس السياسي الأعلى في صنعاء، الذي أكد فيه أن هذا العام سيكون عاما باليستيا بامتياز وسيدشن خلال الفترة المقبلة، إطلاق صواريخ كل يوم، ولن تسلم السعودية من صواريخنا مهما حشدت من منظومات دفاعية.
ماذا يعني تصريح “الصماد”؟
تصريح “الصماد”، يكشف أن صواريخ جماعة الحوثي باتت مطورة، وأن التحالف السعودي الإماراتي، أخطأ حينما أعتقد أنه قضى على الصواريخ اليمنية.
ويبدو أن صواريخ جماعة الحوثي مرت بثلاث مراحل؛ أولها تطوير مدياتها من صواريخ قصيرة مدى إلى صواريخ متوسطة المدى، والثاني هو تكتيك إطلاق الصواريخ بالنظر لسيطرة التحالف السعودي على الأجواء اليمنية، والثالث هو التمويه والقدرة على اختراق أجهزة الرصد والسونارات ومنظومات الدفاع المتوفرة للتحالف السعودي.
عملية التطوير التي خضعت لها منظومات صواريخ جماعة الحوثي على مدى الثلاث السنوات السابقة، تعني أنها سيكون لها حضورها خلال الفترة القادمة من الحرب وسيكون ترتيب أثرها على مستويات مختلف.
السعودية والإمارات في “ورطة”
تنامي القوة العسكرية والصاروخية للحوثيين، جعل من السعودية والإمارات، هدفًا سهلًا أمام نيران جماعة أنصار الله؛ خاصة أنه سبق وأن أعلن “الصماد”، أن أي تصعيد من قبل دول التحالف على اليمن، فإنه سيقابله باستهداف ناقلات النفط المارة من البحر الأحمر، لم يقتصر الأمر على ذلك وحسب، بل طالت الصواريخ منشآت نفطية ومطارات.
الأمر الذي يعني عمليًا تهديد 80% من الاستيراد السعودي والإماراتي والذي يعتمد على السفن المدنية التي تُبحر في البحر الأحمر.
وهو ما أثبتته عملية استهداف ناقلة النفط السعودية في البحر الأحمر، الأسبوع الماضي، ردًا على مجزرة مخيمات النازحين بالحديدة.
هل فشلت السعودية؟
أمر آخر يذهب له تصريح “الصماد”، وهي ما مدى كفاءة القدرات القتالية للقوات المسلحة السعودية، وما مدى فعالية أنظمتها الدفاعية، لاسيما أنها قطعت مسافات طويلة داخل الأراضي السعودية، وخاصة من قوة غير محترفة وغير منظمة.
ومن المثير للدهشة أن الصواريخ الحوثية المتعاقبة على السعودية، تتزامن مع تصريحات لولي العهد السعودي الأمير “محمد بن سلمان”، ومسؤولين سعوديين يؤكدون فيها أن الحرب اليمنية قاربت على الانتهاء.
ما يثبت أن تصريحات “ابن سلمان” غير حقيقية، كما تثبت أن السعودية باتت في ورطة حقيقية بشأن تلك الحرب، فلا هي قادرة على حسمها لصالحها، ولا هي قادرة على الخروج منها.
هل يكسب الحوثيون الجولة القادمة؟
هذه التطورات تشير أيضا إلى أن الأمر قد يدفع الرياض إلى الإسراع في اجتراح تسوية مع الحوثيين لإنهاء الحرب التي كلفت السعودية إلى الآن حسب بعض المصادر ما يتجاوز 120 مليار دولار.
كما أنه كانت قد تواردت أنباء عن محادثات سرية تجريها السعودية مع الحوثيين في العاصمة العمانية مسقط دون علم الحكومة الشرعية، لتصل لتسوية سياسية، وإذا صحت هذه المعلومات، فيمكن القول إن قبول المملكة بالتفاوض مع الحوثي يعد اعترافًا بشرعيته، هذا وحده يجعل الحوثيين يكسبون نصف الجولة مقدمًا.
ما علاقة “الأسد” باليمن؟
ومن ناحية أخرى يمكن الذهاب بالقول إن التصعيد الحوثي المفاجئ ضد الرياض نوع من الضغط الإيراني على السلطات السعودية لدفعها إلى التدخّل لدى حليفها الأمريكي للتفكير قليلاً فيما سيفعله مع النظام السوري، خاصة أن سوريا كانت محور مباحثات ولي العهد السعودي خلال زيارته الأخيرة لواشنطن والتي استمرت لأكثر من أسبوعين، ولم يخفِ جاهزيته للعمل العسكري.
فرنسا أيضًا ليست بعيدة عن اللعبة؛ فبينما كان يزور”ابن سلمان” باريس، الأسبوع الجاري؛ حيث أكّدت صحف فرنسية أن مقاتلات رافال المرابطة في قاعدة سانت ديزييه شمال شرق البلاد بانتظار قرار من الرئيس، إيمانويل ماكرون، لقصف مواقع تابعة للأسد في سوريا.
اضف تعليقا