رفض المجلس العسكري الانتقالي في السودان، ضمنًا، مقترحات الوساطة الإثيوبية التي سعت إلى تقريب شقة الخلاف بينه وبين قوى إعلان الحرية والتغيير، قائدة الحراك الشعبي الذي أطاح عمر البشير من الرئاسة.
وكانت أديس أبابا قد تقدمت في اليومين الماضيين بورقة احتوت مقترحات لحل نقطة الخلاف بين المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير بشأن تشكيل مجلس السيادة الانتقالي، ونصت المقترحات على منح العسكريين 7 مقاعد من عضوية مجلس السيادة، ومثلها لقوى الحرية والتغيير؛ على أن يتوافق الطرفان على عضو خامس عشر من المدنيين، وهذا ما وافقت عليه قوى الحرية والتغيير، وأبلغت به المبعوث الإثيوبي محمود درير اليوم الأحد.
وبينما لم يعلن المتحدث الرسمي باسم المجلس العسكري الانتقالي، الفريق شمس الكباشي، عن رفض صريح للمقترحات الإثيوبية؛ أكد خلال مؤتمر صحافي، مساء الأحد، أن المجلس تسلم المبادرة ولم ينظر فيها ولن يعلن منها موقفاً، نتيجة اتفاق سابق مع إثيوبيا بأن تقدم مع الاتحاد الأفريقي “تصوراً موحداً وليس أحادياً”، مشيراً إلى أن “المجلس يرفض الإملاءات الخارجية”، وأنه “لا يقبل إلا بمقترحات تعيده لطاولة التفاوض مع الحرية والتغيير”.
وأضاف أن المجلس تسلم ورقة أخرى من الاتحاد الأفريقي تمضي في الاتجاه ذاته لتقريب شقة الخلاف بين العسكري والحرية والتغيير، لكن الكباشي ورغم إلحاح الصحافيين رفض إعطاء أية تفاصيل على البنود التي تضمنتها الورقة.
وأوضح الكباشي أن رئيس المجلس العسكري عبد الفتاح البرهان، اجتمع اليوم بالمبعوث الأفريقي والمبعوث الإثيوبي، وطلب منهما تسليم رؤية مشتركة خلال اليوم أو الغد.ولم يجد موقف المجلس العسكري تفسيراً من قوى الحرية والتغيير غير اعتباره “تهرباً من اتخاذ موقف واضح وشجاع من المبادرة الإثيوبية”، فيما يعتقد مراقبون أن “المجلس يعمل على شراء الوقت من أجل الوصول إلى هدفه الأساسي بتشكيل حكومة من طرف واحد خلال الفترة المقبلة، تُبعد منها قوى الحرية والتغيير”، بالرغم من نفي عضو المجلس العسكري لذلك التوجه، وتأكيده على “حرص المجلس على اصطحاب الحرية والتغيير في أي حكومة مقبلة”، إلا أنه استدرك بالقول: “نتمنى ألا نضطر لتشكيل حكومة مدنية بدون الحرية والتغيير”، مؤكدا أن ذلك الخيار مطروح على الطاولة.
ويرى كثير من المراقبين أن المجلس العسكري، بمواقفه تلك، يعيد البلاد إلى نقطة الصفر ما قبل سقوط الرئيس المعزول عمر البشير، ويدفع باتجاه عودة سيناريو المواجهة بين المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير التي أعدت مسبقاً جداول للتصعيد الثوري ظهرت نتائجها خلال الأيام الماضية بخروج تظاهرات في عدد من المدن السودانية، بما فيها العاصمة الخرطوم، التي لم تختف تماما مشاهد المظاهرات الليلية في أحيائها، وهو ما قابلته القوات الحكومية بالقمع.
كما يحذر مراقبون آخرون أيضا من خسارة المجلس العسكري خسران الجارة إثيوبيا، ولا سيما مع تكرار المتحدث باسمه عبارة “رفض الإملاءات”، في إشارة صريحة لما جاء في تصورات الحل في مبادرة أديس ابابا، وهو أمر يقدر كثيرون أنه كان متوقعاً في ظل الاستقطاب الإثيوبي المصري، وسعي كل منهما نحو جر السودان لجانبه.
اضف تعليقا