العدسة_ بسام الظاهر
يدفع النظام المصري الحالي، برئاسة عبد الفتاح السيسي، بقوة تجاه توحيد الجيش الليبي تحت راية حليفه قائد القوات الموالية لمعسكر برلمان طبرق خليفة حفتر.
ويحاول الجيش المصري استضافة عدد من القيادات العسكرية من المعسكرين الشرقي والغربي، للاتفاق على آليات محددة لتوحيد المؤسسة العسكرية الليبية، تزامنا مع مشاورات سياسية تستضيفها تونس لتنفيذ خارطة الطريق الأممية التي طرحها المبعوث الأممي غسان سلامة.
وتحول إدارة الملف الليبي في مصر من رئيس الأركان السابق محمد حجازي (صهر السيسي) بعد إقالته من منصبه، إلى مساعد وزير الدفاع اللواء محمد الكشكي.
ولم تسفر الاجتماعات التي استضافتها القاهرة، خلال الفترة الماضية، عن شيء حتى الآن، رغم وجود نبرات متفائلة بتحقيق نتائج إيجابية.
ويسود التشكيك في إمكانية الوصول لاتفاق حول توحيد المؤسسة العسكرية الليبية تحت قيادة حفتر، خاصة في ظل الخلافات بين المعسكرين، ولكن الأهم أن مصر ليست وسيطا محايدا يمكنه لعب هذا الدور للتقريب بين الطرفين.
3 جولات
استقبلت القاهرة نحو ثلاث جولات من الاجتماعات بين عسكريين ليبيين، كانت آخرها جولة خلال الفترة من 29 أكتوبر وحتى 2 نوفمبر الجاري.
وتوصل الطرفان لاتفاق مبدئي على توحيد الجيش الليبي بعد إنهاء نقاط الخلاف تقريبا، بحسب المتحدث باسم قوات حفتر، أحمد المسماري.
وحضر المشاورات ممثلون عن حفتر، وضباط محسوبون على حكومة الوفاق الوطني برئاسة فائز السراج.
وقال المسماري:” إن عدم الإفصاح عن التوصل لاتفاق بشكل رسمي، يعود إلى تخوف من حدوث تسريبات تضر بعملية توحيد المؤسسة العسكرية، لوجود جهات متربصة تسعى لإفشال الجهود”.
وأضاف: “أن هناك اتفاقا تم التوافق عليه، ولكن بانتظار أن تعقد جولة محادثات لاحقة في القاهرة للتصديق عليه، بعد مشاورات سيجريها من حضروا اللقاء مع الجهات التي يمثلونها”.
ولفت: “تعمدنا أن نتعامل بالصفة العسكرية فقط، دون النظر إلى أي أمور سياسية”، ردا على موافقة ضباط من معسكر حكومة الوفاق على التوصل لاتفاق رغم الخلافات السياسية.
وعلى الرغم من التصريحات التي تعكس وجود قدر من الاتفاق حول إعادة توحيد المؤسسة العسكرية الليبية، إلا أن الجولة المقبلة التي لم يتم الإعلان عن موعدها حتى الآن ستكون حاسمة، إما باستكمال المباحثات وبدء عملية تنفيذ الاتفاق، وإما بتعطيله.
ولا يمكن فصل مشاورات توحيد المؤسسة العسكرية عن الخلافات السياسية وتعطل جهود تعديل اتفاق الصخيرات وفقا لخارطة طريق أممية في تونس، وخاصة فيما يتعلق بالمادة الثامنة والتي تنص على أن تعيين القادة العسكريين ووزير الدفاع مسؤولية حكومة الوفاق، ويضغط برلمان طبرق وحفتر لإلغائها.
وتدفع لجنة الحوار التابعة لمجلس النواب بإلغاء هذه المادة، خوفا من الإطاحة بحفتر خوفا من أن يكون قائدا للجيش الليبي، وهو أمر لن يقبل به قائد القوات الموالية لبرلمان طبرق.
وهذا الخلاف يهدد بفشل المفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة في تونس، حتى إنه لم يتم تحديد موعد الجولة الثالثة.
عبد السلام نصية، رئيس لجنة الحوار التابعة لبرلمان طبرق، قال إنه في حالة فشل تلك المفاوضات فإن مجلس النواب لديه خيارات أخرى وبدائل سيتم الإعلان عنها في حينها، وهذا عند الوصول لنقطة عدم الاتفاق.
لقاء حفتر مع رئيس الأركان المصري السابق
اهتمام مصري
ولكن لماذا تحاول القاهرة بشدة الإسراع في التوصل لاتفاق لجمع الفرقاء والاستقرار على توحيد الجيش الليبي خلال الفترة المقبلة.
يبدو أن محاولات القاهرة بعيدة تماما عن مشاورات تونس، وهناك رغبة في عدم ربطها بمباحثات تعديل الاتفاق السياسي، خاصة إذا ما فشلت لا تؤثر على سير عملية توحيد الجيش الليبي.
وينذر الاختلاف حول بعض النقاط باتفاق الصخيرات بعرقلة هذه المباحثات، وسط نبرات تشاؤم من تباطؤ المشاورات، بحسب غسان سلامة.
وهذا يفسر عدم رغبة مصر في انتظار ما تسفر عنه مباحثات تونس خوفا من فشلها، وبالتالي تؤثر على محاولات توحيد الجيش الليبي، خاصة مع التأكيد على فكرة أن المسألة العسكرية يجب أن تكون بعيدة عن الخلافات السياسية، وهو حق يراد به باطل، خاصة مع انحياز مصري سياسيا وعسكريا لحفتر.
حفتر يعتبر حليف القاهرة الأول في ليبيا، خاصة وأنه زار القاهرة خلال الأيام القليلة الماضية، للقاء المسؤولين المصريين، بشان التنسيق حول توحيد المؤسسة العسكرية.
كما تحاول مصر ترتيب الأوضاع داخل الجيش الليبي لمواجهة الجماعات المسلحة التي تنتمي للتيار الإسلامي، خاصة مع اتهام القاهرة لبعض المجموعات، وتحديدا التي تتواجد في درنة بتنفيذ عمليات مسلحة في مصر، وأمر السيسي بتوجيه ضربات جوية على درنة في مايو الماضي، بعد استهداف حافلة مسيحيين في المنيا.
كما أن هذه الجهود تأتي في ظل مخطط إقليمي بين مصر والإمارات لصالح تقوية حليفهما حفتر، من خلال دعم عسكري وسياسي كبير.
وكشفت تقارير أممية عن خرق الإمارات حظر التسليح في ليبيا، بدعم حفتر وإرسال أسلحة وطائرات إليه.
السيسي و حفتر
عقبات أمام الاتفاق
ولكن تبرز عدة عقبات حقيقية أمام إمكانية التوصل لاتفاق حول توحيد المؤسسة العسكرية في ليبيا.
وعلى رأس هذه العقبات، أن مصر وسيط غير محايد لأنها تنحاز إلى حفتر بشدة منذ بداية ظهوره على الساحة الليبية، وسط تعدد اللقاءات بين حفتر والمسؤولين المصريين وعلى رأسهم السيسي نفسه.
وقال الباحث في الشؤون العسكرية الليبي سليمان بن صالح، إن لقاءات القاهرة محاطة بالكثير من علامات الاستفهام، أهمها أنها تعقد على أرض غير محايدة، مما يجعل دعم الجانب المصري لطرف دون آخر أمرا مؤكدا لا جدال فيه.
كما أن الاتفاقات في القاهرة لن يتم حسمها إلا من خلال موافقة حكومة الوفاق، وهو ما لن يحدث إلا بعد تسوية سياسية للأزمة الليبية.
وقال رئيس الأركان الأسبق اللواء يوسف المنقوش: إن الضباط المشاركين من المعسكر الغربي لا يملكون أية سلطة تنفيذية، وهم فقط مجموعة تستطيع تقديم رؤى نظرية.
واستبعد المنقوش إمكانية التعاون بين طرفي النزاع، خصوصا بعد القصف الذي تعرضت له مدينة درنة والعثور على المقبرة الجماعية في مدينة الأبيار.
اضف تعليقا