العدسة _ جلال إدريس
“عادت ريما لعادتها القديمة”.. هكذا علّق كثير من المصريين على حادث التفجير الذي استهدف “موكب مدير أمن الإسكندرية- اللواءمصطفى النمر”، والذي تسبَّب في مقتل ضابط شرطة وأحد المجندين وإصابة 3 آخرين، بينما مدير الأمن نفسه لم يكن في الموكب.
الاستهداف جاء في وقت حسّاس، وتحديدًا قبل يومين فقط من إجراء الانتخابات الرئاسية التي ينافس فيها “عبد الفتاح السيسي” مرشحًا هزليًا يعرف باسم “موسى مصطفى”، وهو الأمر الذي يطرح تساؤلات واسعة عن المستفيد من هذا التفجير، وأهدافه، وهل هناك تعمُّد لتفجير الموكب دون أن يكون مدير الأمن بداخله؟ وما هي الإجراءات المترتبة على هذا الحادث.
ماذا حدث؟
لنبدأ أولًا بمعرفة تفاصيل ما حدث، وفقًا للرواية الرسمية التي كشفت عنها جهات ومصادر أمنية؛ حيث تؤكد الروايات أنَّ انفجارًا قويا هز منطقة شرق مدينة الإسكندرية الساحلية، اليوم السبت، ما أدى إلى مقتل شرطيين، بينما نجا مدير الأمن في المدينة.
وقال مسؤول الإعلام في وزارة الداخلية المصرية، في تصريح: إنّ “عبوة ناسفة موضوعة أسفل إحدى السيارات، انفجرت على جانب الطريق في شارع المعسكر الروماني، بدائرة قسم شرطة سيدي جابر في مديرية أمن الإسكندرية، بالتزامن مع مرور مدير أمن المحافظة، اللواء مصطفى النمر، مستقلاً سيارته”.
وأفادت الداخلية في بيان، بأنّ “الانفجار أسفر عن مقتل أحد أفرد الشرطة- لحق به آخر متأثرا بإصابته- وإصابة أربعة آخرين، وحدوث تلفيات ببعض السيارات المتوقفة على جانبي الطريق”.
وأشارت إلى “انتقال القيادات الأمنية في محافظة الإسكندرية، وقوات الحماية المدنية، إلى محلّ الواقعة، لاستكمال إجراءات الوقوف على ظروف وملابسات الحادث”.
فيما أكّد مصدر أمني، أنّ العبوة الناسفة التي تمّ استخدامها في الانفجار تزن 8 كيلو جرامات مواد شديدة الانفجار؛ تمّ وضعها أسفل سيارة كانت متوقفة أمام إحدى الفنادق بشارع المعسكر الروماني بمحافظة الإسكندرية أثناء مرور اللواء مدير أمن الإسكندرية، خلال استقلال سيارته ونتج عنها تهشيم 7 سيارات وحوائط الفندق و3 عقارات مجاورة.
من جهةٍ أخرى كلّف النائب العام المصري المستشار نبيل أحمد صادق، نيابة أمن الدولة العليا، والنيابات المختصة، بسرعة بدء التحقيق في التفجير.
كما كلّف النائب العام، بسرعة مخاطبة جهاز الأمن الوطني، لطلب تحرّياته عن الواقعة، وسرعة انتداب المعمل الجنائي لمعاينة موقع الحادث، واتخاذ اللازم لتفريغ الكاميرات المجاورة للموقع، من أجل تحديد هوية المنفذين.
النظام هو المستفيد
“يقولون دائمًا، فتش عن المستفيد وستعرف الفاعل”، وبهذه النظرية يمكن البحث عن المستفيد من حادث تفجير موكب مدير الأمن، ليتضح بكل بساطة أن نظام “عبد الفتاح السيسي” هو المستفيد الأول من هذا الحادث.
فالسيسي، الذي يجري انتخابات لا ينافسه فيها سوى مرشح واحد، تم الزجّ به في العملية الانتخابية بأوامر من جهات سيادية لاكتمال المشهد الانتخابي، هو الوحيد الذي يرغب في بثّ رسائل داخلية وخارجية أن مصر لاتزال تعاني من خطر الإرهاب، وبالتالي فإنَّ على مؤيدي السلطة، أن لا يتأخروا عن أداء واجبهم الوطني حيال تلك الانتخابات حتى ولو كانت نتائجها معروفة ومحسومة سابقًا.
فالتفجير إذا، مرتبط ارتباط وثيق بالانتخابات الرئاسية، ويهدف من خلاله السيسي، إحكام القبضة الأمنية أثناء تلك الانتخابات، وبالتالي لا مجال نهائيًا لدعوات المقاطعة، التي سيعتبرها الإعلام المؤيد للسلطة، أنها دعوات تدعم الإرهاب وتؤيده.
التفجير أيضًا سيعزز من استمرار العملية الأمنية التي تجريها القوات المسلحة في سيناء؛ حيث سيغني النظام وأذرعته الإعلامية على نغمة أنَّ الإرهاب قضي عليه تمامًا في سيناء، وبالتالي فشل في مواجهة الجيش هناك، فنزل للوادي لتنفيذ عمليات إرهابية.
عادة قديمة للنظام
مراقبون أكدوا أن التفجيرات التي تسبق أحداث كبرى، هي عادة قديمة للنظام المصرية، حتى من قبل ثورة يناير، حيث ثبت للجميع تورط داخلية حبيب العادلي في تفجير كنيسة القديسين بالإسكندرية قبيل ثورة يناير، واتهام الشاب الإسكندراني “سيد بلال” فيها، وقتله جراء التعذيب داخل السجن، وذلك بهدف إحكام القبضة الأمنية على البلاد قبل مظاهرات 25 يناير.
الأمر نفسه كرره نظام “عبد الفتاح السيسي أكثر من مرة”، حيث اتهمت أجهزة السيسي الأمنية بالضلوع في عمليات اغتيال وتصفية لبعض قيادات الدولة، واتهام تيارات الإسلام السياسي المعارض فيها، أو إلصاقها بجماعات العنف في سيناء.
من بين تلك الحوادث، حادث اغتيال النائب العام “هشام بركات”، حيث لاتزال الشبهات تدور حول حادثة اغتياله، وأنها كانت مدبرة من قبل السلطة للتخلص من الرجل وإغلاق ملف “مذبحتي رابعة والنهضة” اللذين أشرف النائب عليهما في حياته.
التفجير الذي وقع في مديرية أمن القاهرة، وكذلك في مديرية أمن المنصورة عام 2013، أُثير حوله الشكوك في أن الدولة هي الضالعة في تنفيذه ، بهدف إعطاء شرعية لسياسة القمع التي اتخذها السيسي، منذ طلبه تفويضًا شعبيًا لمواجهة الإرهاب المحتمل.
اضف تعليقا