مع اقتراب عقد مؤتمر قمة مجموعة العشرين، تتزايد الضغوطات الحقوقية لإقناع القادة المشاركين في المؤتمر -المقرر عقده في الرياض في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل- بمقاطعة المؤتمر أو اشتراط حضورهم مقابل تحسين أوضاع حقوق الإنسان داخل السعودية.

الشهر الجاري شهد العديد من المطالبات الحقوقية لرؤساء الدول بالتراجع عن المشاركة في القمة لتكون هذه رسالة واضحة للنظام السعودي بأن المجتمع الدولي يرفض ممارساته القمعية والوحشية محلياً ودولياً.

العديد من المنظمات الحقوقية، وعلى رأسهم منظمة القسط لحقوق الإنسان- قاموا بإرسال رسالة في 18 سبتمبر الجاري إلى رؤساء 9 دول كبرى من المقرر مشاركتهم في القمة، طالبوهم بمقاطعتها في محاولة لوضع حد لانتهاكات المملكة ضد حقوق الإنسان خاصة وأن ” سجل انتهاكات المملكة العربية السعودية ضد حقوق الإنسان قد تكثف منذ أن أصبح بن سلمان وليًا للعهد في عام 2017″، حسبما جاء في الرسالة.

كما حث الموقعون رؤساء الدول على المطالبة “بالإفراج عن معتقلي الرأي” و “إنهاء الحرب في اليمن” و “إلغاء عقوبة الإعدام”، مع سرد كافة الانتهاكات التي ترافق استمرار احتجاز النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان داخل المملكة.

الرسالة المُشار إليها كانت جاءت بعد حوالي ستة أيام من بيان رسمي أكدت فيه السلطات على عقد القمة في الفترة من 21 إلى 22 نوفمبر المقبل، برئاسة الملك سلمان، حيث قام “يحيى عسيري” وهو ضابط سابق في القوات الجوية السعودية- بصفته الرئيس الحالي لمنظمة القسط لحقوق الإنسان ويقيم حالياً في منفاه في لندن، بالاشتراك مع منظمات دولية أخرى وإرسال تلك الرسالة رداً على انتهاكات النظام السعودي المستمرة.

“يحيى عسيري” قام بقيادة هذه الحملة رغم معرفته الجيدة بالمخاطر التي ستحيط به كنتيجة لتلك التحركات ضد ولي عهد السعودية، تلك البلد التي يمكن أن يؤدي فيه أي تحد للسلطة الملكية إلى عواقب لا يحمد عقباها كتلك التي حدثت لجمال خاشقجي- الصحفي السعودي المعارض الذي قُتل داخل القنصلية السعودية في إسطنبول قبل حوالي عامين، في جريمة أدت بدورها إلى تشويه سمعة المملكة بصورة كبيرة.

لم يتضح حتى الآن موقف قادة الدول من مشاركتهم في القمة بعد المطالبات والضغوطات الحقوقية بالمقاطعة، على الرغم من تصريحات بعضهم بأنهم مستعدون للمشاركة في القمة مثل فلادمير بوتين.

من جانبها قالت “أغنيس كالامارد”، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحالات الإعدام خارج إطار القضاء والتي تحقق في “مقتل خاشقجي”، في تصريحات لوكالة أسوشيتد برس “يجب أن يكون إطلاق سراح المدافعين عن حقوق الإنسان ومعتقلي الرأي والصحفيين وغيرهم من المعتقلين شرطاً أساسياً من الرؤساء لحضور القمة”.

مع كل الضغوطات الحقوقية والانتقادات الدولية لسجل المملكة الوحشي في مجال حقوق الإنسان، يأمل محمد بن سلمان بهذه القمة أن يحسن من صورته وصورة المملكة التي شوهتها حملاته الوحشية والقمعية في الداخل والخارج، خاصة بعد أن نقله مقتل الصحفي “خاشقجي” إلى فئة الأشخاص غير المرغوب فيهم على المستوى العالمي، وهي أمنية من غير المرجح أن يكون تحقيقها سهلاً في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تشهدها البلاد بعد انخفاض أسعار النفط -مصدر الدخل الرئيسي للمملكة- كنتيجة لقلة الطلب عليه بعد تفشي وباء كورونا.

ترجمة العدسة عن صحيفة لوجورنال دوديمونش الفرنسية.. للاطلاع على المقال الأصلي اضغط هنا