أسفرت التغيرات الاستراتيجية التي طرأت على منطقة الشرق الأوسط خلال السنوات الأربع الماضية عن ظهور شراكة وثيقة بين المملكة العربية السعودية وبين جارتها الأصغر في الخليج العربي-الإمارات العربية المتحدة، والتي قام بتغذيتها العلاقة الشخصية القوية التي تجمع بين الحكام الفعليين للبلدين، ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، والشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبو ظبي، أغنى إمارة في الإمارات.

محمد بن زايد، ومحمد بن سلمان، هما من أبرز الشخصيات المسؤولة أو المسببة للصراعات الإقليمية التي يعاني منها الشرق الأوسط، ومن الجدير بالذكر، أنه على الرغم من ذلك، فإن توجهاتهما حول قضايا معينة كملف إيران وملف السلام في الشرق الأوسط تتفق بصورة كبيرة (إن لم تكن كلياً) مع توجهات البيت الأبيض.

على الرغم من ذلك، فإن تغييرات عدة قد تطرأ على هذه العلاقة، التي دخلت مرحلة اختبار الآن، بسبب التغيرات التي طرأت على خطط التعامل مع بعض القضايا، بدءً من ليبيا إلى مضيق هرمز، وحتى الآن يظل النفط خيطاً مشتركاً.

ينصب التركيز هذا الأسبوع على اليمن، حيث يحاول كلا الحليفين إعادة تشكيل الحكومة المعترف بها دوليًا لمدة أربع سنوات، وهو أمر معقد، فمنذ 2015، سيطر الحوثيون على العاصمة صنعاء، بينما حاولت الحكومة العمل من مدينة عدن الساحلية الجنوبية، إلا أنه في نهاية الأسبوع الماضي، و بدعم واضح من الإمارات، أجبر الانفصاليون في عدن، فلول الحكومة على الفرار إلى العاصمة السعودية، الرياض.

هذا تغير مفاجئ له دلالات عدة، من الناحية السياسية، لم تعد المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة يسيران على ذات النهج أو دعم الفريق ذاته.

وبالتالي، كان هناك اهتمام كبير بالزيارة التي قامت بها محمد بن زايد إلى مكة المكرمة، حيث يستضيف الملك سلمان، والد محمد بن سلمان، كبار الشخصيات الذين يزورون المدينة المقدسة في موسم الحج السنوي.

وقد تم استقبال بن زايد في المطار بحرارة عالية من قبل رئيس المراسم الملكية، ثم توجه إلى اجتماعه مع العاهل السعودي، وبعدها اجتمع محمد بن سلمان مع محمد بن زايد في اجتماع منفصل.

إن الموقف السعودي فيما يتعلق باليمن، الموقف المعلن على الأقل، هو دعوة اليمنيين للحوار؛ “لنزع فتيل الأزمة”،  وهو بصورة أو بأخرى سيتم عن طريق تشجيع الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي على التحدث مع من قاموا للتو طرد قواته من اليمن.

ومع هذا، فإن هذا الموقف لا يعني انه يجب التفاوض مع الحوثيين، فالرياض إلى جانب أبو ظبي، تنظر إلى الحوثيين باعتبارهم وكلاء لإيران في اليمن، والأكيد أن الحوثيين مدعومون من طهران.

لا يمكن تخمين الحالة التي كان عليها الشيخ محمد بن زايد أثناء اجتماعاته بالملك سلمان، إلا ان إحدى الصور التي جمعته مع بن سلمان في الصورة الافتتاحية لجريدة “آراب نيوز”- الجريدة الرسمية السعودية الناطقة باللغة الإنجليزية- تظهر بن زايد وعلى وجهه علامات جدية وهو يتحدث مع بن سلمان الذي كان ينظر إلى الأرض.

من غير الواضح في أي اجتماع من اجتماعات الزيارة تم التقاط هذه الصورة بالتحديد، إلا انها تمثل الطريقة التي يتم بها إدارة الأزمة اليمنية من قبل البلدين، فالحقيقة الواضحة أن هناك اختلافاً في التكتيكات، التي تسببت في خلق أزمة استراتيجية

ما إذا كانت هذه الصورة الأخيرة قد التقطت أمس أو أثناء اجتماع سابق ليست واضحة ، ولكنها توضح كيف يتم تدور الأزمة اليمنية. يبدو أن الحقائق الواضحة تختلف في التكتيكات ، التي خلقت الآن نكسة استراتيجية.

وعليه، فإن الرواية التي يمكن تبنيها الآن هي ان بن سلمان وبن زايد، كبلدانهم، في حالة تقارب أكثر من أي وقت مضى.

منذ صعود الملك سلمان إلى العرش السعودي في يناير/كانون الأول 2015، ومحمد بن زايد من أبرز وأشد الداعمين لمحمد بن سلمان، الذي تم تنصيبه وزيراً للدفاع ونائب لولي العهد، ثم تم ترقيته ليصبح ولي العهد الحالي، والحاكم الفعلي للبلاد.

وعلى طول الدرب، ظل بن زايد داعماً لكل قرارته أو حتى انتهاكاته، كاعتقال الأمراء ورجال الأعمال واحتجازهم في فندق ريتز كارلتون بالرياض، وكذلك اغتيال الصحفي المعارض جمال خاشقجي.

بن زايد قام أيضاً بمنح بن سلمان يختاً ثميناً بقيمة 450 مليون دولار، مقابل تنازل الأخير عن لوحة الرسام الشهير ليوناردو دافنشي “سلفاتور موندي” لمتحف اللوفر في أبو ظبي.

الجميع يصف العلاقة التي تجمع بن سلمان بابن زايد بأنها قوية جداً، تلك العلاقة التي من غير الواضح كيف ستتأثر بقرارات الإمارات الأخيرة بشأن انسحابها من اليمن، خاصة وأن بن زايد يتبنى رؤية انفصال الجنوب عن بقية اليمن، وهي الرؤية التي لا يعلم أحد الآن هل سيتبناها بن سلمان أم سيتبنى رؤى مختلفة بعد قرارات الإمارات.

 

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا