تعمل شركة التكنولوجيا الصينية هواوي على زيادة تواجدها في جميع أنحاء أفريقيا، حيث تزود البلدان بتكنولوجيا جديدة ومعدات اتصالات، بما في ذلك شبكات الجيل الرابع والخامس للهواتف المحمولة. ووفقًا لمقال نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال” في 14 أغسطس/ آب، فإن بعض هذا التوسع شمل فنيين من هواوي يساعدون الحكومات في أفريقيا على التجسس على خصومهم السياسيين.

وفي أوغندا، ذُكر أن الفنيين ساعدوا أجهزة الأمن القومي على اختراق حسابات واتسآب وسكايب لمرشح معارض، مما سمح لهم بالتحقيق في خططه للتجمعات في الشوارع والأنشطة السياسية الأخرى. وفي حالة أخرى منفصلة في زامبيا، يعتقد أن فنيي هواوي قد ساعدوا منظمي الاتصالات في البلاد على الوصول إلى الهواتف وصفحات فيسبوك للمدونين المعارضين وتحديد مواقعهم.

ونفت شركة هواوي والبلدان المشار إليها هذه المزاعم، لكن مثل هذه الأنشطة التجسسية تتناسب مع ميل الحكومات الحاكمة في أفريقيا إلى تقويض خصومها السياسيين والدور الذي تلعبه شركات الاتصالات وشركات التكنولوجيا الأخرى كميسرين للتحكم في الاتصالات ومراقبتها. 

وتتخذ الحكومة في بكين إجراءات مماثلة داخل حدودها وتتجاهل حقوق الإنسان، بما في ذلك الخصوصية، على خلاف الدول الغربية.

الخصوصية والنفوذ

ويمكن أن يكون لتوسع هواوي في أفريقيا العديد من الآثار السياسية والاقتصادية والأمنية المرتبطة بالمنافسة بين الصين والولايات المتحدة. يُظهر تقرير صحيفة “وول ستريت جورنال” النفوذ الذي يمكن أن يأتي مع التحكم في شبكات الاتصالات الوطنية، حيث يمتلك المشغلون القدرة على التحكم في أنماط المعلومات والاتصالات التي تدفق عبر البنية التحتية التي يقدمونها.

ويعد هذا التحكم أحد أسباب كون حيادية الإنترنت يبقى موضوعًا مثيرًا للجدل في الولايات المتحدة. ولهذا السبب أيضا، تحاول الحكومة الأمريكية العمل مع شركات التكنولوجيا مثل جوجل وآبل وفيسبوك لمواجهة الجماعات الإرهابية والمنظمات الإجرامية والتجسس الأجنبي. ويعد حجم هذا التعاون مثيرا للجدل بشدة في الولايات المتحدة بالنظر إلى الفصل بين القطاعين العام والخاص وقوة قوانين ولوائح الخصوصية. ويوضح رفض شركة آبل فتح قفل آيفون الخاص بأحد مطلقي النار في هجوم سان بيرناردينو بكاليفورنيا عام 2015 حدود هذا التعاون، حتى في حالات الإرهاب الداخلي.

وعلى الرغم من أن هواوي والصين لا يمثلان التهديدين الوحيدين لخصوصية البيانات، إلا أن نطاق التوسع العالمي للشركة الصينية بالإضافة إلى المخاوف الأمريكية من أن الصين ستستغل الأبواب الخلفية في تكنولوجياتها قد زاد من أهميتها في المنافسة العالمية بين الولايات المتحدة والصين. وبالنسبة لأفريقيا، فإن عمل هواوي على تأسيس البنية التجتية لشبكات الجيل الخامس المتطورة بالتعاون الوثيق مع الحكومات المحلية يمكن أن يمنح السلطات وصولا غير محدود إلى البيانات والاتصالات وغيرها من المعلومات المخزنة والمرسلة عبر هذه الشبكات. ويمكن للحكومات التي تملك وتدير هذه البنية التحتية إساءة استخدام هذا الوصول لانتهاك حقوق مواطنيها. ويمكن أن يصبح المعارضون السياسيون والشركات والمسافرون والمنظمات غير الحكومية أهدافا محتملة للتتبع والقمع.

المخاطر والضمانات

في ضوء المخاطر المحتملة، يتوجب على المنظمات والأفراد في هذه البلدان دراسة توجهات الحكومة الوطنية، وميولها السياسية، وقدراتها التكنولوجية واستعدادها لاستغلال قدرتها على الوصول إلى البيانات. ومن المرجح أن تتجاهل الحكومات التي تعاني من مستويات عالية من الفساد وضعف الضوابط والتوازنات المؤسسية المخاوف المتعلقة بالخصوصية وتستغل التكنولوجيا والشركاء في القطاع الخاص. وقد يتيح لهم ذلك القيام بعمليات تجسس ضد الشركات متعددة الجنسيات أو مضايقة المنظمات غير الحكومية التي تشير إلى انتهاكات الحكومة أو إخفاقاتها أو أوجه قصورها.

يجب أن تدرك المنظمات والأفراد أن المخاطر موجودة في كل من المجالين السيبراني والمادي. ويمكن أن يساعد استخدام خدمات الرسائل المشفرة في التخفيف من حدة هذه المخاطر، ويمكن أن توفر الاتصالات عبر الأقمار الصناعية حماية باهظة الثمن للاتصالات الحساسة حقًا. لكن ذلك كله لا يلغي الخطر تماما، لأنه إذا كان العمود الفقري للإنترنت في البلاد يعتمد بالكامل على تقنية واحدة، فإن خيارات اعتراض الاتصالات لا حصر لها. ويجب أن يتذكر المسافرون أيضًا أن عليهم السفر إلى البلدان القمعية بأقل قدر ممكن من البيانات الحساسة.