قالت صفحة “معتقلي الرأي” على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”،أمس الثلاثاء، إن السلطات السعودية اعتقلت الشيخ عمر المقبل أستاذ الشريعة بجامعة القصيم، بعد هجومه الأخير على هيئة الترفيه التي يترأسها تركي آل الشيخ، إذ كتبت الصفحة منذ قليل،” تأكد لنا خبر اعتقال الشيخ عمر المقبل، الأستاذ في كلية الشريعة بجامعة القصيم على خلفية مقطع انتشر له قبل أيام يبدي فيه رأيه بما تمارسه هيئة الترفيه، معتبرًا أن ما يجري “يسلخ المجتمع السعودي من هويته باسم الترفيه”.

 

اعتقال عمر المقبل

هاجم الداعية الشيخ عمر المقبل النشاطات التي تنفذها هيئة الترفيه في بلاده، في كلمة له منذ خمسة أيام، قائلا إنها “تؤدي إلى سلخ المجتمع عن هويته وتجلب سخط الله وسبب لعقوبته” ،كما قال “ونحن ضد سلخ المجتمع عن هويته باسم الترفيه، وضد ذبح الحياء باسم الترفيه”، حيث كان يشير بذلك إلى مشاركة فنانين ومشاهير في حفلات غنائية وراقصة في المملكة، ضمن أنشطة الهيئة.

وتابع المقبل، “نحن ضد جلب شذاذ الآفاق وفساقهم إلى بلاد الحرمين باسم الترفيه، لتتفتح أجيالنا الناشئة على تلك النماذج الساقطة التي تصدر على أنها نجوم وقدوات”، وأضاف” إن هذا تسفيه وتغريب لا ترفيه، لسنا  ضد الترفيه، بل معه في دائرته الواسعة المباحة والأ نقتحم الضيق منه”.

استشهد المقبل بالمثل الذي ضربه الله في سورة “الأعراف” بالقرية التي كانت حاضرة البحر وحرم عليهم الصيد يوم السبت، إلا أنهم تحايلوا على حرمات الله وتركوا 85% من المباح وتسلطوا على أقل من 15% الذي حرم عليهم، فكانت النتيجة العقاب السريع من الله.

 

توسع هيئة الترفيه

في مقابل ذلك، أطلقت الهيئة العامة للترفيه في السعودية، يوم 29 أغسطس الماضي، حزمة جديدة من التراخيص، التي تتسم بسهولة ووضوح الإجراءات، وذلك لإتاحة الفرصة للراغبين في بدء نشاطاتهم وممارستها، وذلك وفق تبني أفضل الممارسات التقنية، إذ أن المئات من المستثمرين والمهتمين بقطاع الترفيه وأصحاب العلاقة من الجهات الحكومية والخاصة، زاروا المعرض التعريفي الخاص بهذه المناسبة، الذي أقيم في مركز الرياض الدولي للمؤتمرات والمعارض.

في هذا السياق، قال ماجد الحكير، رئيس اللجنة الوطنية للسياحة والفعاليات والترفيه في مجلس الغرف السعودية، في مقابلة مع  قناة “العربية”، إن هذه الإجراءات تهدف إلى تشجيع وتنظيم سوق الترفيه، بعدما كان في السابق يخضع لعدة جهات حكومية والبلديات والدفاع المدني وهيئة المواصفات، اليوم باتت كلها تحت مظلة واحدة لتمكين المستثمرين في قطاع الترفيه.

تواصل الهيئة العامة للترفيه تحضيراتها النهائية لموسم الرياض الذي سينطلق في 11 أكتوبر المقبل ويستمر نحو شهرين باستقطاب الموهوبين السعوديين في مختلف المجالات وإتاحة الفرصة لهم لإبراز إمكانياتهم أمام الجمهور ويتوقع أن يستقطب نحو 20 مليون زائر للفعاليات، كما واصلت الهيئة نداءاتها لعدد من الشباب والفتيات الذين يظهرون في مقاطع إبداعية بالتواصل معها، إذ أن فعاليات موسم الرياض ستقام في 11 مكانا مختلفا في المدينة.

يذكر أن الهيئة العامة للترفيه هي هيئة سعودية أنشئت في 7 مايو 2016، وتُعنى بكل ما يتعلق بنشاط الترفيه، وكان أول رئيس لها هو أحمد بن عقيل الخطيب وأعفي من منصبه في يونيو 2018، وتولى رئاسته بعده تركي بن عبد المحسن آل الشيخ في ديسمبر الماضي، وذلك بناءًا على أوامر ملكية في السعودية، حيث شهدت فترة رئاسة آل الشيخ لهيئة الترفيه العديد من الفعاليات الترفيهية في المملكة، وإقامة حفلات غنائية للكثير من المطربين البارزين في الشرق الأوسط والذين أقاموا حفلاتهم لأول مرة في السعودية.

 

الرفض الشعبي للهيئة

في يوليو الماضي، اعترفت هيئة الترفيه لمجلس الشورى السعودي بأنها واجهت “عدم قبول اجتماعي لدورها”، إثر الفعاليات التي نفذتها ورخصت لها الهيئة بالسعودية، وفق ما قالت لجنة الثقافة والإعلام والسياحة والآثار، إذ قالت صحيفة “الرياض”اعترفت هيئة الترفيه لمجلس الشورى بأن من بين الصعوبات التي واجهتها عدم القبول الاجتماعي لدورها، ورأت لجنة الثقافة والإعلام والسياحة والآثار أن بعض الفعاليات التي قامت بها الهيئة أو رخصت لها قد تكون هي السبب في ذلك”.

وأشارت اللجنة، وفق ما نشرت الصحيفة، إلى أن هذه الفعاليات “لا تتوافق مع رسالة الهيئة المنصوص عليها”، وهي، “نفخر بهويتنا الإسلامية والعربية وموروثنا التاريخي والثقافي والحضاري”، كمل ترى اللجنة أن هذه الرسالة تنبثق مما قضى به النظام الأساسي للحكم الصادر في عام 1412 (1992)، ونص في المادة الأولى منه على أن “السعودية دولة عربية إسلامية، ذات سيادة تامة، دينها الإسلام، ودستورها كتاب الله تعالى وسنة رسوله، ولغتها هي اللغة العربية، وعاصمتها مدينة الرياض”.

 

استبعاد إمام الحرم النبوي

تسببت كثرة الانتقادات التي وجهها دعاة سعوديون وخطباء الجمعة لهيئة الترفيه المستحدثة، على خلفية عودة نشاطات الترفيه والحفلات الغنائية والموسيقية والعروض المسرحية إلى صالات المملكة عقب عقود من المنع، بتهديد من الحكومة السعودية لمنتقدي الهيئة بعقوبات رادعة، إذ ذكرت وسائل إعلام محلية، نقلًا عن وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد بالمملكة، أن “انتقاد الخطباء عبر منابر المساجد لفعاليات هيئة الترفيه أو أي جهة حكومية يعرضهم للتعهد أو الحسم أو الفصل”.

وأشارت إلى أن الوزارة حددت، في مارس من عام 2017، ثلاثة خيارات تواجه من ينتقد هيئة الترفيه؛ من خلال “أخذ تعهد على الخطيب، أو الحسم عليه، أو طي قيده”، كما نقلت صحيفة “الوطن السعودية” عن نائب وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، توفيق السديري، قوله، إن “انتقاد أي جهة حكومية من الخطباء؛ سواء كان موجهًا إلى هيئة الترفيه أو غيرها من الجهات الحكومية، فهذا أمر مرفوض ويحاسب عليه الخطيب”.

ونفذت السلطات في المملكة العقوبات التي أقرتها ضد من انتقد هيئة الترفيه، وكان أبرز من نُفذت فيه الإجراءات إمام المسجد النبوي، الشيخ حسين بن عبد العزيز آل الشيخ، الذي استبعد، في مارس 2017؛ بعد انتقاده لهيئة الترفيه عبر حسابه بموقع “تويتر” لفعاليات “كوميك كون” في جدة، التي أقيمت تحت إشراف “هيئة الترفيه”، قائلاً، “إن هيئة الترفيه تصرفت بشكل مشين، وإنه تصرف لا يقره خلق كريم ولا دين، وعلى المسؤولين أن يتقوا الله”.

وأضاف إمام المسجد النبوي، ” إن من العار أن يكون في بلاد التوحيد مثل هذه الفعاليات التي تقوم عليها هيئة رسمية، فكيف يحصل النصر ومثل هذه الفعاليات المستهجنة ديناً وخلقاً تقام؟”، وفي ذلك الحين، قال نشطاء على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” إن استبعاد آل الشيخ جاء بأمر من من محمد بن سلمان.

 

حملة ضد اعتقال العلماء السعوديين

أطلق حساب “معتقلي الرأي”  قبل بضعة أيام حملة على مواقع التواصل الاجتماعي تحت وسم “سنتان على اعتقالات سبتمبر” من أجل الضغط للإفراج عن العلماء من سجناء الرأي، إذ دعا الحساب إلى التغريد نصرة لمعتقلي الرأي، وتزامنت الحملة مع مرور عامين على انطلاق ما وصفها بأشرس حملة اعتقالات تعسفية شهدتها السعودية، وتفاعل النشطاء على منصة “تويتر” مع الحملة بالعديد من المشاركات التي تطالب بالإفراج الفوري عن المعتقلين من العلماء والمشايخ وأصحاب الرأي.

كانت سلطات الرياض قد شنت في مطلع سبتمبر 2017 حملة اعتقالات واسعة استهدفت أسماء علمية وأكاديمية بارزة مثل سلمان العودة، وناصر العمر، وعوض القرني، وعلي العمري، إضافة إلى مئات من رموز تيار الصحوة من أكاديميين واقتصاديين وكتاب وصحفيين وشعراء وروائيين ومفكرين وحقوقيين، في حين لم توضح السلطات مصيرهم أو توجه لهم تهما علنية حتى الآن، كما توالت في الأشهر الموالية اعتقالات أخرى شملت أسماء لها ثقل مثل الأكاديمي في المعهد العالي للقضاء عبد العزيز الفوزان، وإمام الحرم المكي صالح آل طالب، والشيخ سفر الحوالي، فضلا عن ناشطين وناشطات ليبراليات.

يأتي اعتقال الشيخ عمر المقبل ليؤكد نهج السعودية في سياسات الانفتاح التي يتبناها ولي العهد محمد بن سلمان في إقصاء العلماء من رواد الفكر الإصلاحي من أجل فرض نهج جديد يهدف إلى تغيير ملامح المجتمع السعودي المحافظ وقلب الهوية الإسلامية والعربية في ظل الرفض الشعبي ورغم أنف السعوديين أنفسهم.