قال الكاتب البريطاني، ديفيد هيرست، إن مضي المملكة العربية السعودية في اندفاعها نحو تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وتقديمها تنازلات عن حق اللاجئين الفلسطينيين، قد يهدد الاستقرار في المملكة الهاشمية، ويقوض دورها كراع للأماكن المقدسة في القدس.
ونقل “هيرست” تصريحات لمسؤول كبير مقرب من الديوان الملكي في عمان، صرح به لموقع ميدل إيست آي، قوله: إن “ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يتعامل مع الأردن بازدراء، وقال: “إنه يتعامل مع الأردنيين والسلطة الفلسطينية كما لو كانوا عبيدا وهو السيد، وعلينا أن نتبعه فيما يفعل، لا هو يستشيرنا، ولا هو ينصت إلينا”.
وقال “هيرست” في تقرير نشره على موقع “ميدل إيست آي” وترجمه موقع عربي 21: إن النواقيس دقت في عمان بعد تسريبات شبه رسمية تقول: إن المملكة العربية السعودية على استعداد للتنازل عن حق العودة الفلسطيني، مقابل وضع القدس تحت السياسة الدولية كجزء من صفقة سلام في الشرق الأوسط، بما يفتح المجال أمام إقامة تحالف سعودي إسرائيلي لمواجهة إيران.
وأوضح أن من شأن صفقة كهذه أن تقوض الوضع الخاص الذي يتمتع به الأردن كراع للحرم الشريف، كما هو منصوص عليه في المعاهدة التي أبرمها الأردن مع إسرائيل في عام 1994.
ويقول المسؤول الأردني: “نصف سكان الأردن هم من الفلسطينيين، وإذا ما دار حديث رسمي في الرياض حول التنازل عن حق العودة، فإن ذلك سيؤدي إلى اندلاع حالة من الاضطراب في المملكة، فهذه قضايا بالغة الحساسية بالنسبة للأردنيين من الضفة الشرقية، وبالنسبة للفلسطينيين على حد سواء”.
ويشكل الفلسطينيون في واقع الأمر خمسة وستين بالمائة من السكان في الأردن، ومعظمهم ينحدرون من الضفة الغربية المحتلة، وهؤلاء يحملون الجنسية الأردنية، ويستفيدون من الرعاية الطبية، لكنهم لا يحظون بتمثيل في البرلمان يتناسب مع عددهم، ويكاد يكون وجودهم داخل الجيش الأردني وفي أجهزة الأمن الأردنية معدوما.
وأشار المسؤول الأردني “الذي رفض الإفصاح عن اسمه” إلى أن منح هؤلاء الفلسطينيين مزيدا من الحقوق في الأردن يمكن أن يؤدي إلى رد فعل عنيف في أوساط السكان الأردنيين.
وقال إن أي صفقة لتسوية الوضع النهائي يدخل فيها اللاجئون الفلسطينيون لا بد أن تشتمل على حزمة تعويضات للأردن، تتوقع المملكة أن تستلمها كدولة.
وفيما يتعلق بالصفقة ذاتها، قال المسؤول الأردني إن ما عرض مؤخرا على محمود عباس، رئيس السلطة الفلسطينية، أسوأ بكثير مما كان معروضا عليه من قبل.
وقال المسؤول: “كل ما يشغل محمد بن سلمان هو تطبيع العلاقات السعودية مع إسرائيل، ولا شيء غير ذلك يعنيه، إنه بحاجة إلى ورقة تين تستره بينما يبدأ عملية التطبيع هذه”.
وبشكل مستقل، أكد مصدر غربي منفصل على صلة ببعض الأمراء السعوديين، أهمية إسرائيل كعامل وراء موجة الاعتقالات الأخيرة في الرياض، التي استهدفت أمراء وبعضا من كبار رجال الأعمال والشخصيات السعودية الأخرى المتنفذة.
وقال: إن عددا من الشخصيات التي ألقي القبض عليها بحجة مكافحة الفساد، وهي الآن رهن الاعتقال، كانت تقوم بدور “حراس البوابة” للتمويل السعودي المتجه إلى إسرائيل، وأعرب عن رأيه بأن محمد بن سلمان أراد الاستفراد بهذه الاتصالات، واحتكارها لنفسه، ولهذا السبب تساءل ما إذا كان أولئك الموقوفون سيقدمون لمحاكمة علنية، أم ستجرى لهم محاكمات سرية.
ونفي المصدر أن يكون ما يجري في السعودية هو حملة حقيقية ضد الفساد، وقال: “آل سعود لا يحكمون المملكة العربية السعودية، بل يملكونها، هذه هي رؤيتهم للأمور، يرون أنهم هم الذين عملوا البلد، فهم يملكونها، ولذلك لا يمكن أن يكونوا فاسدين”.
ومما يقلق الديوان الملكي في عمان ذلك الضغط الذي يمارس على الأردن للانضمام إلى الحملة المعادية لإيران، وما يمكن أن يترتب من عواقب وخيمة على ما يعتبرونه سياسات سعودية “خرقاء”.
اضف تعليقا