من هنا.. من مخيم الأمعري في الضفة الغربية، حيث تحكي الجدران، التي تحولت إلى مدينة للاجئين الفلسطينيين، قصة غريبة عن الولاءات السياسية المختلفة لأولئك الذين يعيشون هنا.

 

المخيم عبارة عن لوحة كبيرة بها صور لياسر عرفات بالكوفية الفلسطينية الشهيرة، أعلام حركته الصفراء المزينة بالبنادق، أسماء الذين ماتوا محفورة باللون الأسود.

 

لعقود من الزمان، كان مخيم الأمعري معقلًا لحركة فتح، الحزب العلماني والقومي الذي يفضل الدبلوماسية كحل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، لكن في الأيام الأخيرة، تغيرت لوحة المخيم: الأعلام الخضراء أصبحت عند المدخل، والكتابات على الجدران مزخرفة بكلمة واحدة: حماس.

 

أحد أبناء المخيم، محمد خضير، 16 سنة قال “لقد منحوا القوة للقضية الفلسطينية برمتها…نحن نعتبر حماس قائدنا الآن”.

 

على مدى 11 يوما في الشهر الماضي، بدأت إسرائيل عدواناً ضخماً على قطاع غزة بحجة استهداف حركة حماس هناك، ما تسبب في تدمير كبير بالمدينة المحاصرة ذات الكثافة السكانية العالية، وبالرغم من ذلك، واصلت حماس إطلاق أكثر من 4000 صاروخ على إسرائيل، في محاولة لصد العدوان.

 

هذا الأداء أكسب حماس شعبية كبيرة بين الفلسطينيين الذين أعجبوا جداً بموقفها، ليس فقط في غزة التي تحكمها، ولكن أيضاً في الضفة الغربية، حيث سعت إسرائيل والولايات المتحدة وحركة فتح المنافسة منذ فترة طويلة إلى منع الحركة الإسلامية من تحقيق أي انجاز هناك.

وعلى الرغم من الحظر المفروض على حماس، لوح الفلسطينيون بأعلام حماس ورددوا شعارات الحركة خلال مظاهرات في أنحاء الأراضي المحتلة الشهر الماضي – وهي مشاهد لم تُر من قبل في السنوات الأخيرة.

 

الارتفاع في شعبية حماس يقابله تراجع حاد في حظوظ السلطة الفلسطينية، التي تعرض رئيسها، محمود عباس، لانتقادات واسعة – حتى بين زملائه من أعضاء فتح – لرده الضعيف على الهجمات الإسرائيلية.

قال مسؤولون إن القتال، الذي اندلع عندما بدأت حماس في إطلاق الصواريخ على إسرائيل – كرد فعل على ما يحدث في القدس والداخل المحتل- ثم تصاعد بعد أن انتهز الجيش الإسرائيلي الفرصة لضرب مجموعة كبيرة من الأهداف في جميع أنحاء قطاع غزة، خلف ذلك 232 قتيلا فلسطينيا مدنياً، من بينهم 65 طفلا على الأقل.

 

في حواره، قال د. نادر سعيد- فقها، الممول والمدير العام لمركز أوراد “من الناحية السياسية، الخاسر الرئيسي هو السلطة الفلسطينية.. بلا شك”، مضيفاً “ربما تركزت الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة، لكن الخاسر بالفعل هو محمود عباس”.

 

هذه الديناميكية الجديدة تهدد بمزيد من التعقيد محاولات إدارة بايدن لإعادة إشراك السلطة الفلسطينية بعد أربع سنوات تم تجاهلها فيها بالكامل من قبل إدارة ترامب.

وزير الخارجية أنطوني بلينكن زار مقر السلطة الفلسطينية بالفعل في رام الله الشهر الماضي والتزم بتعزيز إدارة عباس من خلال تقديم أموال المساعدات وإعادة فتح قنصلية في القدس للتعامل مع الشؤون الفلسطينية، كما صرحت الولايات المتحدة أنها لن تتواصل مع حماس فيما يتعلق بإعادة إعمار غزة.

 

اعتُبرت زيارة بلينكين إشارة تبعث على الأمل من قبل المفاوضين الفلسطينيين المحاصرين بأن إدارة بايدن تعتزم القيام بدفعة جادة من أجل إحراز تقدم دبلوماسي في الشرق الأوسط، ومع ذلك، يأتي ذلك وسط شكوك عميقة حول ما إذا كانت السلطة الفلسطينية قادرة على تمثيل القضية الفلسطينية حقًا وما إذا كان من الممكن الاستمرار في تهميش حماس، التي تعود إلى المشهد وبقوة.

 

لطالما كان الصراع بين السلطة الفلسطينية بقيادة فتح – التي تحكم أجزاء من الضفة الغربية – وحماس عائقا أمام أي الوصول لحل للقضية الأكبر- القضية الفلسطينية.

 

على الرغم من أن إسرائيل تنفي ذلك، يقول محللون إن الحكومة اليمينية في البلاد ترحب بصعود حماس، وتدرك أن الصراع مع حماس يمكن أن يعيق محاولات السلطة الفلسطينية في التفاوض، وهذا يناسب القادة الإسرائيليين الذين طالما كانوا معاديين للجهود الدبلوماسية التي من شأنها أن تواجه بلدهم بخيارات صعبة ويمكن أن تؤدي إلى قيام دولة فلسطينية.

 

يقول عاموس يادلين، مدير معهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعتقد أنه “إذا مثلت حماس الفلسطينيين، فسيكون من الأسهل على إسرائيل أن تقول نحن لا نتعامل مع الإرهاب ” وبالتالي تقضي على أي حلول دبلوماسية.

 

 

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا