قالت صحيفة واشنطن بوست أن مسارات الديموقراطية في السودان، لا زال أمامها فرصة لتثبيت أركانها في البلاد، رغم الأحداث الدامية التي جرت مؤخراً، بأوامر المجلس العسكري الانتقالي، والذي لم يعبأ بأي قيم إنسانية أو حقوقية وقام بفتح النيران على المعتصمين في محاولة حاسمة لإدامة الاستبداد الذي سعت الاحتجاجات الجماهيرية على مدى شهور طويلة إلى القضاء عليه.

وأضافت الصحيفة أن أي مواساة لن تعوض الشعب السوداني خسائره، ولن تعبر عن حجم الجريمة التي ارتكبت في حقه، مشددة على ضرورة قيام الغرب باتخاذ خطوات جادة والوقوف بجانب المتظاهرين بالتحدث عنهم على الأقل، والسعي بكل قوة لإجبار الطغمة العسكرية على التخلي عن السلطة، وفرض العقوبات على من نفذوا المذبحة.

وبينت الصحيفة أن قوات الأمن لم تقم بالاعتداء على المعتصمين أمام مقر القيادة في الخرطوم وحسب، بل قامت أيضاً بالاعتداء على تجمعات احتجاجية أخرى خرجت في أماكن متفرقة في المدينة، كما تم استهداف المستشفيات التي استقبلت الجرحى، وبحسب اللجنة المركزية للأطباء السودانيين تم رصد مقتل حوالي 60 شخصاً بالإضافة إلى انتشال 40 جثة من النيل كانت قوات الأمن حاولت التخلص منها بإلقائها في النهر، لافتة إلى أن الاعتداءات الأمنية جاءت بعد توقف المفاوضات بين المجلس العسكري الذي تولى السلطة بعد خلع عمر البشير -والذي وصفته بالرجل القوي- في 11 أبريل/نيسان الماضي، وبين المتظاهرين الذين بدأوا موجاتهم الاحتجاجية في ديسمبر/كانون الأول 2018 نتيجة ارتفاع أسعار المواد الغذائية و الظروف المعيشية البائسة.

وأوضحت الصحيفة أنه خلال السنوات الخمس الماضية، قام الرئيس البشير بإحضار حميدتي وقواته إلى الخرطوم ومنحهم مناصب رسمية في الجهات العسكرية، ولعل خوف حميدتي من الخضوع للمساءلة القانونية بمذكرة توقيف من المحكمة الجنائية الدولية بسبب الجرائم التي ارتكبها في دارفور هو  ما زرع بداخله مخاوف من سيطرة المدنيين على الحكم في السودان وحكموها بالمسارات الديموقراطية كونه يمتلك سجلاً حافلاً بالجرائم ضد الإنسانية.

واجب دولي ضد الاستبداد

ودعت الصحيفة الحكومات المختلفة بضرورة إخبار المجلس العسكري السوداني، بصوت عال وواضح، بأنه لن يتم الاعتراف بأي قيادة استولت على السلطة بالسلاح، وتحذيره بوقف أي تمويل دولي مُقدم للسودان في حال ظل يحكمه جنرالات يتبعون نفس النهج الدموي الذي اتبعه البشير على مدار ثلاثة عقود.

وطالبت الصحيفة بفرض عقوبات على المسؤولين عن المذبحة التي شهدتها الخرطوم، بدءً من قوات الدعم السريع، وهي ميليشيات عسكرية يقودها الفريق محمد حمدان دقلو الشهير بـ (حميدتي) قائد مليشيات الجنجويد التي أرهبت منطقة دارفور، ومقاطعات الأخرى على مدار سنوات، وذلك من خلال حرق ونهب القرى.

ولفتت الصحيفة إلى أن المفاوضات حول انتقال الحكم لسلطة مدنية الآن تواجه إحباطات شديدة كون القادة العسكريين هم المسيطرون على مقاليد الأمور في السلطة، التي ساعدهم في الوصول إليها الأنظمة الاستبدادية في السعودية والإمارات ومصر، مشددة على ضرورة عدم تكرار نماذج الجنرالات الديكتاتوريين والملوك المستبدين من جديد في السودان.

وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة وبريطانيا والنرويج قاموا بإصدار بياناً مشتركاً أدانوا فيه المذبحة وحثوا على ضرورة نقل الحكم إلى سلطة مدنية، إلا أن الصحيفة استنكرت صمت الرئيس الأميركي دونالد ترامب إزاء ما يحدث في السودان.

وأضافت أن مستشار الأمن القومي جون بولتون أطلق تغريدة مفادها أن إطلاق النار غير المبرر كان أمرا “شائنا”.

من جهة أخرى الصحيفة قالت الصحيفة أن تلك الدول اكتفت فقط بالبيان المُشار إليه، ولم تتطرق إلى إمكانية فرض عقوبات ضد المجلس العسكري في حال تشبثه بالسلطة، مضيفة أنه رغم إظهار المتظاهرين قدرة على الصمود، فإنهم لن يتمكنوا من النجاح بمفردهم.

وأخيراً اختتمت الصحيفة نداءاتها للعالم بالوقوف مع الشعب السوداني مؤكدة أنه لا ينبغي أن يطفئ العالم آمال السودانيين في الديمقراطية بسبب تهاون وعدم مبالاة بعض الدول.

 للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا