زيارة خالد بن سلمان للولايات المتحدة تؤكد استمرار إدارة ترامب في نهجها مع السعودية

استمرار دعم إدارة ترامب للعائلة المالكة السعودية لم يعد له تفسير وسط تزايد انتهاكاتها الدولية

في وقت سابق من الأسبوع الجاري، عاد الأمير خالد بن سلمان- نائب وزير الدفاع السعودي والسفير السابق لدى الولايات المتحدة، وربما الأبرز، الشقيق الأصغر لولي العهد محمد بن سلمان، إلى واشنطن لإجراء محادثات رفيعة المستوى مع أعضاء إدارة ترامب، آخرها كان لقائه مع وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو الأربعاء.

الكاتب الصحفي في الواشنطن بوست جاسون ريزاين قال في مقاله أنه مر أقل من عام على حادث اغتيال الكاتب الصحفي السعودي جمال خاشقجي، بعد أن تم استدراجه من قبل أفراد في النظام السعودي للحضور إلى قنصلية بلاده في إسطنبول، وقتله بداخلها بطريقة وحشية، ثم فشلوا في إخفاء الجريمة التي أنكروا ارتكابها أمام العالم أجمع، رغم تزايد ظهور الأدلة التي تثبت تورط القيادة العليا في الجريمة.

وأضاف أنه بعد وقوع الجريمة بفترة وجيزة اضطر خالد بن سلمان إلى مغادرة واشنطن فجأة – قبل انتهاء فترة ولايته بفترة وجيزة- وسط غضب شعبي متزايد بسبب الجريمة مع تجاهل تام من الحكومة السعودية.

وعلى الرغم من أنه حتى الآن لم يتم تحقيق العدالة في قضية خاشقجي، إلا أنه يبدو أن موطئ قدم السعودية في قاعات القوة الأمريكية لا يزال أقوى من أي وقت مضى.

وأشار إلى تصريحات المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية مورجان أورجتوس حول لقاء بومبيو وخالد بن سلمان، والتي قال فيها إنهما “ناقشا مجموعة واسعة من القضايا الثنائية والإقليمية”، بما في ذلك “أنشطة النظام الإيراني المزعزعة للاستقرار في المنطقة”، كما تم مناقشة أوضاع “حقوق الإنسان”.

واستهجن الكاتب اشتمال محادثات وزير الخارجية مع بن سلمان على أوضاع حقوق الإنسان، حيث علق على ذلك ساخراً “حقوق الإنسان! هل هذه مزحة؟!”

وبيّن ريزاين أن الحدث بين بومبيو وخالد بن سلمان تطرق إلى الجهود المبذولة لإنهاء الحرب في اليمن، مشدداً على أن الصراع في اليمن مستمر بسبب الأخ الأكبر لخالد، أي ولي العهد، محمد بن سلمان، لأكثر من أربع سنوات حتى الآن، والتي أدت الغارات الجوية التي تقودها السعودية إلى مقتل عشرات الآلاف من القتلى، وإصابة البلاد بمجاعة على نطاق واسع، فضلاً عن إغلاق الموانئ اليمنية، والذي بدوره أدى إلى تفاقم الأزمة في اليمن.

وأوضح ريزاين أن التدخل العسكري السعودي في اليمن، كان مدعوماً في البداية من قبل الولايات المتحدة وحلفائها الآخرين في الخليج العربي، وعلى وجه الخصوص من قبل دولة الإمارات العربية المتحدة، إلا أن الآية انقلبت الآن، وأصبح وكلاء الإمارات والسعودية يحاربون بعضهم البعض داخل اليمن، ليتراجع الدعم عن الحرب في الأشهر الأخيرة، وعن حملة محمد بن سلمان ضد إيران كذلك.

من ناحية أخرى، بدأ عدد متزايد من الأعضاء في مجلسي الكونغرس في شن حملات معارضة لتجارة الأسلحة ومنح التراخيص للسعوديين للقيام بكل ما يريدون، مشككين في الحكمة من استمرار تلك العلاقة، ويبدو أن هذه الحملات قد ازدادت بشكل ملحوظ بعد أن أصبحت الولايات المتحدة مكتفية ذاتياً في مجال الطاقة.

وأكد الكاتب أن مقتل خاشقجي واستمرار العدوان الذي لا معنى له في اليمن، والذي تقوده السعودية، ساعد في إعادة تقييم الكونغرس لتحالف الولايات المتحدة مع السعودية.

كما ساعد تواصل إدارة أوباما مع إيران في السابق إلى ظهور فرضيات جديدة على الساحة، حيث تم تصميم الصفقة النووية الإيرانية، في جزء صغير منها، لكبح ما يفهمه الجميع على أنه النفوذ المتزايد للمملكة العربية السعودية- في دوائر السياسة الأمريكية وكذلك على أرض الواقع في الشرق الأوسط.

“الأحداث في المنطقة أجبرتنا تدريجياً على الاعتراف بأننا قد سلحنا قوة لا تشاركنا قيمنا”، هكذا رأي ريزاين تسليح السعودية، مستنكراً دعم إدارة ترامب للعائلة المالكة السعودية، والذي وصفه بالدعم الأعمى.

وأضاف “عبارات بسيطة، وقراءة انتقائية للحقائق المتاحة والولاءات التي لا يمكن الدفاع عنها تهيمن الآن على سياستنا الخارجية”، لكن الحقيقة والتي وصفها بالوحشية، هي أن المملكة العربية السعودية ليست صديقة للولايات المتحدة، كما أنها ليست حليفا موثوقا به في السعي الأمريكي للحد من النفوذ الإيراني.

وفي الوقت الذي يدافع فيه أعضاء رئيسيون في إدارة ترامب عن سياسة “الضغط الأقصى” المتبعة ضد النظام الإيراني بسبب “سلوكه الخبيث” في الشرق الأوسط، تشير جميع الدلائل إلى أنه لم يعد هناك تهديد أكبر من محمد بن سلمان لزعزعة استقرار المنطقة.

فمنذ توليه ولاية العهد، ورغم مزاعمه حول محاربة الإرهاب، اختفى المعارضون المحليون والأجانب، من الواقع الحقيقي والافتراضي، وتم قتلهم وسجنهم وإسكاتهم بالقوة، ليتفوق بذلك محمد بن سلمان بكل المقاييس على إيران فيما يتعلق بالسياسات الخبيثة.

واختتم الكاتب مقاله قائلاً إنه من المؤكد أننا يجب ألا نعفي إيران من جرائمها الكثيرة، لكن في الوقت نفسه لم يعد بإمكاننا استخدام خطاياها كذريعة لاتخاذ إجراءات عقابية ضد إيران وشعبها بينما نواصل مكافأة المملكة العربية السعودية على الرغم من انتهاكها “الوقح” لكافة القواعد والمعايير الدولية فيما يتعلق بحقوق الإنسان.

 

للاطلاع على النص من المصدر اضغط هنا