نشر الصحفي بالواشنطن بوست “جاكسون ديل” مقالة بعنوان (محمد بن سلمان هو “صدام حسين” الجديد)، تحدث فيها عن أوجه الشبه بين بن سلمان وصدام حسين، وسير بن سلمان على ذات النهج القمعي لصدام حسين بدعم من الغرب والولايات المتحدة، متسائلاً هل ستكون النهاية واحدة؟

بدأ ديل مقاله بالتحدث عن صدام حسين، واصفاً إياه بالديكتاتور الوحشي والمتهور، اعتمد على كونه رئيساً لبلد غني بالنفط، الذي يحتاجه الغرب والولايات المتحدة، والذين قدموا له كل الدعم على مدار سنوات رغم سجله الحافل بالانتهاكات ضد حقوق الإنسان وجرائمه الوحشية.

وأضاف ديل أن دعم الغرب لصدام لم يكن سببه حاجتهم للنفط فقط، بل وقوفه ضد إيران التي لطالما اعتبرها الغرب عدو تاريخي لها، ليصبح الأمر وكأنه أشبه بالصفقة، صدام حسين يمدهم بالنفط ويتصدى لإيران، في مقابل تغافلهم عن انتهاكاته، وتوفير الدعم له ضد خصومه، واستئساده ضد جيرانه.

وأشار ديل إلى غزو العراق للكويت عام 1990، والذي قال أنها كانت البداية لـ “حروب لا نهاية لها” في الشرق الأوسط، وكان سببها بشكل أو بآخر تعامل الولايات المتحدة مع سياسات صدام، والذي دفعه للقيام بذلك، حتى لو قاموا بانتقاد ذلك.

ثم انتقل ديل إلى الحاضر قائلاً “والآن وبعد مرور نحو 30 عاماً، يكرر النخبة السياسية والعسكرية في الغرب أخطائهم في التعامل مع انتهاكات مشابهة بذات الكيفية، فهم من جهة ينتقدون الجرائم الوحشية التي ارتكبها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، كاغتيال الصحفي جمال خاشقجي، واعتقال وتعذيب النساء المدافعات عن حقوق الإنسان، ودوره في حرب اليمن، والتي وُصفت بأنها أكبر كارثة إنسانية في التاريخ الحديث”.

مضيفاً أنه ورغم تلك الانتقادات والادانات الدولية لانتهاكات بن سلمان، التف قادة الدول المختلفة حول ابن سلمان واحتفوا به في قمة العشرين التي انعقدت قبل أسبوع في أوساكا في اليابان، فلم يكن الرئيس ترامب فقط هو من رحب به، بل رؤساء الوزراء ورؤساء الدول الأوروبية الكبرى الذين صافحوه بحرارة ورحبوا بتواجده، وبرروا ذلك بأن بن سلمان هو القائد المجدد، وأفضل من يقوم بالعملية الإصلاحية في المملكة، لخوضه حرباً ضد المتطرفين الدينيين، فضلاً عن كونه متحالف معنا ومع إسرائيل ضد إيران، ولا يوجد بديل أفضل منه للقيام بهذا الدور.

ورأى ديل أن الزاوية التي ينظر منها الساسة وصناع السياسة في العالم إلى بن سلمان ويبرروا دعمهم لها إزاءها، هي زاوية ضيقة للغاية، لا يمكن الاعتماد عليها، خاصة حين يتم الالتفات إلى الآراء الأخرى التي تشكك في مبرراتهم، كالمحاولة الفردية التي قامت بها المقررة الخاصة في الأمم المتحدة لقضايا القتل خارج القانون والإعدام التعسفي، أغنيس كالامار، والتي عملت على تحقيق استمر خمسة أشهر في جريمة قتل الصحفي جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول العام الماضي، والذي خلصت نتائجه في التقرير الذي نشر في 19 يونيو/جزيران الماضي إلى أن خاشقجي كان ضحية جريمة قتل متعمدة دبرتها المملكة العربية السعودية، وأن محمد بن سلمان متواطئاً في هذه الجريمة.

وقد دعا التقرير المُشار إليه إلى وقف المحاكمة السرية لـ 11 سعودياً، والذين اتهمتهم السلطات السعودية بتنفيذ جريمة القتل، وإلى فتح تحقيق مستقل من قبل الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أو مكتب التحقيقات الفيدرالي، وفرض عقوبات على محمد بن سلمان والتحفظ على ممتلكاته خارج السعودية حتى تتبين الحقيقة بالدليل القاطع الذي لا يحتمل أي شك.

وأعرب ديل عن صدمته من ردة الفعل السلبية للمجتمع الدولي بعد صدور هذا التقرير، بدءاً من أنطونيو غوتيريش الذي تجاهل مطالبات كالامار، على الرغم من تمتعه بسمعة طيبة في التعامل مع مثل هذه الأمور، إضافة إلى ما حدث في قمة العشرين، حيث التقى ترامب محمد بن سلمان لتناول الإفطار سوياً وأعلن أنه -أي بن سلمان- يقوم “بعمل رائع”، وعند سؤاله في وقت لاحق حول خاشقجي، أجاب ترامب أنه لا توجد أصابع اتهام مباشرة تشير إلى ولي العهد السعودي، متجاهلاً نتائج تقرير كالامار وتحقيقات وكالة الاستخبارات الأمريكية (CIA).

وأشار المقال إلى تصريحات أغنيس كالامار خلال زيارتها لواشنطن الأسبوع الماضي، والتي تمسكت فيها بموقفها، مضيفة خلال تواجدها في معهد بروكينجز “حاولت الكثير من الدول دفن الجريمة، ومع ذلك فإن الجريمة لن تختفي”، داعية الجميع بالمضي إلى الأمام.

وخلال حوار أجرته مع صحيفة الواشنطن بوست أكدت أنها لا زالت تثق في العدالة الأمريكية وتعتمد عليها على الرغم من موقف ترامب، مضيفة أنها تعتبر الولايات المتحدة “المكان المناسب لإجراء المساءلة السياسية”.

رغم هذا، وجد “ديل” أنه لازال هناك أمل، حيث يطالب المشرعون في مجلس النواب مدير الأمن القومي بتقديم تقرير عن المتورطين في جريمة قتل خاشقجي، ويطالبون بمنع منحهم تأشيرات زيارة إلى الولايات المتحدة، ومن المتوقع أن تنظر لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ في قرارات أخرى، لكن طالما بقي ترامب في الرئاسة فلن يواجه محمد بن سلمان عقوبات، فالقرارات الصادرة عن الكونغرس كلها تستثنيه أو تمنح ترامب سلطات للقيام بهذا الأمر.

واختتم “ديل” مقاله قائلاً، إن بن سلمان لا يختلف عن “صدام حسين” الذي سبقه بعقود، فهو يجد نفسه محصناً رغم كل ما يرتكبه من جرائم وانتهاكات. لا يزال يمضي قدماً في ارتكاب مزيد من الانتهاكات، فلازالت النساء يعذبن في السجن بأمره، ولا زالت طائراته تقصف اليمن، ومن جهة أخرى يسعى بخطوات واثقة نحو امتلاك أسلحة نووية، والحقيقة أن الحكومات الغربية لا تمنعه من ذلك الآن، إلا أنها وفي الوقت المناسب ستقوم بإيقافه، حين يقتضي الأمر ذلك، وحين يكون الثمن أغلى.

 

للاطلاع على النص الأصلي اضغط هنا