بدأت الحكومة الأفغانية وطالبان محادثات سلام تاريخية تهدف إلى إنهاء عقود من الحرب، حيث التقى الجانبان يوم السبت لإطلاق عملية من المتوقع أن تكون أكثر تعقيدًا من المفاوضات بين طالبان والولايات المتحدة نفسها، والتي امتدت لأكثر من عام.
تأتي تلك المحادثات “الأولى من نوعها” بين الجانبين بعد شهور من التأجيل الضغوط الأمريكية على كليهما، حيث إنها شرط أساسي لاتفاق السلام بين الولايات المتحدة وطالبان، والذي سيؤدي إلى الانسحاب الكامل للقوات الأمريكية.
من يشارك في المحادثات؟
يتكون الفريق الحكومي، بقيادة رئيس المخابرات السابق معصوم ستانيكزاي، من مجموعة متنوعة من الأشخاص الذين بدأوا العمل معًا مؤخرًا، منهم بعض المسؤولين الحكوميين؛ والبعض الآخر أعضاء في أحزاب سياسية وممثلين دينيين متنافسين، ومعظمهم أعضاء في المجتمع المدني، كذلك يضم الفريق أربع سيدات من بينهن فوزية كوفي التي نجت من محاولة اغتيال الشهر الماضي، ولعل هذا الاختلاف، والافتقار إلى التناغم قد يضعف موقف الحكومة الأفغانية.
أما فريق طالبان، فقد عمل معًا لأكثر من عام للتفاوض مع الولايات المتحدة، ويخضع الفريق للقيادة الجديدة لرئيس المحكمة العليا للحركة، الشيخ عبد الحكيم، من المتوقع أن تمنح هذه الوحدة النسبية والخبرة الأكبر مفاوضي طالبان ميزة.
ما هي نتائج الاجتماعات الأولية؟
وصف مسؤولون من الجانبين الاجتماعات الأولية يومي السبت والأحد بأنها كانت “ودية”، لكنهم كانوا يتناقشون حول أمور لوجستية في تلك الاجتماعات، أي لم يتم البدء في الحديث حول الأمور الجوهرية بعد، والتي هي لب اتفاق السلام من الأساس.
اتفق الجانبان على تشكيل فرق أصغر، من المتوقع أن تجتمع بشكل متكرر، كما اتفقوا على آلية التواصل فيما بينهم.
من جانبه، صرح المبعوث الأمريكي الخاص لأفغانستان، زلماي خليل زاد، للصحفيين يوم السبت “لقد سمعت أشياء إيجابية عن الاجتماع [الأول] بين الجانبين”، وأشار إلى عدد من الرغبات المشتركة لدى الجانبين بالفعل: أهمية السيادة والاستقلال والرغبة في العيش في دولة إسلامية.
من الجدير بالإشارة إليه أن الجانبين قررا عقد الاجتماعات دون حضور مسؤولين من الولايات المتحدة أو أي دولة أخرى، وهو القرار الذي أيده خليل زاد -بحسب تصريحاته- وأضاف “لكن الولايات المتحدة ستبقى مستعدة للمساعدة إذا كانت هناك حاجة للمساعدة”.
ما هي القضايا التي سيكون من الصعب حلها؟
من المتوقع أن تثير القضايا المتعلقة بحقوق المرأة والحريات المدنية والديمقراطية وتكوين قوات الأمن في البلاد الجدل بصورة كبيرة لدى جانب “طالبان”.
لدى الجانبين رؤى مختلفة بشكل كبير عن أفغانستان ما بعد الحرب، طالبان تعارض الانتخابات، وكذلك صياغة قانون أو دستور مختلف عن معتقداتهم، وفي المقابل تريد الحكومة وجماعات المجتمع المدني الحفاظ على الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات المدنية في البلاد.
قال قادة طالبان إنهم يدعمون أي مواد تتعلق بحقوق الإنسان وحقوق المرأة ما دامت لا تتعارض مع ما يؤمنون به -الإسلام-، وهو ما يجعل الأمر أكثر صعوبة كون أن تفسيرهم للإسلام مختلف عن تفسير الآخرين.
يجدر الإشارة إلى أن عبد الغني بارادار، أكبر شخصية سياسية في طالبان، أومأ برأسه عند ذكر المساواة في الحقوق خلال كلمته الافتتاحية يوم السبت، قائلاً إن الجماعة تريد أفغانستان “حيث يعيش الجميع في سلام ووئام ولا يشعر أحد بالتمييز”.
حذر كل من الرئيس الأفغاني أشرف غني ومنافسه عبد الله عبد الله، رئيس المجلس الأعلى للمصالحة الوطنية في أفغانستان، من أن الأفغان الذين يعيشون تحت سيطرة الحكومة ربما يتعين عليهم تقديم تضحيات مع تقدم محادثات السلام.
وفي حواره للواشنطن بوست، قال عبد الله: “بالنسبة لي، شخص واحد، صوت واحد – لا أسمي أي شيء بالخط الأحمر – لكن هذا أمر بالغ الأهمية. . . وتقديم تنازلات تتعلق بهذه الحقوق لن توصلنا إلى السلام “.
ما هي حالة النزاع المسلح؟
في البداية، طالب المسؤولون الأفغان بوقف إطلاق النار قبل أن يبدأوا المحادثات مع طالبان، على الرغم من أن اتفاق السلام بين الولايات المتحدة وطالبان لم يتطلب الحد من العنف، لذلك ازدادت الهجمات بشدة خلال الأشهر الأخيرة في المناطق المتنازع عليها بشدة، واستمرت حتى مع اجتماع الجانبين في الدوحة، التي كان لها دوراً كبيراً في تلك جلب الجانبين إلى طاولة المفاوضات، وكذلك في الاتفاق الذي تم بين الولايات المتحدة وطالبان في 29 فبراير/شباط الماضي.
وينص اتفاق الدوحة على رحيل القوات الأجنبية من أفغانستان في غضون 14 شهرا مقابل ضمانات أمنية من طالبان، كما يقضي بإطلاق سراح المعتقلين، في خطوة تمهيدية لمحادثات السلام التي تجري الآن في قطر بين حركة طالبان وحكومة كابل.
الخطوة التالية
من المتوقع أن تصبح المفاوضات القادمة أكثر تعقيدًا مع طرح المواضيع الأكثر أهمية، لذلك تحتاج الفرق إلى تحديد القضايا التي ستناقشها وكذلك ترتيب أهميتها.
واستنادا إلى تصريحات طالبان والحكومة بشأن تلك المفاوضات، فإن لدى الجانبين بالفعل توقعات مختلفة بشكل كبير.
أعطت الحكومة الأفغانية الأولوية لوقف إطلاق النار، لكن طالبان تقول إنها لن توافق على وقف إطلاق النار إلا بعد التوصل إلى تسوية سياسية – أي في نهاية المفاوضات. يمكن أن يكون أحد الحلول الوسط هو فترة من العنف المنخفض، كذلك يمكن أن يتم وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية للسماح بالتوصيل الآمن للسلع والخدمات الأساسية.
لا زال هناك الكثير في هذا الملف، انهارت المحادثات بين الولايات المتحدة وطالبان عدة مرات قبل أن تنجح في النهاية، وهذه المحادثات، بين “الإخوة الأعداء” الذين يحاولون الاتفاق على كيفية العيش معًا، بالطبع هي أكثر تعقيدًا.
للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا
اضف تعليقا