كشفت تحقيقات جديدة عن تعرض اثنتين من أبرز نشطاء حقوق الإنسان في البحرين والأردن للاختراق بواسطة برنامج التجسس “بيغاسوس” عدة مرات، في محاولات انتقامية بسبب نشاطهم الحقوقي والسياسي.

توصل تحقيق أجرته مجموعة حقوق الإنسان فرونت لاين ديفندرز، ومجموعة الحقوق الرقمية غير الربحية Access Now، إلى أن الهواتف المحمولة الخاصة بابتسام الصايغ، الناشطة البحرينية، وهالة عاهد ديب، الناشطة النسوية الأردنية، تم اختراقها باستخدام برنامج التجسس Pegasus التابع لشركة NSO Group الإسرائيلية.

قالت المرأتان إن نتائج التحقيقات، التي أكدها باحثون أمنيون في Citizen Lab بجامعة تورنتو، اخترقت خصوصيتهن بالكامل، وأجبرت على تغيير نمط حياتهن، إذ أن هذه الهجمات ضد النساء كانت “خطيرة بشكل خاص” بالنظر إلى كيف يمكن استخدام المعلومات الحساسة ضدهن كأسلحة.

منذ أن اكتشفوا أن هواتفهم مصابة، كان كل منهم يعيش حالة من القلق والخوف اليومي، وبحسب المجموعات التي أشرفت على التحقيق، فإن الناشطتين خائفات بشكل خاص من إمكانية فضح الناشطات الأخريات والضحايا الذين يتعاملن معهم، ويخشون أن عائلاتهم وأصدقائهم الآن في خطر.

وفقًا لتحليل Citizen Lab، تم اكتشاف أن جهاز “الصايغ” المحمول قد تعرض للاختراق ثماني مرات على الأقل بين أغسطس/آب ونوفمبر/تشرين الثاني 2019 باستخدام “بيغاسوس”، جاء ذلك في أعقاب حوادث مختلفة تعرضت فيها الصائغ، التي تعمل في منظمة السلام للديمقراطية وحقوق الإنسان، لمضايقات من قبل السلطات البحرينية، بما في ذلك استدعائها إلى مركز شرطة المحرق، والتحقيق معها، والاعتداء عليها جسديا وجنسيا، وتهديدها بالاغتصاب إذا واصلت نشاطها الحقوقي والسياسي، لكنها أكدت للمجموعات الحقوقية أنها مستمرة.

قالت الصايغ إن معرفتها بأنها تعرضت للاختراق جعلها في حالة من “الخوف والرعب اليومي”، ودمرت أي شعور بالأمان داخل منزلها، لأنها شعرت أن هاتفها “يتجسس” عليها في كل الأوقات والحالات.

في بيان لها شاركته عبر “فرونت لاين ديفيندرز”، قالت الصايغ: “المنزل كان المكان الوحيد الآمن بالنسبة لي، مكان للحرية الشخصية حيث يمكنني خلع الحجاب وممارسة حرياتي الدينية والاجتماعية بلا حدود… لقد قيد الخوف حياتي الشخصية… أشعر بالقلق والخوف باستمرار من أن أعرض الآخرين للخطر بسبب اتصالهم بي “.

أما فيما يتعلق بالناشطة الأردنية والمدافعة عن حقوق الإنسان هالة ديب، أكد الباحثون أن هاتفها المحمول أصيب بـ “بيغاسوس” في مارس/آذار 2021، وهو ما علقت عليه هالة قائلة “القرصنة جعلتني أشعر بأنني منتهكة وعارية وبلا كرامة”.

وقالت في بيان شاركته مع “فرونت لاين ديفيندرز”: “لقد قلت في كثير من الأحيان أنه ليس لدي ما أخفيه، لكنني أدركت أن الخصوصية في حد ذاتها حق يجب احترامه وصونه”.

وأضافت: “لا أتواصل مع أصدقائي وأتجنب التحدث في الهاتف بقدر ما أستطيع…. أمارس نوعًا من الرقابة الذاتية أحيانًا عندما أتساءل ما هي السلوكيات التي قد تثير أولئك الذين اخترقوا هاتفي؟ “

وبحسب الخبراء، فإن برنامج “بيغاسوس” يملك صلاحيات كبيرة في عالم التجسس، وفي حال تم تثبيته بنجاح على أي هاتف، فإنه يستطيع التجسس على أي رسائل أو صور شخصية، ويمكن أن يتتبع المواقع وتحويل الهاتف إلى جهاز استماع وتنصت عن بعد.

تعليقاً على هذه التحقيقات، قال متحدث باسم الشركة الإسرائيلية “لا يمكننا التعليق مباشرة على تقرير لم نرَه، ولا التحقيق بناءً على الأسماء الواردة في تحقيق صحفي”.

وأضاف المتحدث: “إن موقف NSO الحازم بشأن هذه القضايا هو أن استخدام الأدوات الإلكترونية من أجل مراقبة المنشقين والنشطاء والصحفيين، بغض النظر عن جنسهم، يعد إساءة استخدام شديدة لأي تقنية ويتعارض مع الاستخدام المرغوب لمثل هذه الأدوات الهامة… يجب أن يكون للمجتمع الدولي سياسة عدم التسامح مطلقا تجاه مثل هذه الأعمال، وبالتالي هناك حاجة إلى تنظيم عالمي”.

تم الكشف لأول مرة عن استخدام “بيغاسوس” من قبل الأنظمة والحكومات للتجسس على النشطاء والمعارضين في تحقيق مشترك بعنوان “مشروع بيغاسوس”، أجراه عدد كبير من المنصات الإعلامية والحقوقية الدولية، ومن بين الأسماء التي استهدفها البرنامج، الناشطة الإماراتية الراحلة آلاء الصديق، وصحفية الجزيرة غادة عويس.

 

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا