كشفت وسائل إعلام أمريكية عن وثائق سعودية أكدت تورط ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في جريمة مقتل جمال خاشقجي التي ساهمت كثيراً في تشويه سمعة وصورة المملكة وحاكمها الفعلي.
وبحسب الوثائق التي اطلعت عليها شبكة “CNN” الأمريكية، فإنها كانت تحمل عنوان “سري للغاية” وموقعة من قبل أمير سعودي قام بنقل أوامر بن سلمان للاستحواذ على شركة “الطائرات الخاصة” التي استخدمت لاحقاً في نقل فرقة اغتيال خاشقجي من وإلى إسطنبول.
الوثائق المُشار إليها، والتي تم ضمها إلى دعوى مدنية كندية في وقت سابق من هذا العام، كُتب بداخلها ” بناء على تعليمات سمو ولي العهد، فإنه يوافق على استكمال الإجراءات اللازمة لذلك بأسرع وقت”.
اشتملت الوثائق على أمر بنقل ملكية شركة الطائرات ” Sky Prime Aviation” إلى صندوق الثروة السيادي للبلاد في أواخر 2017، وهي ذاتها الطائرات التي استخدمت في نقل فرقة الاغتيال السعودية التي قتلت جمال خاشقجي وقطعت أوصاله في قنصلية بلاده في إسطنبول عام 2018.
وكما هو معلوم، فإن صندوق الثروة السيادي، المعروف باسم صندوق الاستثمارات العامة، يخضع بصورة كاملة لسيطرة ولي العهد السعودي الذي يترأسه أيضاً.
الوثائق التي تثبت الصلة بين الطائرات والأمير تم الحصول عليها بعد أن ضمتها مجموعة من الشركات المملوكة للدولة كجزء من دعوى اختلاس تم رفعها الشهر الماضي في كندا ضد مسؤول المخابرات السعودي الكبير السابق سعد الجابري.
جاءت اتهامات الاختلاس ضد الجابري بعد دعوى قضائية رفعها العام الماضي في محكمة بواشنطن العاصمة ضد محمد بن سلمان، واتهم الجابري في دعواه ولي العهد بإرسال فريق قتال لقتله في كندا بعد أيام قليلة من مقتل خاشقجي، وهي الدعوى التي تلقى محمد بن سلمان فيها استدعاء عبر واتساب، وفي ديسمبر/كانون الأول، طلب محامي الأمير من المحكمة رفض القضية.
على مدار السنوات الماضية، لم يُكشف أبداً عن أي أدلة تتحدث عن نقل ملكية أسطول “الطائرات الخاصة” إلى صندوق الاستثمارات العامة السعودي، بل لم تلفت الطائرات الانتباه قبل أن تكشف صحيفة وول ستريت جورنال نقلاً عن أشخاص مطلعين على الأمر، أن طائرات غلف ستريم التي استخدمها القتلة تنتمي إلى شركة يسيطر عليها محمد بن سلمان.
قال دان هوفمان، المدير السابق لقسم الشرق الأوسط بوكالة المخابرات المركزية، عن ولي العهد: “كان سيتتبع [الشركة] وكان على دراية بكيفية استخدامها”… “وهذا مجرد دليل محتمل أكثر على أنه كان على دراية بهذا الأمر”.
تشغل Sky Prime Aviation طائرتا شركة Gulfstream اللتان طارتا من وإلى اسطنبول مع أعضاء الفريق المكون من 15 شخصًا، وفقًا لبيانات الطيران العامة وتقرير الأمم المتحدة عن وفاة خاشقجي.
تزامن نشر هذه الوثائق مع الحديث عن قرب إصدار التقرير الاستخباراتي الأمريكي الذي يتحدث عن واقعة مقتل خاشقجي مع تحديد هوية المتورطين ودور كل منهم في الجريمة، وقد خلصت نتائجه إلى أن محمد بن سلمان -شخصياً- أمر بالقتل وأعطى موافقة مباشرة على ذلك، ومع ذلك، لم تصدر أي تصريحات رسمية عن مسؤولي المخابرات حتى الآن بشأن هذه النتائج.
من ناحية أخرى، رأى محققو الأمم المتحدة في يونيو/حزيران 2019 أنه “من غير المعقول” أن محمد بن سلمان لم يكن على علم بالعملية.
من جانبهم، لم يرد المسؤولون السعوديون في واشنطن والرياض على المعلومات الجديدة، لكن محمد بن سلمان كان قد نفى مراراً أنه أمر بقتل خاشقجي رغم إعلانه أنه يتحمل المسؤولية لأن هذه الجريمة وقعت في عهده.
وفي محاكمة “ساخرة من العدالة” كما وصفتها الأمم المتحدة، صدرت أحكام بالسجن عن ثمانية من المتهمين بقتل خاشقجي، دون الإعلان عن هويتهم.
الانتقادات الدولية ظلت تلاحق بن سلمان بعد هذه الواقعة المخزية، حتى أن إدارة البيت الأبيض الجديدة اتخذت موقفاً ضد السعودية بسبب هذه الجريمة بخلاف سلوك الإدارة السابقة التي حاولت حماية بن سلمان بشتى الطرق.
على سبيل المثال، قالت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض جين ساكي -في وقت سابق من هذا الشهر- إن الرئيس جو بايدن يعمل على “إعادة ضبط” العلاقة الأمريكية مع السعودية، ويخطط للتواصل مع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود بدلاً من نجله ولي العهد.
أما خطيبة خاشقجي التركية، فقد رفعت دعوى قضائية فيدرالية ضد محمد بن سلمان وعشرين متهمًا آخر، في حديثه للصحيفة، قال محامي “خديجة” إن ظهور أدلة على سيطرة بن سلمان على سكاي برايم للطيران كانت بمثابة “مفاجأة سارة” لموكلته، مضيفاً أن ” أي دليل يربط بشكل أساسي بين محمد بن سلمان والمتورطين في الجريمة خاصة بطريقة الخط المباشر، هو أمر مهم للغاية”.
وبحسب تقرير الأمم المتحدة، فإنه بعد مقتل خاشقجي داخل القنصلية السعودية في اسطنبول في 2 أكتوبر/تشرين الثاني 2018، هرب القتلة بسرعة وتوجهوا إلى الطائرات، إحدى الطائرات كانت تحمل رقم HZ-SK1 ، كانت قد هبطت للتو في ذلك المساء، وبعد ساعة وخمسة عشر دقيقة من هبوطها عادت للتحليق مرة أخرى وعلى متنها ستة من أعضاء الفريق السعودي، وبعد أربع ساعات ونصف، أقلعت الطائرة الثانية ، رقمها HZ-SK2 ، من مطار أتاتورك وعلى متنها سبعة رجال آخرين.
الجدير بالذكر أن شركة سكاي برايم للطيران كان يديرها سالم المزيني، صهر سعد الجبري، ووفقًا لشكوى قدمها الجبري ضد محمد بن سلمان في واشنطن العاصمة، فقد اختُطف المزيني في دبي في سبتمبر/أيلول 2017 وأُعيد قسراً إلى المملكة العربية السعودية، وقد ذكر الجبري في شكواه إن المزيني تعرض للتعذيب وسوء المعاملة على يد كبار المسؤولين السعوديين، من بينهم أحد مساعدي محمد بن سلمان المتورط في مقتل خاشقجي.
في نهاية المطاف، تم نقل المزيني إلى فندق ريتز كارلتون في الرياض، حيث احتجز محمد بن سلمان حوالي 200 من أفراد العائلة المالكة والمسؤولين ورجال الأعمال في السعودية بدعوى مكافحة الفساد.
تتضمن المستندات التي طلبت نقل Sky Prime Aviation في ديسمبر/كانون الأول 2017 ختم المملكة السعودية المطبوع عليه (نخلة مع سيفان متقاطعان) وكتب عليها عبارة “سري وعاجل للغاية، أما الوثيقة الأخرى تبين تنازل المزيني -الذي لا يعلم أحد مكانه الآن- عن أسهمه في الشركة.
وبحسب موقع الصندوق على الإنترنت، فإن خطابات طلب التحويل كانت موقعة من قبل محمد آل الشيخ، زميل مجلس إدارة الصندوق وعضو مجلس الوزراء، وقد تلقى اثنان من كبار مسؤولي الصندوق الأوراق المالية، أحدهما مكتوب بخط اليد ويتضمن تعليمات “للقيام بما هو ضروري في أسرع وقت ممكن لنقل ملكية الشركات”.
وأمر الشيخ بنقل سكاي برايم للطيران وثلاث شركات تابعة لها و 16 شركة أخرى إلى سيطرة الصندوق.
للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا
اقرأ المزيد: لاكروا: لهذه الأسباب.. سيكون المجلس العسكري كابوس لمسلمي الروهينجا
اضف تعليقا