العدسة – منذر العلي
حصل “العدسة” على وثيقة، يقر فيها “محمود الهباش” قاضي قضاة فلسطين الشرعيين ومستشار الرئيس محمود عباس للشؤون الدينية والعلاقات الإسلامية، ووزير الأوقاف السابق، بالحصول على 3 ملايين دولار دون وجه حق وتحويلها إلى دولة أوروبية.
جرائم مالية وأخلاقية
الخطاب الذي وجهه الهباش لأبو مازن بتاريخ 15 نوفمبر الجاري ويتبين منه خضوع الرجل القوي بمنظمة التحرير للتحقيق، جاء بعد أيام من تداول أنباء عن التحقيق معه بتهمة الفساد المالي والأخلاقي، وهو الأمر الذي نفته هيئة مكافحة الفساد.
وقال الهباش في خطابه: “أقر وأعترف أن المبالغ التي حولتها إلى البرتغال وهي تقريبًا 3 ملايين دولار لم يكن مصدرها حق لي..”.
وأضاف موجهًا حديثه لعباس: “قررت أن أرسل لفخامتكم قبل أن يصلكم التقرير النهائي من الأخوة في اللجنة، عسى أن أنال عطفكم الطامع فيه، طالبًا العفو والصفح من صاحب القلب الكبير..”.
ويكشف الخطاب أن لجنة التحقيق وجهت للهباش اتهامات بإقامة علاقات “ما كان يجب لها أن تكون”، لكنه أرجعها إلى “نفسه الأمارة بالسوء” معلنًا انتهاءها منذ ترك وزارة الأوقاف.
وقال: “أتوجه لفخامتكم بطلب الستر لي ولعائلتي طامعًا في صفحكم وعفوكم”، في إشارة إلى ارتباط ذلك بعلاقات محرمة.
اللافت أن الكشف عن خطاب الهباش الذي يعترف فيه بجريمته المالية والأخلاقية، يأتي بعد ساعات من بيان تضامني أصدره المجلس القضائي الشرعي بفلسطين أدان فيه ما قال إنها “هجمة ممنهجة تقودها أطراف مشبوهة ومعروفة بتساوقها مع الاحتلال باستهداف القيادة الشرعية لشعبنا الفلسطيني وعلى رأسها السيد الرئيس محمود عباس ومستشاره الأمين الدكتور محمود الهباش قاضي قضاة فلسطين”.
البيان انبرى إلى الدفاع المستميت عن الرجل الذي أثبت التهمة على نفسه بنفسه وبكامل إرداته، فقال: “إنه في الوقت الذي يدافع فيه الدكتور محمود صدقي الهباش عن بيت المقدس وعن ركيزة عظيمة من ركائز الدولة الفلسطينية فإن بعض الأصوات الناعقة من هنا وهناك تتطاير وتبث سمومها محاولةً النيل من عزيمته ورباطة جأشه”.
” محمود الهباش “
“الهباش” مثير دائم للجدل
ولطالما أثار “الهباش” الجدل بمجموعة من التصريحات والمواقف المستهجنة في الأوساط الفلسطينية والعربية والإسلامية، نظرًا للمكانة التي يفترض أن يشغلها.
ففي أغسطس الماضي، تهجم على أحد الموظفين العاملين بمطار الملكة علياء الدولي في الأردن، الأمر الذي اثار استياءً عارمًا بسبب هذا السلوك الذي يتنافى مع مكانته.
وفي أبريل الماضي، أفتى الهباش في حوار مع قناة عبرية، بعدم جواز قتل الإسرائيليين، واصفًا العمليات الفدائية بـ”الجريمة”.
وفي أكتوبر 2016، دافع الهباش عن مشاركة محمود عباس على رأس وفد موسع من السلطة، في جنازة السفاح الإسرائيلي “شمعون بيريز”، وقال إن “الرسول محمد كان سيشارك بهذه الجنازة، لو كان حيًا”.
لقاء “الهباش” الودي مع أحد المسؤولين الإسرائيليين
وفي مارس 2015، دعا القادة العرب إلى أن تمتد عملية عاصفة الحزم – التي تقودها السعودية لقتال الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن – إلى أن تشمل قطاع غزة.
وقال في إحدى خطبه برام الله: “ما جرى في غزة انقلاب وليس انقسام ويجب التعاطي معه بالحزم والحسم فلا حوار مع الانقلابيين والذين يجب أن يُضربوا بيد من حديد”.
وفي يونيو 2014، تعرض الهباش للطرد من باحات المسجد الأقصى على يد شبان مقدسيين، حيث تواجد فيها لتحري هلال شهر رمضان بمصادقة إسرائيلية.
طرد “الهباش” من المسجد الأقصى
الفساد ينخر في السلطة
ولعل الحديث عن تورط الهباش في قضايا فساد يقود إلى سلسال من القضايا التي باتت تصم السلطة الفلسطينية بجميع مؤسساتها وهيئاتها.
وقدرت دراسة مستقلة حجم الفساد في السلطة الفلسطينية بنحو 32 مليار دولار، مشيرة إلى أن الفساد المالي والإداري استشرى في دوائر ومؤسسات كل من السلطة ومنظمة التحرير، متضمنة بعض نماذج من الفساد على مختلف أنواعه وكيفية استغلال المال العام في سبيل الإثراء غير المشروع.
وبحسب مؤسسة “ترانس بيرنسي انترناشيونال” التي تقوم بتحليل مستويات الفساد حسب درجة استغلال الوظائف العامة للمنفعة الشخصية، أتت السلطة الفلسطينية في المرتبة 107 بقائمة الدول الفاسدة، وفي المرتبة الثانية عربيًا بعد العراق.
وأضاف أن السلطة التي تشكلت بعد اتفاق أوسلو 1993، سرعان ما تحولت إلى مراكز قوى تتناحر فيما بينها، وتطغى عليها المصلحة الشخصية والمنفعة الذاتية، في ظل غياب أجهزة الرقابة وتهميش القضاء، برز الفساد في مؤسسات وإدارات السلطة الفلسطينية، وبرزت المحسوبية والشللية واحتكار المؤسسات الاقتصادية.
” طارق محمود عباس ” ووالده
“وثائق بنما” التي نُشرت في أبريل 2016، كشفت تورط شخصيات فلسطينية ذات حيثية في التهرب الضريبي وتبييض الأموال، ومن بينهم: طارق عباس، نجل الرئيس الفلسطيني، ونائب رئيس الوزراء السابق المستقيل في عام 2015 ورئيس صندوق الاستثمار الفلسطيني “محمد مصطفى”.
وتزامن الكشف عن وثائق “بنما” مع نتائج استطلاع للرأي العام الفلسطيني أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية في الضفة الغربية المحتلة، جاء فيه أن نسبة الفلسطينيين الذين يعتقدون بوجود فساد في السلطة الفلسطينية تبلغ 79 %، بحسب تقارير إعلامية.
وسلط تقرير إخباري الضوء على قضايا الفساد التي تغرق سفارات وبعثات السلطة الفلسطينية في نحو 94 دولة، وأورد وقائع محددة في سفارات السلطة بكل من: ماليزيا، فنزويلا، مصر، رومانيا، وروسيا.
اضف تعليقا