العدسة _ جلال إدريس

يعشق المصريون كباقي شعوب العالم، أكلات شعبية خاصة بهم، يتمتيزون بها دون غيرهم، ويعرفون بها في تراثهم الشعبي، غير أن تلك الأكلات والوصفات باتت مهددة بالانقراض، وربما يجد الكثيرون أنفسهم محرومين منها خلال السنوات المقبلة، جراء اعتزام حكومة السيسي منع بعض الزراعات المرتبطة بها.

ووافق “برلمان السيسي”  خلال اليومين الماضيين على تعديلات  في قانون الزراعة تستهدف منع بعض الزراعات والتقليص من زراعات أخرى بهدف خفض استهلاك مياه  النيل الذي يعاني انخفاضا كبيرا في منسوبة بسبب سد النهضة الأثيوبي.

“الارز والقصب والموز والقمح والكتان والذرة ” وغيرها من الزراعات الأخرى ستعمل الحكومة على تقنين زراعتها بدءا من العام القادم، الأمر الذي يهدد تلك الماحصيل ويمنع المصريين من استهلاكها بوفرة كما كان في الماضي، خاصة أن أسعارها سترتفع بشكل جنوني حال اعتماد الحكومة على الاستيراد لتعويض فارق العجز بين المنتج والمستهلك.

وداعا ياكشري

وجبة “الكشري” الشهيرة،  هي واحدة من أكثر الوجبات شعبية في مصر، حتى وصل الأمر إلى ذكرها في كثير من الأغاني الشعبية نظرا لارتباط “الكشري” بالأكلات الشعبية المصري.

ولا يكاد يخلو حي أو حارة شعبية في مصر من مطعم أو مطعمين للكشري، الذي يقدم بأسعار متفاوته حسب طبيعة الحي أو المنطقة الذي يباع فيها الكشري.

ويحتوي الكشري على عدد من العناصر الأساسية أبرزها (الأرز والمكرونة والعدس والشعرية والبصل) ويضاف عليه إضافات هامة لتجويد مزاقه (كالدقة بالثوم والخل والليمون وصلصلة الطمام وحمص الشام).

ونظرا لأن “الأزر” هو عنصر أساسي في طبق الكشري، فإن تقليل زراعته يعني أن المصريين سيفقدون “وجبة الكشري” أو على الأقل سيحرم الكثير من أبناء الطبقة المتوسطة ومحدودة الدخل من تناولة، لكونه سيصبح طعاما للأغنياء بعد ارتفاع سعره بصورة خيالية.

ومن المتوقع أن يصل سعر طبق الكشري لأكثر من 30 حنيها للطبق الواحد، بعدما كانت أسعاره تتراوح مابين 7 و15 جنيها للطبق، وذلك نتيجة الزيادة الجنونية التي ستطرأ على أسعار الأرز، حيث من المتوقع أن يصل سعر كيلو الأرز لنحو 40 جنيها، بعد تخفيض مساحة المزروع  من مليون و750 ألف فدان سنويا في أراضي الدلتا، إلى أقل من 700 ألف فدان فقط، وهو مايعني أن محصول الأرز سيقل بنسبه تفوق الـ 60 %.

إذا فالمصريون سيودعون الكشري وهو عزيز عليهم، وربما ستصبح وجبة الكشري قاصرة على الأعياد والمناسبات فقط، تماما ككثير من الأطعمة التي بات المصريون محرومون منها بسبب الغلاء.

كله إلا المحشي

أطباق المحشي الشهيرة تعد واحدة من وجبات الطعام الأساسية في مصر، وتتنوع أشكالها وأنواعها، إلا أن جميع أنواع المحشي يعتمد على الأرز في إعداده.

“محشي الكرنب، وورق العنب، والباذنجان، والفلفل الرومي، والكوسة، وغيرهم من أنواع المحاشي يعتمدون على الأرز  في إعداده، إلا أن كافة تلك الوجبات مهددة بالانقراض، حال قررت الحكومة تقليل زراعة محصول الأرز، أو منع زراعته بشكل كامل.

ولأن “المحشي” وجبة أساسية لدى المصريين وتجتمع عليه أفراد العائلة في المناسبات، وخصوصا في موسم الشتاء، فإن  عددا من المسؤلين المصريين قد حرصوا على توجيه المواطنين بالامتناع عن “طهي المحشي”.

وحين مر “الأز” بأزمة نقص حادة عام 2016، خرج وزير التموين السابق بحكومة السيسي، اللواء أركان حرب، محمد علي مصيلحي، في مؤتمر صحفي وطالب المصريين بالاعتماد على المكرونة بدلا من الأرز، للمساهمة في حل أزمة الأرز  وفقا للرؤيته.

وحينما رد الوزير على سؤال أحد الصحفيين عن جدوى دعوته لاستبدال المكرونة بالأرز في الوجبات الأساسية بالنسبة لحلة “المحشي” (أكلة شعبية)، إذ قال الوزير: “بلاش محشي دلوقتي“، وذلك في إطار سياسة المنع التي تتبعها حكومة السيسي مع أي شي.

الأرز المعمر والصيادية

الأرز المعمر، وأرز الصيادية، والأرز بشعرية، والأرز بلبن، جميعها أكلات شعبية تعتمد على الأرز فقط في إعدادها، وهي وجبات معروفة شعبيا وشهيرة بين جميع طبقات المجتمع، إلا أن جميعها مهدد بالغياب والانقراض عن الموائد المصرية بعد اتخاذ الحكومة قرارا بتقليل مساحة زراعة الأرز.

وتنتج مصر قرابة 4.5 مليون طنا أرز سنويا، إلا أن هذه النسبة ستتراجع بشكل كبير بعد تقنين عملية زراعة الأرز، مما سيضطر الحكومة للتوسع في استيراد الأرز، وهو ما سيزيد الضغط على النقد الأجنبي حيث يبلغ سعر الطن المستورد أربعمئة دولار (قرابة سبعة آلاف جنيه)، في حين كانت الحكومة تشتري الطن المحلي من الفلاحين بثلث  هذه القيمة تقريبا.

عصير القصب

مشروب “عصير القصب” هو مشروب مصري بامتياز، ويتلذذ بشربه المصريون طوال العام إلا أن الأقبال عليه يكون أقوى وأشد في فصل الصيف، حيث تنتشر محال العصير على النواصي والميادين بمختلف المحافظات.

ونظرا لأن “قصب السكر” هو أحد الزراعات التي من المحتمل أن يطالها عملية الترشيد في الزراعة، فإن هذا المشروب المميز عند المصريين مهدد بالانقراض، أو على الأقل برفع سعره بصورة كبيرة قد لاتناسب عموم المواطنين.

ويتراوح سعر كوب عصير القصب في مصر حاليا من (2 إلى 7 ) جنيهات للكوب الواحد، إلا أن هذه الأسعار متوقع مضاعفتها حال اتخاذ الحكومة قرارت تحد من زراعته

وتنتج محافظات الصعيد في كل عام نحو 15 مليون طن من قصب السكر، غير   إلا أن هذه الكمية مهددة بالانخفاض الكبير بعد القرارت التي اتخذتها الحكومة بشأن زراعته.

وحددت الحكومة عددا من الاشتراطات لزراعة قصب السكر في منها  تحديد مدة بقاء محصول القصب فى الأرض من خلال الغرس الرئيسى بأربعة خلفات تالية للقصب على الأكثر، وتقديم دعم عينى يقرره مجلس المحاصيل السكرية للمزارعين الملتزمين بهذا القرار.

3- فى حال ترك “خلفات القصب” أكثر من المحددة  سيتم إزالتها وعلى نفقة المخالفين ويعاد زراعة القصب من جديد، ويعاقب المخالفين لتلك الاشتراطات بصرف مستلزمات الإنتاج لهم نقداً وبأسعار تكلفتها الحقيقية دون أى دعم من الدولة.