“التزموا الصمت حيال انتهاكات حقوق الإنسان إن أردتم إبرام صفقات تجارية”… هكذا هدد وزير التجارة الإماراتي الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي المملكة المتحدة في أحدث مقابلاته الصحفية.
في مقابلته مع مجلة بوليتيكو قال الزبودي إن المملكة المتحدة والدول الغربية الأخرى يجب أن “تفصل السياسة عن التجارة والاقتصاد”، محذرًا هذه الدول من الاستمرار في توجيه انتقادات للإمارات فيما يتعلق بمجال حقوق الإنسان وإلا كلفهم هذا الحرمان من صفقات تجارية واقتصادية.
يجري وزراء بريطانيون محادثات مع الإمارات والدول الخمسة الأخرى أعضاء مجلس التعاون الخليجي بشأن صفقة تجارية محتملة، حيث تبحث المملكة المتحدة عن شركاء جدد في أعقاب خروجها من الاتحاد الأوروبي.
وفي حديثه إلى صحيفة بوليتيكو في لندن، قال الزيودي إن المملكة المتحدة يجب أن “تخفف” من حدة خطابها الناقد لأوضاع حقوق الإنسان والعمال “إذا كانوا يريدون التواجد في السوق الخليجية ويسعون وراء مزيد من الفرص التجارية”.
وتابع: “في اللحظة التي نُقحم فيها السياسة إلى المفاوضات، فإننا ننحرف عن الهدف الرئيسي للاتفاقيات”.
تسلط كلماته الضوء على التوترات التي يعاني منها الوزراء البريطانيون عند التعاون مع دول تُنتهك فيها حقوق الإنسان بصورة واضحة، كما أنها تأتي في وقت حساس بالنسبة للحكومة البريطانية بعد أن واجه مشروع القانون الذي قدمته لمنع وصول المهاجرين على متن قوارب صغيرة رد فعل عنيف دوليًا، إذ قالت مفوضة الشؤون الداخلية الأوروبية إيلفا جوهانسون الأسبوع الماضي إنها أبلغت المملكة المتحدة بأنها ترى أن مشروع القانون “ينتهك القانون الدولي”.
الجدير بالذكر أن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، أبرز الدول في مجلس التعاون الخليجي، تتعرضان لإدانة شديدة من قبل المنظمات الإنسانية والحقوقية بسبب استغلال العمال والتمييز ضد المرأة وقمع المعارضة السياسية.
علاقات جديدة بعد البريكست
على مدار السنوات الأخيرة، رأت الحكومات البريطانية المتعاقبة أن عليها أن توسع شراكتها الاقتصادية مع دول الشرق الأوسط الغنية بالنفط لتحقيق أقصى استفادة ممكنة خاصة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
قال أحد الوزراء: “من المهم جدًا بالنسبة لنا أن يكون لدينا حلفاء في الشرق الأوسط لما لهذا التعاون من مميزات عديدة… الطريقة الوحيدة التي يمكننا بها محاولة التأثير على دول مثل السعودية في عدد من المجالات هي من خلال تعاون اقتصادي أوثق “.
مع حرص حكومة المملكة المتحدة على إظهار فوائد مغادرة الاتحاد الأوروبي، حددت وزارة الأعمال والتجارة دول الخليج كأسواق نمو محتملة لقطاعات الخدمات المالية والمهنية ذات الوزن الثقيل في بريطانيا.
يتعرض رئيس الوزراء ريشي سوناك لضغوط، لا تختلف عن تلك التي تعرض لها سلفه بوريس جونسون، لتنحية المخاوف بشأن حقوق الإنسان من أجل تطوير علاقات تجارية جديدة.
من جانبه قال جونسون الأسبوع الماضي في مؤتمر عقد في لندن إن الإمارات “بلد مذهل للغاية”، مضيفًا: “توجد فرصة هائلة للتعاون يجب استغلالها”.
يُذكر أن بريطانيا أبرمت اتفاقات مع الإمارات تعهدت فيها الدولة الخليجية بإنفاق مليارات الجنيهات الاسترلينية على مشاريع بريطانية في قطاعات مثل الأدوية والتكنولوجيا الخضراء كجزء من الصفقات التي توسطت فيها الحكومة البريطانية.
من ناحية أخرى، رأت النقابات العمالية والمنظمات غير الحكومية في المملكة المتحدة أن بدء محادثات حول التجارة والاستثمار مع دول مجلس التعاون الخليجي المتهمة بانتهاك حقوق الإنسان ما كان لها أن تبدأ من الأساس.
روزا كروفورد، مسؤولة السياسة في مؤتمر النقابات العمالية قالت حول هذا الموضوع: “لا ينبغي للحكومة البريطانية أن تمنح الشرعية لتلك البلدان من خلال بدء المحادثات التجارية … بهذه الطريقة تلمع صورتها وتمنحها غطاء من الاحترام”.
يُذكر أن النقابات العمالية المستقلة محظورة في الإمارات العربية المتحدة، التي تستخدم نظام الكفالة للمراقبة الاستغلالية للعمال المهاجرين، مما يجعل هذه الدولة مكانًا للعبودية الحديثة والاتجار بالبشر.
أما النظام السعودي التي خلصت النتائج والتحقيقات الرسمية الدولية بأنه متورط في اغتيال جمال خاشقجي عام 2018، فإنه يكافح من أجل تلميع صورته بعد هذه الفضيحة، لكن على الرغم من التحسينات المزعومة، لا تزال انتهاكات حقوق الإنسان والقمع يتصدران المشهد في المملكة.
للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا
اضف تعليقا