“كان ذهني قد صفا حينئذ، وتحددت علاقتي بالنهر، إنني طاف فوق الماء ولكنني لست جزءا منه، فكرت أنني إذا مت في تلك اللحظة فإنني أكون قد مت كما ولدت، دون إرادتي. طول حياتي لم أختر ولم أقرر. إنني أقرر الآن أنني أختار الحياة. سأحيا لأن ثمة أناس قليلون أحب أن أبقى معهم أطول وقت ممكن، ولأن علي واجبات يجب أن أؤديها،لا يهمني إن كان للحياة معنا أو لم يكن لها معنى. وإذا كنت لا أستطيع أن أغفر فسأحاول أن أنسى.” الطيب صالح

أظنُ اليأسَ شعورٌ زائف بانسداد الأفق، فاليائس يعتقدُ –واهماً- أن لا الأمل تماماً، لأنه يمارسُ اختزالاً جهولاً لأمانيه،فيختصرها في ذاك الذي فُقدَ، فإذا ذهبَ وغابَ ذهبت كلُ الدنيا في إثرِهِ، لكأن الدنيا عذراءً تردت وهوت من شواهق الأمنيات الجموحة، وهذا ما لا يصحُ أبداً، فأبواب الفرج لا يحيطُ بها أحدٌ سوى الله، ومن عجيب الأمر أن المستحسر القانط ربما أظلمت في عينيه الدنيا، ثم يأتيه من فرجِ الله ما لم يكن له في الحسبان، فعلينا أن نستحضر دائماً فكرة “أن يأتيك الفرج من غير أن تحتسب أو تتوقع”.. فهي فكرة مفتوحة ومطلقة بلا حد، ولهذا فهي مفعمة بالأمل والاستبشار، لأن اليأس ولجَ نفوسنا من تلك الأبواب التي كنا نظنُّ أن لا منافذ للخير والبهجة -التي كنا نتوقعها- سواها. أما الفرج فهو الأيمان العميق بوجود أبوابٍ أخرى ستُفتح يوماً ما، لا نتوقع من أين ستظهر، وكيف تُفتح. وسيدلفُ علينا منها ما لا يخطر على البال،”حتى إذا استيئسَ الرسلُ وظنّوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا”.

ثم ألم يأتي ذلك الحينُ الذي نتوقف فيه عن التكفير المتواصل والعبثي فيما فقدناه ؟!..
ألا يوجد موضوعات أخرى تستحقُ منا أن نفكر فيها بشكل جيد ؟!..
أظن أن ابتكار موضوعات للتفكير والتأمل والبحث، ثم الاستغراق في ذلك أجدى علينا من رثاء بعض المفقودات، فكلُ الناس فقدوا عزيزاً أو حبيباً أوشيئاً غالٍ عليهم، لكنهم لم يتصنمّوا جميعاً على الأطلال، ليمارسوا وثنيةَ لعن الزمان، في طقوسية مرذولة وطاردة لكل بهجة منتظرة

 

الآراء الواردة في التدوينة تعبر فقط عن رأي صاحبها، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر “العدسة“.