فضحت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية كذب وادعاءات ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان برغبته في القضاء على الفساد بالمملكة.

 

وأوضحت الصحيفة الأمريكية أنَّ ولي العهد السعودي وأفراد عائلته استغلوا الشركات ذات الصلة بالحكومة في تكوين ثروات طائلة، بما في ذلك صفقة ذات علاقة بشركة “إيرباص”.

وتابعت “بحسب سجلات شركات، فإنّ الأمير محمد هو المدير الإداري، والمالك لحصة قدرها  20٪ من شركة كيماويات تزود الشركات الكبرى التي تسيطر عليها الدولة”.

 

وأضافت “أظهرت سجلات الشركات السعودية أنّ الشركة التي يملك أغلبيتها اثنان من أخوة ولي العهد الأصغر سنًا، حصلت على ترخيص واسع النطاق من الحكومة”.
وأردفت “إضافة إلى ذلك، في عام 2015 ساعد الأمير محمد في هندسة صفقة بمليارات الدولارات بين شركة (إيرباص) العملاقة الأوروبية للطيران وشركة الخطوط الجوية السعودية المملوكة للدولة، وفقًا لوثائق اطلعت عليها الصحيفة ومقابلات مع أكثر من 12 شخصًا متورطًا في الصفقة”، موضحة أن قيمة الصفقة تحقق عشرات الملايين من الدولارات لعائلته”.

ونوهت الصحيفة بأنّ المتحدثة باسم السفارة السعودية في واشنطن امتنعت عن التعليق على التعاملات التجارية للأمير محمد.

ومضت الصحيفة تقول “تشير قصة صفقة إيرباص إلى أنَّ هذا الاختلاط بين الأعمال والحكومة لا يزال يشكل عنصرًا أساسيًا في الاقتصاد السعودي، على الرغم من حملة القمع التي أعلن عنها ولي العهد على العديد من أفراد العائلة المالكة، الذين قال الأمير إنّهم استغلوا سلطتهم في الثراء”.

 

ومضت الصحيفة تقول “لم يركز الملك سلمان، عندما كان أميرًا ، كثيرا على جمع الثروة بحسب أشخاص مقربين من العائلة، بينما كوّن أشقاؤه ثروات، ركز هو على حشد السلطة والنفوذ”.

 

ولفتت إلى أنّ الأمير كان في سنّ المراهقة عندما أدرك أن والده ليس غنيًا، موضحة أنه وفر بصعوبة 100 ألف دولار للاستثمار في سوق الأسهم السعودية.

ومضت الصحيفة تقول “في عام 2010، عندما انتقل والده إلى الصف الملكي، تَمّ تعيينه في سلسلة من المناصب الحكومية، وخلال ذلك الوقت، حقق الأمير محمد مليارات الريالات السعودية- مئات الملايين من الدولارات- في سوق الأسهم السعودية، كما أخبر العديد من الأشخاص الذين أجرت الصحيفة مقابلات معهم”.

وأضافت “تظهر سجلات الشركات السعودية اعتبارًا من 2017، أنه يمتلك حصصًا في 5 شركات تطوير عقاري على الأقل، فضلًا عن شركة إعادة تدوير، كما أنه يمتلك 20٪ من شركة وطن للاستثمارات الصناعية المحدودة، وهي شركة منتجة للمواد الكيميائية التي تزوّد الشركات التي تسيطر عليها الدولة بما في ذلك أرامكو، شركة النفط الحكومية، حسبما تظهر الوثائق”.

وأردفت “لقد برزت شركة تدعى (ثروات) كشركة رئيسية في الأنشطة التجارية لعائلة الأمير محمد. ووفقًا لسجلات الشركات السعودية، فإنّ أحد إخوته الأصغر، تركي بن ​​سلمان، يمتلك 99٪ من الشركة الاستثمارية اعتبارًا من مايو 2017، في حين يمتلك شقيق آخر، وهو نايف، النسبة المتبقية 1٪.  ومنذ ذلك الحين اشترى الأمير تركي حصة أخيه، حسب عامر السلهام، الرئيس التنفيذي لثروات”.

وتابعت “من الناحية العملية، يسيطر الأمير محمد على أعمال ثروات، ويستفيد منها، بحسب قول العديد من الأشخاص على دراية بمعاملاتهم، رغم معارضة سلهام ذلك قائلاً: “لم يكن صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان في أي وقت أحد المساهمين أو المستفيدين من الشركة”.

وتمتلك شركة “ثروات” وفرعها أغلبية شركة تقنية تدعى (جوراء) والتي حصلت على ترخيص واسع النطاق من الحكومة السعودية في عام 2014، وفقًا لِمَا أظهرته السجلات السعودية ،

ونوّهت بأنّ هذا الترخيص سمح لها بأن تصبح واحدة من 3 شركات تشغل شبكات الهاتف المحمول الجديدة في البلاد.

وكانت “ثروات” مهتمة بمزارع الأسماك والعقارات والخدمات التقنية وتجارة السلع الزراعية والمطاعم. وتقول على موقعها على الإنترنت إنها تستثمر في التشييد للاستفادة من خطة التنمية العاشرة للحكومة بما في ذلك استثمارات بقيمة 358.2 مليار دولار في العقارات.

وتدل ملفات الشركات السعودية على أن ثروات تملك شركة تشترك في مع “Ochsner Health System”   في نيو أورليانز لجلب السعوديين إلى الولايات المتحدة لزراعة الأعضاء.

كما زودت الخطوط الجوية السعودية، الشركة السعودية الرائدة في الطيران، ثروات بفرصة مربحة أخرى.

وفي عام 2014، بناء على نصيحة خبراء “التحول” الغربيين، توصلت شركة الطيران الخاسرة إلى اتفاق مبدئي مع شركة “إيرباص” لتنشيط أسطولها القديم. وكان من شأن هذا الترتيب أن يزود “السعودية” بعشرات من الطائرات الممولة من صندوق الاستثمارات العامة المملوك للحكومة السعودية كما يقول أحد المشاركين في المحادثات، ومن خلال الموافقة المسبقة لأخذ 50 طائرة، ستحصل السعودية على خصم كبير.
وكما اتضح، كانت عائلة الأمير محمد في تلك اللحظة تتطلع لاستثمارها الخاص في الطائرات. كان المستثمرون في الشرق الأوسط يبحثون عن بدائل لسوق العقارات المشبعة، وكانت شركات الطيران تتطلع إلى التخفيف من ميزانياتها عن طريق تأجير الطائرات بدلًا من شرائها بالكامل.

واكتسبت “ثروات” في عام 2014 حصة بنسبة 54٪ في بنك “كوانتوم” للاستثمار، وهي شركة مقرها دبي ولديها تاريخ ضئيل من عقد الصفقات، بحسب ما تظهر وثائق الشركات، وأصبح الأمير تركي، شقيق محمد الأصغر، رئيسًا لكوانتوم.

وشكل المسؤولون التنفيذيون من” كوانتوم” وبنك صغير آخر شركة تدعى إنترناشيونال إيرفيننانس كورب IAFC للدخول في أعمال تأجير الطائرات.
وأصبحت IAFC مديرًا لصندوق يسمى ALIF. ووافقت إيرباص على استثمار 100 مليون دولار في شركة ALIF إذا اشترى الصندوق طائرات إيرباص فقط.

وفي 23 يونيو 2014، أقامت “إيرباص” و IAFC “” حفل توقيع في لندن للإعلان عن الصندوق الجديد، الذي استضافه الأمير تركي بن ​​سلمان، حسب ما أعلنت   IAFC  في بيان صحفي.

وكان الصندوق يهدف إلى جمع 5 مليارات دولار في الأسهم والديون، بحسب ما تظهر وثائق الصفقة.
ثم في يناير من عام 2015، توفي الملك عبد الله وتعثّرت صفقة طائرات إيرباص السعودية.
وبعد فترة وجيزة من تسلّم سلمان العرش، أخبر المسؤولون السعوديون شركة إيرباص بأنّ لديهم خطة جديدة، يقول أشخاص مطلعون على الصفقة: بدلًا من بيع الطائرات إلى الحكومة السعودية، ستبيعها إيرباص إلى ALIF  – الصندوق المتصل بعائلة بن سلمان – التي بدورها ستقوم بتأجير الطائرات إلى السعودية.
يقول الأشخاص الذين شاركوا في العملية أنّ السعودية لم تطلب عروضًا تنافسية من شركات التأجير، ورفضت تقدم الشركات التي تسعى إلى تقديم أسعار تنافسية قبل اختيار شركة ALIF  للقيام بهذه الصفقة.
وتمكن صندوق ALIF من ترتيب التمويل حيث جمع 4 مليارات دولار  واستخدمت شركة ALIF  الأموال لشراء طائرات إيرباص بخصم كبير – أكثر من 60٪ من سعر القائمة، حسب قول أشخاص مطلعين على الصفقة.

من خلال تأجير الطائرات إلى السعودية بسعر السوق، بدلًا من تمرير الخصم، استهدفت شركة ALIF عائدًا بنسبة 15٪.  وهذا أعلى من العائد المعتاد من 7٪ إلى 9٪ بالنسبة للصندوق الذي يتعامل مع عقود الإيجار طويلة الأجل لشركات الطيران مثل السعودية.

وتحصل IAFC، التي تدير ALIF، على جزء كبير من أرباح الصفقة، على الرغم من أنها لا تملك أي أسهم في الصندوق، وتظهر مستندات الصفقة أن شركة IAFC تحصل على 35٪ من الأرباح فوق عائد الاستثمار بنسبة 7٪، و 50٪ من الأرباح فوق 10٪.

وقال السيد سلهام، الرئيس التنفيذي لثروات، إنّ “كوانتوم” و “تركي بن ​​سلمان” ليسا من المساهمين في IAFC المسجلة في جزر كايمان ولا تفصح عن ملكيتها.

وقالت الصحيفة الأمريكية، إن الأمير محمد وضع اللمسات الأخيرة على الصفقة خلال زيارة إلى فرنسا عام 2015، بحسب قول مسؤول سعودي على علم بالصفقة.

وأضافت “بحسب شخص كان حاضرًا لتجمع في القصر السعودي، قال ولي العهد إنّ الفضل في هذه الصفقة يعود إليه، وقال: أنا العقل المدبِّر وراء هذه الصفقة”، في محاولة لإظهار نجاحه في موازنة المصالح المالية للدولة مع عائلته.