كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية في تقرير لها بتاريخ 08 نوفمبر/تشرين الثاني عن الثروة الهائلة التي يمتلكها أمير الحرب الليبي الجنرال خليفة حفتر في الولايات المتحدة، والتي جمعها -بحسب التقرير- على مدار عقدين من الزمان أثناء تواجده في المنفى هرباً من نظام القذافي.
وأوضح التقرير أن حفتر خلال العقدين اللذين أمضاهما في الولايات المتحدة بعد أن قاد حملة مدعومة من وكالة المخابرات المركزية ضد نظام الزعيم الليبي معمر القذافي في الثمانينيات، جمع ملايين الدولارات من الممتلكات والأصول الأخرى، بما في ذلك منزل فاخر في ولاية فرجينيا.
وأشار التقرير إلى أن هذه الأصول والممتلكات أصبحت الآن هدفاً للضحايا الذين تعرضوا للتعذيب على أيدي قواته وميليشياته، إذ قام هؤلاء برفع دعاوى قضائية ضد حفتر في الولايات المتحدة تتهمه بارتكاب جرائم حرب لدوره في الحرب الأهلية الدموية التي يقودها، وتستهدف تلك الدعاوى أصوله وممتلكاته كتعويض للضحايا.
وكان حفتر، حليف القذافي السابق، قد انشق عنه في الثمانينيات ثم قاد عملية مدعومة من وكالة المخابرات المركزية ضد النظام، اضطر بعدها إلى مغادرة البلاد وانتقل إلى فرجينيا في عام 1991، ليقود الجيش الوطني الليبي من هناك، وفقًا لتقرير صدر عام 1996 عن خدمة أبحاث الكونغرس الأمريكي حول المساعدة الأمريكية للمعارضة الليبية.
ووفقاً لسجلات الممتلكات العامة ووثائق المحكمة ووثيقة تتبع الأصول التي جمعها مستشارون خاصون التي فحصتها وول ستريت جورنال، فإن حفتر وعائلته استطاعوا خلال فترة إقامته في الولايات المتحدة ومنذ عودته إلى ليبيا في عام 2011، جمع وامتلاك 17 عقارًا مختلفًا تبلغ قيمتها حوالي 8 ملايين دولار في ولاية فرجينيا وحدها.
وبحسب الوثائق، فإن عملية حيازة الممتلكات تتم في الغالب من خلال سلسلة من الشركات ذات المسؤولية المحدودة التي يسيطر عليها ابنه عقبة حفتر، وقد تم تسجيل إحدى تلك الشركات في منزل مساحته 5600 قدم مربع في جريت فولز بولاية فيرجينيا، وتقدر قيمته بنحو 2.5 مليون دولار، وفقًا لتراخيص الأعمال وسجلات الملكية في فرجينيا. كما تظهر سجلات الملكية المُشار إليها أن السيد حفتر يمتلك شخصياً شقة في ضاحية فولز تشيرش بولاية فيرجينيا ومزرعة من ثلاث غرف نوم في ريف فيرجينيا.
كما اشترى نجل حفتر مزرعة خيول مقابل 700 ألف دولار في بويس بولاية فرجينيا، وفقاً لإخطار الشراء المنشور في صحيفة وينشستر ستار المحلية في يوليو/تموز.
بالإضافة إلى ذلك، يمتلك حفتر واثنان من أبنائه حصانًا عربيًا أصيلًا شارك في المسابقات الدولية في فرنسا والإمارات العربية المتحدة في 2018 و2019، وفقًا لقاعدة بيانات عامة لملكية الخيول، وقد تم تسجيل الحصان تحت اسم “صدام خ. بلقاسم عمر”، في إشارة لأسماء نجلي السيد حفتر صدام وبلقاسم، ومن الجدير بالذكر أن الحصان هو أحد الأصول التي يستهدفها محامو المدعين كتعويض عن خسائرهم.
وفي محاولة من أبناء حفتر لإخفاء أصولهم وممتلكاتهم، غيّر كلا الابنين اسم عائلتهما بشكل قانوني إلى “عمر” في سجل الحكومة الليبية، وفقًا لمحمد علي عبد الله، كبير مستشاري الشؤون الأمريكية للحكومة الليبية المعترف بها وبيانات وزارة الداخلية الليبية.
يواجه حفتر حالياً أكثر من دعوى قضائية حول مزاعم تعذيب تورط فيها هو وميليشياته، حيث تم رفع قضيتان قضائيتان في وقت سابق من هذا العام في محكمة مقاطعة فيدرالية في فرجينيا وواشنطن العاصمة، تتهمان السيد حفتر بارتكاب جرائم حرب، بما في ذلك قصف منازل المدنيين وضرب وإعدام السجناء، وقد رُفعت تلك الدعاوى القضائية من قبل ثلاث مجموعات من المواطنين الليبيين الذين يسعون للحصول على حقوقهم التي تم إهدارها من قبل مسؤولين ليبيين.
الدعاوى تستند على حقيقة أن السيد حفتر مواطن أمريكي ومقيم سابق في ولاية فرجينيا لفترة طويلة ويمتلك أيضًا ممتلكات في الولاية، كرد على الحجة القائلة بأن المحاكم الأمريكية يجب أن يكون لها اختصاص على جرائم الحرب المزعومة في ليبيا.
تتهم إحدى الدعوى المرفوعة في محكمة المنطقة الشرقية في فيرجينيا القائد برفض السماح للمدنيين بإخلاء منطقة في بنغازي أثناء حصار في 2016-2017، ومتهم أيضاً بقصف مناطق سكنية، مما أسفر عن مقتل مدنيين بينهم أطفال صغار.
وفي دعوى قضائية أخرى، اتهمت سيدة ليبية تدعى منى السيد قوات حفتر، الجيش الوطني الليبي، بقصف منزل عائلتها في بنغازي خلال الأيام الأولى لهجوم القائد على الإسلاميين في المدينة عام 2014.
وزعمت الشكوى أن والدها عبد السلام وشقيقها إبراهيم اختطفوا خلال المعركة على يد قوات حفتر بينما كانا في طريقهما إلى المنزل.
وأضافت دعوى السيدة منى أن والدها وشقيقها نُقلا إلى مدرسة قريبة حيث تعرضا للضرب، ثم تم العثور على جثثهم، التي كانت تحمل علامات التعذيب، وهو ما اعتبرته الدعوى القضائية جريمة ” قتل خارج نطاق القضاء أثناء الاحتجاز لدى الجيش الوطني الليبي”.
يُذكر أن محامي السيد حفتر وأبنائه في الولايات المتحدة رفضوا التعليق على الدعاوى القضائية أو أصول القائد.
وأشارت وول ستريت جورنال أن مصادر تمويل خليفة حفتر كانت دائماً موضع شك وتساؤل، إذ لم تكن واضحة أو معلومة أبداً، مضيفة أن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة قامتا بتمويل حملات حفتر العسكرية، كما تبرعت موسكو بأطنان من المعدات العسكرية والطيارات، وفقًا لتقارير الأمم المتحدة.
على مر السنين، تلقى حفتر تمويلًا من ممولين ليبيين مختلفين وحتى من نظام القذافي، وفقًا لشركائه السابقين، بينهم علي أبو ذقوق، النائب الليبي الحالي الذي كان صديقًا مقربًا للسيد حفتر في فرجينيا، وقد أكد هذه التصريحات أعضاء سابقون آخرون في جماعة معارضة حفتر كانوا معه في تشاد ثم تم إجلاؤهم إلى الولايات المتحدة.
على الصعيد الداخلي، أفادت وول ستريت جورنال أن حفتر حاول بيع النفط الليبي بطريقة غير مشروعة، لكن لا يمكن تحديد ما إذا كانت أي من هذه المبيعات ناجحة، المؤكد أن نجله صدام عين لواءات لسرقة فرعًا للبنك المركزي الليبي، واستولى على ما يعادل 481 مليون دولار في عام 2017، وفقًا للجنة مراقبة العقوبات التابعة للأمم المتحدة.
للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا
اضف تعليقا