العدسة – معتز أشرف:
بوصول الأكاديمي الصهيوني المتطرف “يوفال شاني”إلى أحد أهم المواقع تحت رئاسة المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة بدعم عربي من مصر وتونس وموريتانيا، قامت قيامة مجلس حقوق الإنسان ودقت نواقيس الخطر وفق مراقبين وحقوقيين.
“العدسة” يرصد السيناريوهات المتوقعة مع وصول “شاني” إلى قلب مصنع المعركة الحقوقية الدولية المتصاعدة ضد الكيان الصهيوني وجرائمه ضد قطاع غزة والأراضي المحتلة خاصة القدس الشريف.
القصة كاملة
بحسب تقارير إعلامية عربية وعبرية ، جرى للمرة الأولى ، انتخاب الأكاديمي الصهيوني “يوفال شاني” الذي يعمل بكلية الحقوق في الجامعة العبرية بالقدس المحتلة ونائبا لرئيس معهد أبحاث الديمقراطية الصهيوني المشبوه، لرئاسة لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة في جنيف، بتصويت دولي وعربي من بينهم تونس ومصر وموريتانيا، بعد أن كان عضوا باللجنة في عام 2013.
الحقوقي البارز أحمد مفرح المدير التنفيذي لمنظمة “كوميتي فور جستس ” بجينف ، كشف في سلسلة تغريدات على حسابه الرسمي كواليس ما جرى ، حيث أوضح أن لجنة حقوق الإنسان بداخل مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة اختارت بالإجماع بتاريخ ٣ يوليو ٢٠١٨ الماضي مندوب إسرائيل المحامي يوفال شالي كرئيس للجنة حقوق الإنسان في حين تم اختبار مندوب مصر أحمد أمين فتح الله نائبا له بجانب إيفانا جيلك مندوبة مونتينيجرو.
وكشف عن أن اللجنة بها ثلاثة أعضاء عرب وهم مندوب مصر ومندوب تونس عياض بن عاشور ومندوب موريتانيا بومريم كويتا وهؤلاء الثلاثة كلهم مسؤولون عن ترشيح المندوب الإسرائيلي حيث تم الإعلان عن انتخابه في الثالث من يوليو الماضي بالإجماع!! الأمر الذي يعني أن هناك موافقة مسبقة.
ورجح مفرح وجود تواطؤ لتمرير الاختيار ، قائلا:” هل تمت تلك الموافقة كما فعلت من قبل المجموعة العربية والإسلامية حيث ظهر أنها لم تقم بعمل الحشد اللازم لإسقاط المرشح الإسرائيلي كما تم سابقا في العام 2016 أم أنها تغافلت أو سكتت عن عمد بطلب من البعثة المصرية كما تناقل بداخل مجلس حقوق الإنسان”.
وقال مفرح في حديث لـ”العدسة” : في العام ٢٠١٦ حاول المندوب نفسه ترشيح نفسه كرئيس للجنة إلا أنه تم رفضه وانتخب مندوب اليابان، فلنا أن نسأل ماذا حدث الآن بعد عامين من عضوية إسرائيل في تلك اللجنة وكيف له أن ينجح الآن فيما خفق فيه منذ عامين؟ خاصة أن ترشيح وانتخاب إسرائيلي سابقة في تاريخ عمل مجلس حقوق الإنسان حيث يقف أمام ترشيح إسرائيل بداخل لجان حقوق الإنسان أو الحصول على مناصب المجموعة العربية ومجموعة منظمة التعاون الإسلامي”.
وتساءل مفرح : كيف يتم قبول ترشيح إسرائيلي في لجنة من ضمن أهدافها إنهاء الاحتلال والاستعمار؟؟!!، لكنه استدرك قائلا :” نحن نعلم أن نظام السيسي في أوج تطبيعه مع النظام الإسرائيلي لكن ماذا عن النظام التونسي والموريتاني وكيف لهم أن يستمروا في مثل تلك اللجنة فبالرغم من إعلان مندوب تونس أنه لم يكن متواجدا أثناء اختيار المندوب الإسرائيلي إلا أن هذا لن يغفر له الاستمرار”.
ردود متباينة !
ورغم الاتهامات إلا أن الجهات الرسمية في موريتانيا تسرد رواية مخالفة ، حيث نفى سيدي محمد ولد محمد، رئيس حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم في موريتانيا، أن تكون بلاده قد صوتت لصالح تولي إسرائيل لرئاسة لجنة حقوق الإنسان، وقال ولد محمد في تغريدة على تويتر: ” التصويت لم يقع أصلا، وأن عنصر العدو تولى رئاسة اللجنة تلقائيا خلفا لرئيسها الذي كان نائبه بعد مغادرة الأول لمنصبه ” مضيفا أن ” موقف موريتانيا من العدو الإسرائيلي لن يتبدل أو يتغير مادام هناك عدوان واحتلال ولاجئون، فقد سبق لموريتانيا أن قطعت علاقاتها مع الكيان الصهيوني عام 2009 عندما وصل الرئيس الحالي محمد ولد عبدالعزيز إلى الحكم، في خطوة كانت محل ترحيب كبير من الموريتانيين والفلسطينيين”.
أما في تونس ، لقى الأكاديمي التونسي عياض بن عاشور عضو اللجنة المتهم بالتصويت لصالح الكيان الصهيوني، هجوما عنيفا، ووصفت صحيفة “تونس الآن ” الإجراء بالصادم والتجاوز الدبلوماسي غير المسبوق، وتساءلت كيف ينتمي بن عاشور إلى بلد تقول أحدث المؤشرات أن 93 % من التونسيين ضدّ التطبيع مع الكيان الصهيوني، مؤكدة أن الموقف التاريخي للدبلوماسية التونسية يفرض عدم التصويت للصهاينة في هياكل الأمم المتحدة، مستنكرة عدم إعلان توضيح رسمي من وزارة الخارجية التونسية أو من البعثة التونسية في الأمم المتحدة.
سيرة مشبوهة !
الصعود المشبوه للصهيوني”يوفال شاني ” جاء في ظل مقاطعة شاملة من دولة الاحتلال الصهيوني لكافة أنشطة الأمم المتحدة، وآخرها عدم التعاون مع لجنة تحقيق أممية لرصد الانتهاكات ضد الفلسطينيين في 17 يوليو الجاري والتي من المقرر أن تصدر تقريرًا كاملاً حول مهمتها ، إلى الدورة الثالثة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة.
وفي شهر مارس الماضي اعتمد مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان 5 قرارات قدمتها منظمة التعاون الإسلامي تدين الانتهاكات والممارسات الصهيونية في الأراضي المحتلة وغزة، وهي الإجراءات التي تسببت في غضب صهيوني وأمريكي أسفر عن مقاطعة الكيان الصهيوني لمجلس حقوق الإنسان وانسحاب الولايات المتحدة منه بزعم التعصب ضد الكيان الصهيوني.
المفارقة بحسب مراقبين أن سيرة يوفال شاني تحديدا لا تدلل على أنه من أولئك الحريصين على احترام حقوق الإنسان، حيث أن سلوكه المهني يدلل على أنه ذو توجهات تنسجم مع سياسات المؤسسة الحاكمة، فإلى جانب شغله منصب عميد كلية الحقوق في الجامعة العبرية في القدس المحتلة، فإن شاني يتولى حاليا منصب نائب رئيس “المركز الإسرائيلي الديموقراطي”؛ الذي يعد إحدى المؤسسات التي تقدم تقديرات وتوصيات قانونية لخدمة المؤسسات المختلفة في الدولة، وتكفي الإشارة إلى أن يوحنان فلسنر، الذي يترأس هذا المركز، ويعد الرئيس المباشر لشاني كان قائدا في وحدة “سييرت متكال” التي تتولى تنفيذ عمليات الاغتيال والتصفية ضد العرب والفلسطينيين إلى جانب دورها في جمع المعلومات الاستخبارية عن العالم العربي.
سيناريوهات مقلقة !
وبحسب مصادر العدسة في مفوضية حقوق الإنسان في جنيف فإن اللجنة التي وصل إليها الأكاديمي الصهيوني هي لجنة واحدة تضم 18 خبيرا من مختلف القارات من ضمن لجان متعددة ، تجتمع ثلاث مرات في السنة للنظر في تقارير الدول حول التزامها بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وقد تستقبل شكاوي فردية قد تكون ذات تأثير عليها ، لكن يوجد غيرها العديد من اللجان التي تمارس عملها تحت رئاسة مفوضية حقوق الإنسان كلجنة مناهضة التمييز ولجنة حقوق المرأة ولجنة حقوق الطفل.
المقلق بحسب المصادر أن رئاسة صهيوني للجنة حقوق الإنسان مثله مثل انتخاب النظام السعودي للجنة مناهضة المرأة لن يساعد إلا في اهتزاز ثقة المجتمع الحقوقي في مدى مهنية تلك اللجان وتعاطيها مع تطلعات الشعوب المناهضة للاحتلال والاستعمار والمطالبة بحقوق الإنسان، كما أن انتخابه لرئاسة لجنة هامة مثل لجنة حقوق الإنسان قد يؤدي إلى استغلال الأنظمة القمعية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لهذا الأمر ويجعلها تستغل ذلك في إيقاف تعاونها مع اللجنة بحجة “التطبيع” ما قد يؤدي إلى إيقاف ملف هام من ملفات متابعة دول المنطقة القمعية.
نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس موسى أبو مرزوق أعرب هو الآخر عن أسفه من التصويت لصالح رئاسة إسرائيل لإحدى لجان مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، مرجحا حدوث توابع مؤسفة لهذا التصويت ، وتساءل في تغريدة له على موقع تويتر:” كيف يمكن الارتقاء بأمتنا ، فهناك الكثير من الغرائب صعبة التصديق لكن أن ترأس (إسرائيل) مجلس حقوق الإنسان ومعظم قراراته إدانة واضحة لهذا الكيان العنصري الغاصب”.
وبحسب مراقبين ، يمثل انتخاب يوفال شاني مرشح إسرائيل رئيسا للجنة حقوق الإنسان مظهراً من مظاهر التناقض الذي بات يتصف به المشهد الدولي، فممثلو الدول الأعضاء في اللجنة اختاروا رئيساً له تحديداً ممثل “الدولة”، التي لا تفوت فرصة التعبير عن ازدرائها للمنظمات الحقوقية والدولية وتأكيدها على عدم منح أي وزن لمقرراتها، وتحديداً مجلس حقوق الإنسان ذاته، فقد بات “اللص أميناً للخزانة بمفاتيح عربية” رغم تصاعد أنشطة حركة المقاطعة الدولية على إسرائيل (BDS)، بسبب ممارستها الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني، وتوقيع العشرات من الدبلوماسيين والباحثين الإسرائيليين قد وقّعوا على عريضة تطالب بفرض عقوبات دولية على إسرائيل بفعل سلوكها وتعمدها المس بالقانون الدولي!
اضف تعليقا