العدسة _ جلال إدريس

مع تراجع ترتيب القوات المسلحة الإماراتية في تصنيفات المؤشر العالمي الأحدث لأقوى جيوش العالم لعام 2018 الصادر عن مؤسسة «جلوبال باور فاير»، والذي يتضمن ترتيب جيوش 136 دولة حول العالم، فإنَّ التساؤلات تتزايد عن أسباب هذا التراجع، في وقت تنفق فيه الإمارات مليارات الدولارات على تسليح الجيش وإعداده.

ووفقًا  لتصنيفات المؤشر العالمي لأقوى جيوش العالم لعام 2018 الصادر عن مؤسسة «جلوبال باور فاير» فإنَّ الجيش الإماراتي تراجع 5 مرتبات عالمية مقارنة مع العام الماضي؛ حيث احتل الجيش الإماراتي المرتبة الـ65 عالميًا، بعد أن كان في المرتبة الـ60 في مؤشر 2017، في تراجع آخر أيضًا، كونه كان في المرتبة الـ58 لعام 2016.

ومن المثير للجدل أنّ جيشي العراق وسوريا تفوقا على الجيش الإماراتي، رغم الحروب والنكبات المتتالية التي مرَّت بالجيشين، فضلًا عن كون الإمارات من أكثر الدول العربية الحريصة على إنفاق عشرات المليارات على تسليح جيشها، وذلك عن طريق  من صفقات أمريكية وبريطانية وروسية وأوروبية، فضلًا عن أن مسؤولي الدولة يؤكدون من حين لآخر امتلاك القوات المسلحة أحدث التقنيات العسكرية المتطورة في العالم من معدات عسكرية وذخائر ومعدات اتصال وتدريب ومناورات.

“العدسة” ومن خلال التقرير تستعرض منهجية المؤشر، ومعاييره التي على أساسها يصنف الجيوش في خانة التقدم والتراجع، إلى جانب رصد بعض النقاط التي ربما تكون السبب في تراجع تنصيف الجيش الإماراتي عالميًا:

منهجية المؤشر

ووفقًا لتقرير نشره موقع “ساسة بوست”، فإن المؤشر يعتمد في تصنيفه على 55 عاملًا، من بينها الميزانية العسكرية لكل بلد، وكمية المعدات الموجودة في الترسانة العسكرية للجيش وتنوعها وتوازنها، والموارد الطبيعية، والعوامل الجيوجرافية واللوجيستية والصناعة المحلية، والقوى البشرية.

ووفقًا لأحدث التصنيفات فقد تصدرت أمريكا ترتيب المؤشر بحصولها على درجة إجمالية بلغت 0.0818، فيما حلّت روسيا ثانيةً بحصولها على درجة إجمالية بلغت0.0841، فيما جاءت الصين في المركز الثالث بحصولها على درجة إجمالية بلغت 0.0852.

ما هي قوة جيش الإمارات؟

يصل عدد الجنود العاملين في الجيش 64 ألفًا في الجيش الإماراتي، ولا يوجد في الجيش قوات احتياطية، وفقًا لتقرير سابق  لموقع “جلوبال فير بور” الأمريكي.

وتتجاوز ميزانية الدفاع الإماراتية 14.3 مليار دولار، وتضم القوات الجوية للإمارات 536 طائرة حربية بينها 104 مقاتلات و96 طائرة هجومية، إضافة إلى طائرات الشحن العسكري، وطائرات التدريب، فيما يمتلك الجيش الإماراتي 203 مروحيات في الجيش الإماراتي.

وتضم القوات البرية الإماراتية 464 دبابة و2200 مدرعة و177 مدفعًا ذاتي الحركة و105 مدافع ميدانية و54 راجمة صواريخ.

ويتكون أسطول الإمارات الحربي من 75 سفينة إماراتية، ويقع مقر الجيش الإماراتي الرئيسي في أبو ظبي.

وأسوة بسياسات دول أخرى بالمنطقة العربية، عززت سلطات أبو ظبي السنوات الأخيرة صفقاتها العسكرية، لاسيما ما يخص شراء نظام بطاريات صواريخ باتريوت الأمريكية، كما طلبت الإمارات شراء نظام “ثاد” لاعتراض الصواريخ في الارتفاعات العالية جدًا.

سوريا والعراق تتفوق على الإمارات

ومن المثير للجدل في التصنيف الأخير  الصادر عن مؤسسة «جلوبال باور فاير» لعام 2018، أن الجيش العراقي، وجيش النظام السوري جاءا في ترتيب متقدم عن الجيش الإماراتي.

وعلى مستوى العالم العربي، جاء ترتيب الجيش الإماراتي رقم 7، حيث جاء ترتيب أعلى 10 جيوش عربية كالآتي:

1 – مصر واحتلت  المركز رقم 12 عالميًا، 2-  الجزائر بحلولها في المركز رقم 23 عالميًا، 3-السعودية، بحلولها في المركز رقم 26 عالميًا، 4- العراق، بحلولها في المركز رقم 47 عالميًا، 5- سوريا، بحلولها في المركز رقم 49 عالميًا،، 6- المغرب، بحلولها في المركز رقم 55 عالميًا، وحصولها على درجة إجمالية بلغت 0.9125.7- الإمارات، بحلولها في المركز رقم 65 عالميًا، 8- اليمن، بحلولها في المركز رقم 66 عالميًا، 9- السودان، بحلولها في المركز رقم 70 عالميًا، 10- ليبيا، بحلولها في المركز رقم 74 عالميًا.

حرب اليمن والخسائر المتتالية

وفقًا لمراقبين فإن أحد أبرز أسباب تراجع تصنيف الحيش الإماراتي هي تلك الخسائر التي مُنِي بها الجيش الإماراتي في حربه على اليمن على مدار ثلاث سنوات؛ حيث يشن الجيش الإماراتي حربًا شرسة على الأراضي اليمنية إلى جانب القوات السعودية، بحجة السيطرة على النفوذ الحوثي الإيراني، وإعادة الشرعية لليمن المتمثل في حكم الرئيس هادي.

ووتتكتم الإمارات بشكل كبير على خسائرها العسكرية (سواء كانت بشرية أو آلات قتالية في اليمن) إلا أن أخبارًا تتسرب لوسائل الإعلام بين الحين والآخر تكشف حجم الخسائر الفادحة التي تمنى بها القوات الإماراتية في اليمن.

وبين قتل جنود، وسقوط طائرات، شهد الجيش الإماراتي العديد من الحوادث المؤسفة، أبرزها ما وقع قبل عامين، حين تعرضت الإمارات لأكبر ضربة خلال الحرب في اليمن، في الرابع من سبتمبر 2015، بقصف نفّذته “جماعة أنصار الله” (الحوثيين) والقوات المتحالفة معها، استهدف بصاروخ “توشكا” الباليستي، وهو روسي الصنع، تجمعًا لجنود “التحالف” ويمنيين موالين للشرعية، أدت لقتل العشرات من جنود الإمارات.

ووفقًا للإحصائيات المعلنة، قُتل نتيجة القصف 45 عنصراً على الأقل من الجيش الإماراتي، بينهم ضباط، بالإضافة إلى عشرة من السعوديين، وخمسة من القوات البحرينية، فيما أعلنت مصادر في وزارة الدفاع اليمنية التابعة للشرعية مقتل 32 جندياً من أفراد الجيش اليمني، نتيجة القصف الذي خلّف أيضاً عشرات الإصابات في صفوف الجنود.

وبالإضافة لذلك فإن تقارير غير رسمية، صادرة عن مراكز “حوثية” تؤكّد تجاوزت الخسائر البشريه للإمارات وبقية الدول المشاركه في العدوان الــ 1839 قتيلًا وجريحًا و626 جنديًا وضابطًا ومشرفًا ومستشارًا من جنسيات عالمية وعربيه وإسلامية أغلبهم من الجنسيه السودانية والكولومبية والباكستانية.

سيطرة الأجانب على المناصب بالجيش

بحسب مراقبين فإنّ سيطرة الأجانب على المناصب القيادية في الجيش الإماراتي تعد أيضًا أحد أسباب تراجع تصنيف الجيش الإماراتي، حيث لا يقود الجيش الوطني مواطنون من أبناء الدولة، وهو ما يشعر المجندين الإماراتي بعدم الانتماء للجيش الذي يتحكم فيه أجانب.

وعلى سبيل المثال لا الحصر، فإنّ قيادة قوات النخبة الإماراتية المنتشرة في اليمن كجزءٍ من التحالف الذي تقوده السعودية يقودها شخص أسترالي الجنسية يدعى «مايك هندمارش»، يبلغ من العمر 59 عاما، وهو ضابط كبير في الجيش الأسترالي والذي يتولى علنًا منصب قائد الحرس الرئاسي في دولة الإمارات العربية المتحدة.

ويتكون الحرس الرئاسي من وحدة تضم مشاة البحرية والاستطلاع والطيران والقوات الخاصة وألوية ميكانيكية، وقد أشرف «هندمارش» على تشكيل الحرس في أوائل عام 2010 بعد وقت قصير من توليه وظيفته التي تكلف البلاد 500 ألف دولار سنويًا معفاة من الضرائب.

ويلعب الحرس الرئاسي دورًا محوريًا في التحالف الذي تقوده السعودية، كما أنه متهم بارتكاب مجازر إنسانية ضد اليمنيين المدنيين.

قيادات أمريكية وأوربية أيضا تقود وحدات عسكرية في الجيش الإماراتي، فضلا عن آلاف المرتزقة، الأمر الذي تبرره الإمارات بأنها اتبعت مبدأ جلب الخبرة لتطوير الجيش.

ولا يعرف بالتحديد عدد الأجانب في الجيش الإماراتي إلا أنّ العديد من الجنود ذوي الخبرة، الأستراليين منهم على وجه الخصوص، يتولون مناصب عليا في قوة النخبة في الإمارات.

الإفراط في الاستعانة بمرتزقة

أيضًا فإنّ من أحد عوامل تراجع الجيش الإماراتي هو الإفراط في الاستعانة بمرتزقة للقتال في صفوف الجيش الإماراتي.

ومع قلة أعداد الجيش الإماراتي وعزوف المواطنين عن الالتحاق بالجيش لشعورهم أنهم يخوضون حروبًا ليست لهم، ووجدت الإمارات في “المرتزقة”  الكنزَ الذي تبحث عنه؛ إذ سارعت لتوقيع عقد مع “بلاك ووتر” بقيمة نصف مليار دولار سنويًّا لعدد 800 مرتزق كولومبي تم تدريبهم على حرب العصابات والسيطرة على المظاهرات وغيرها من التدريبات.

وقبل خمس سنوات استقدمت الإمارات كولومبيين إلى أبو ظبي على أنهم عمال بناء، لكن “التايمز” البريطانية كشفت أنهم مقاتلون كولومبيون مرتزقة يعملون ضمن شركة “بلاك ووتر”، جاءوا إلى الإمارات لتأدية مهام أمنية وعسكرية.

ويحصل المرتزقة المقيمون في الإمارات على أجور أعلى من تلك التي تقدم لهم في بلدهم، وتذكر مجلة “سيمانا” الكولومبية أن “الإمارات تدفع للمجند بين 2800 $  و18000 $ اعتمادًا على رتبته، فيما يكسب الجندي في بلده وهو جندي 530 $  شهريًّا في المتوسط”.

ولم تقتصر جنسيات المرتزقة في الإمارات على الكولومبيين؛ إذ إن الإمارات استأجرت في السابق عسكريين من باكستان والنيبال، واتجهت الإمارات في السنوات الأخيرة نحو ترسيم الأكثر تدريبًا من دول مثل كولومبيا، وبنما، وكوريا الجنوبية، حسب صحيفة نيويورك تايمز.

وقد أعربت الحكومة الكولومبية في وقتٍ سابقٍ عن قلقها من النزوح الجماعي لجنود بلادها للعمل مرتزقة في الإمارات، واصفة النازحين بأنهم الأعلى تدريبًا، ونقل عن نائب وزير الدفاع الكولومبي خورخي بيدويا قوله “نحن قلقون من استمرار تدفق جنودنا الجيدين والتخلي عن قواتنا؛ إن الجنود يجذبهم ارتفاع الأجور التي تدفعها الإمارات التي تقدر بثلاثة أضعاف أو أكثر مما ندفعه هُنا”. مشيرًا إلى أنّ “الجنود لديهم الكثير من الخبرة واستغرق الأمر جهدًا كبيرًا لتدريبهم بشكل جيد”.