فاز عمدة لندن السابق، وأحد صقور حزب “المحافظين”، المثير للجدل بوريس جونسون، بزعامة حزب المحافظين البريطاني خلفاً لتيريزا ماي ليتولى رئاسة الحكومة ويأخذ الراية ويكمل ما بدأته.

ويعتبر جونسون شخصية غريبة الأطوار، ومعروف بتصرفاته المندفعة وغير المألوفة، كما أنه يتم انتقاد مظهره وتسريحة شعره المثيرة للسخرية، وغالباً ما يكون سليط اللسان.

جونسون البالغ من العمر 55 عاماً قاد معكسر المطالبين بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) بشراسة، ويعزز وصوله إلى السلطة احتمال خروج بلاده من الاتحاد من دون اتفاق.

إذ تتمحور مهمته الآن في أن ينجح حيث أخفقت ماي؛ أي في قيادة البلد للخروج من الاتحاد الأوروبي تنفيذاً لرغبة البريطانيين في استفتاء 23 يونيو 2016.

ويرى كثيرون أن نشاط جونسون للخروج من الاتحاد الأوروبي قبل استفتاء عام 2016 كان وسيلة لإشباع طموحاته الشخصية.

كما أكد عقب فوزه برئاسة الحزب الحاكم اليوم الثلاثاء، أنه سينجز بريكست في 31 أكتوبر القادم حتى لو لزم الأمر أن يكون خروجاً من دون اتفاق إذا رفض الاتحاد الأوروبي إعادة فتح المفاوضات.

وتلقى عدة مرات دعم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إذ قال: “أحب بوريس جونسون كثيراً، لقد تحدثت إليه أمس، أعتقد أنه سيقوم بعمل ممتاز”، مهاجماً في الوقت نفسه ماي “التي قامت بعمل سيئ جداً بشأن بريكست”.

ولطالما وصف جونسون نفسه بـ”الصهيوني المتحمس”، ووقف بوجه الحملات المطالبة بمقاطعة “إسرائيل”، مبرراً موقفه بأنه “من الغباء مقاطعة البلد الديمقراطي الوحيد في الشرق الأوسط”.

مواقف مثيرة ومعاداة للإسلام

رصد الخليج أون لاين العديد من المواقف المثيرة للجدل في حياة جونسون وقوفه بوجه انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي بقسوة، وممارسته لسياسة “تركفوبيا” على الناخب البريطاني لإقناعه بالتصويت للخروج من الاتحاد، مدّعياً أن تركيا أقرب من أي وقت مضى للانضمام، وأن ذلك سيؤثر سلباً في المواطن البريطاني.

ورغم عدائه لتركيا فإنه من أصول تركية مسلمة، فجدّه هو وزير الداخلية العثماني، عثمان كمال علي، إبان حكم السلطان محمد السادس، بين العامين 1918 و1922، وكانت نهايته الإعدام شنقاً والسحل في شوارع العاصمة أنقرة، بعد اختطافه من إسطنبول على يد قوات المقاومة التركية التابعة لمؤسس الجمهورية، مصطفى كمال أتاتورك، خلال حرب الاستقلال؛ لمحاكمته بتهمة العمالة للإنجليز.

ومن مواقفه الغريبة، حين تم سؤاله في حوار على قناة “فرانس 2” عندما كان عُمدة لندن، عن طموحه لتولي منصب رئيس وزراء بريطانيا أجاب: “أعتقد أن لدي فرصة أكبر أن أتحول إلى فريسبي (صحن طائر)، أو أن أصبح شجرة زيتون، من أن أصبح رئيساً للحكومة البريطانية”.

وكان جونسون شخصية محرجة لبريطانيا، ففي أحد المواقف التي أحرجت بلاده قام بإحضار سمكة نيئة معلبة إلى مؤتمر صحافي.

كما اتهمه البعض بأنه معاد للإسلام والمسلمين، خاصة بعدما كتب مقالاً في مجلة الشاهد في 16 يوليو 2005 -عقب الهجمات الانتحارية في لندن- ينتقد المسلمين، وانتقد جونسون (كان عمدة لندن حينها) ما وصفه بالرؤى التخيلية لواقع أوروبا المرير، ودعا إلى ضرورة مواجهة السياسة المعادية للإسلام بتذكر ما يدين به الغرب لحضارة المسلمين في إسبانيا.

وكتب جونسون في عام 2007، أن الإسلام “تسبب في تخلف العالم الإسلامي لقرون”، ورأى أن “كل بؤرة متوترة في العالم تقريباً لها علاقة بالإسلام، من البوسنة إلى فلسطين والعراق فكشمير”. 

ووصف في عدة مواقف المسلمات المنقبات بصناديق البريد ولصوص المصارف.

من جهة أخرى، يتصف جونسون بالعنصرية، إذ هاجم الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما بسبب أصوله الأفريقية.

مناصب هامة في حياته

الزعيم الجديد للحزب الحاكم هو صحفي وسياسي بريطاني أمريكي ناجح ورئيس تحرير صحيفة “ذا سبيكتور” (The Spector)، وهو الأول في استطلاعات الرأي والمفضل لدى قاعدة حزب المحافظين.

اختارته ماي يوم 13 يوليو 2016 وزيراً للخارجية في حكومتها الجديدة التي أعقبت استقالة سلفها ديفيد كاميرون.

وكان جونسون عمل محافظاً لمدينة لندن منذ العام 2008، وكان عضواً في برلمان هينلي منذ عام 2001 وحتى 2008، وبالإضافة إلى كونه عضواً في مجلس المحافظين فهو أيضاً مؤرخ.

وخلال فترة توليه منصب عمدة لندن ارتفعت أسعار النقل العمومي، وشهدت العاصمة البريطانية عدة نزاعات مع النقابات حول الأسعار، ما جعل العديد من البريطانيين يشككون في قدرات جونسون كسياسي.

ومن الأمور التي ساعدته على رفع شعبيته وسط البريطانيين بشكل عام، وداخل حزب المحافظين بشكل خاص، نجاح دورة الألعاب الأولمبية بلندن عام 2012.

وعندما استقال جونسون من منصب عمدة لندن، نشرت الصحف البريطانية مجموعة من أفضل التعليقات التي صرح بها؛ ورغم أن زلات لسانه محبوبة لدى الناس، فإنها قد لا تتناسب مع منصب رئيس الوزراء.

ولادته وبداياته الصحفية

ولد جونسون في نيويورك بشهر يونيو من العام 1964 لأبوين بريطانيين وبعدها انتقلت العائلة الى بريطانيا، وكان كلا والديه ناجحين ما دفع بالطفل بوريس إلى أن يكون منافساً قوياً منذ طفولته، وكان طالباً جيداً ما أدى إلى مكافأته بمنحة ملكية للدراسة في جامعة إيتون المرموقة، ومن ثم ذهب بعدها للدراسة في جامعة أوكسفورد.

وشرع رئيس وزراء بريطانيا الجديد في بداية حياته بالعمل في مهنة الصحافة مع صحيفة “ذا تايمز” (The Times) ليحصد منها نجاحاً مهنياً ملحوظاً، وليأخذ بعدها منصب رئيس التحرير في “ذا سبيكتور” من عام 1999 حتى 2005.

وبجانب اهتمامه بالصحافة فقد اهتم بوريس أيضاً بالمجال السياسي بشدة، وتم انتخابه كعضو برلمان في مجلس العموم في 2001، ليصبح بعد ذلك بوقت قصير شخصية سياسية معروفة.

ثم ذهب بعد ذلك ليخدم في جبهة مقاعد البدلاء المعارضة كوزير ظل للثقافة والتواصل والابتكار التجاري والتعليم العالي، وهو يعتبر شخصية مثيرة للجدل في السياسة والصحافة البريطانية بسبب شخصيته المبهمة والغامضة وتباين الآراء المؤيدة والمعارضة له.